شرعت وزارة الاقتصاد والمالية واصلاح الادارة مشكورة على مجهودها في تنظيم العمل عن بعد بموجب مشروع مرسوم اعدته مصالحها المعنية وهو الان في موقع الدراسة من لدن القطاعات الحكومية قبل عرضه على المجلس الحكومي من اجل التداول بشأنه والمصادقة عليه او تأجيلها أو رفضه.
واذا كان النص يهدف الى تنظيم مستجد شهدته الادارة العمومية المغربية ابتداء من 16 مارس 2020 بموجب منشور السيد وزير الاقتصاد والمالية واصلاح الادارة رقم 1 / 2020 ودفعها نحو مواكبة تطورات التدبير العمومي الحديث كما يهدف الى الرفع من مردودية ونجاعة العمل الاداري على اعتبار ان توقيت العمل عن بعد غير محصور بتوقيت الحضور الاجباري للادارة بقدر ما يمتاز بالمرونة شريطة العمل خلال اليوم الواحد ثماني ساعات كما يحدد انواع العمل عن بعد ويلزم الادارة بتجهيز مكتب الموظف المعني بالامر بالوسائل التكنولوجية للتواصل مع الادارة الى غير ذلك من الايجابيات التي تستحق التثمين والاشادة ورفع القبعة للقطاع الحكومي المكلف باصلاح الادارة على الروح التقدمية في اعداد النص الا انه ومن باب المساهمة في النقاش واثارة الجانب السلبي في النص على امل ان يثار النقاش بخصوصه ويتراجع عنه قبل المصادقة عليه هذا الجانب يتجلى في الاقتطاعات التي سيخضع لها الموظف المستفيد من العمل عن بعد والتي تتجلى في التعويض عن التنقل والتعويض عن الاقامة والتعويضات الاخرى خارج النصوص التشريعية والتنظيمية (الفقرة الاخيرة من المادة 3) واذا كان مقبولا حرمان الموظف من التعويض عن التنقل نظرا لكونه لا يتحمل عناء التنقل للادارة ومن خلالها تكاليف وسائل النقل وطبعا تكاليف التغذية خارج بيته (مرتفعة مقارنة مع تغذية البيت) فإن حرمانه من تعويض الاقامة والتعويضات الاخرى خارج النصوص التشريعية والتنظيمية (تحفيزات) تعد غير منطقية لماذا؟
1- الموظف سيخصص فضاء من بيته لخدمة الادارة وسيتحمل تكاليف الكهرباء التي ستستهلكها الألات التقنية التي ستمنحه إياها الادارة من أجل انجاز مهامه كما ان العمل عن بعد لا يعفيه من حق الاقامة الذي تمنحه الدولة من اجل مساعدة الموظف على السكن وبالتالي فحرمانه من التعويض عن الاقامة مجحف في حقه
2 – الموظف سيؤدي مهامه للادارة وقد تمتاز بنجاعة واحترافية عالية الا انه سيتقاضى اجرته خالية من تعويض الاقامة ومن التحفيزات وحسب المشروع كذلك من التنقل (كما اسلفت الذكر أعلاه اقتطاع معقول) الشيء الذي لا يستقيم مع هدف النص المتمثل في الرفع من جودة ومردودية العمل الاداري للموظف لأن هذا الاخير لن يكلف نفسه عناء تقديم الافضل للادارة وعناء البحث والابتكار (الحديث هنا عن الاطر والاطر العليا) عن المعطيات والمعلومات و عن الحلول الناجعة للمشاريع المكلف باعدادها بل سيقتصر على اعداد المطلوب منه في أقل ما يمكن تقديمه وهو ما سينعكس سلبا على تطوير اساليب تدبير المرفق العام وعلى الخدمات العمومية التي سيقدمها
وعليه، فان مصادقة الحكومة على النسخة الاصلية للنص دون الغاء هذا المقتضى المجحف من شأنه تركه بعد اصداره بالجريدة الرسمية وبداية سريانه مجرد حبر على الورق خاصة وأنه يحمل بين طياته اثارا مادية من شأنها الانعكاس على الوضعية الاجتماعية للموظف المستفيد وبالتالي لا تشجعه على طلب الاستفادة من المسطرة، وقد يتحول النص من عمل عن بعد الى الاستفادة من اجازة طويلة الامد بالنسبة للمرأة الموظفة الحامل او للموظف (ة) المريض (ة) (على المستوى الفعلي وليس النظري) كما قد يتحول كذلك الى تمديد فعلي لمسطرة التوقف المؤقت عن العمل (الاستيداع) الى ما غير ذلك من اثار ومن تطبيقات سلبية للنص.
*باحث في القانون الدستوري والعلوم السياسية – جامعة محمد الخامس- الرباط
اعتقد ان نية المشرع انصرفت الى التعويضات الاضافية التي يمكن ان يطالب بهه الموظف الذي سيكلف بالعمل عن بعد والحال ان التعويضات عن السكن والتنقل التي يستفيد منها جميع الموظفين العموميين هي حق مكتسب لا يمكن المساس بها