شارك المقال
  • تم النسخ

دلالات الأغنية السياسية المعارضة في المجتمع المغربي: الألتراس والراب

خلال السنوات الأخيرة، انتشرت الأغنية السياسية المعارضة بشكل لافت في أغاني الشباب المغاربة، سيما في أغاني الألتراس والراب، حيث صدحت مدرجات الملاعب الرياضية، بأغان سياسية، من قبيل “فبلادي ظلموني”، و “قلب حزين”، ثم أغنية اتحاد طنجة بعنوان “هاذي بلاد الحكرة”. وفي أغنية سياسية معارضة بعنوان “عاش الشعب”، صادرة في أواخر أكتوبر 2019، على قناة اليوتوب، تغنى ثلاثة شبان مغاربة من فناني الراب، بنفس تمردي، وبكلمات راديكالية، ممزوجة بعبارات السب، تجاوزت بعض كلماتها الذوق العام والحس المشترك، معبرين عن مشاعر الحقد والسخط على الأوضاع السياسية، والاجتماعية بالمغرب، منتقدين مؤسسة الملك، ومتجاوزين بذلك، أحد الثوابت الأساسية الجامعة للأمة، والتي اعتبرها الدستور رمزا لوحدتها.

إلى جانب وصف جل التحليلات للأغاني السياسية للألتراس كتعبيرات جديدة، أو أشكال جديدة من الاحتجاج، يمكن اعتبارها أيضا إلى جانب الراب، انطلاقا من أدبيات علم السياسة، كنوع من السلوك السياسي يبرز مواقف هؤلاء الشباب تجاه السياسة عبر مجال الفن. إذ يعد السلوك السياسي، في أدبيات علم السياسة كنوع من السلوك المعبر عن الاهتمام بالشأن العام، مثل التصويت في الانتخابات، المشاركة في المظاهرات، أو مجرد اهتمام بالشأن العام عبر تتبع الأخبار وقراءة الجرائد، إلى جانب توظيف العنف، أو اتخاذ موقف.

ويوجد على الأقل مبرر رئيس لتصنيف الأغاني السياسية لدى الشباب ضمن السلوك السياسي، يتمثل في نسبة الامتناع الكبيرة عن السياسة لدى الشباب المغاربة، مما أعطى الفرصة لمجالات أخرى لتعبير الشباب بطريقتهم عن مواقفهم السياسية. حيث سبق للباحثة الفرنسية آن مكسيل أن اعتبرت أن الامتناع عن السياسة ظاهرة عالمية، والشباب يعبرون عن السياسة بطريقتهم، في حين تعبر أغاني الألتراس عن الوعي السياسي للشباب، والبعد الاندماجي، تبرز أغنية “عاش الشعب” إلى جانب موقفها الراديكالي تجاه السياسة، تنامي مشاعر الحقد لدى فئة من الشباب.

فما الذي يجعل هذه الفئة تتبنى مواقف راديكالية تجاه السياسة؟ وما الذي يجعلهم حاقدين ؟

سنقتصر في هذه المقالة على أغاني الألتراس الثلاث عبر أغنية “فبلادي ظلموني” لجمهور فريق الرجاء، و”قلب حزين”، لمشجعي فريق الوداد، ثم أغنية اتحاد طنجة”هاذي بلاد الحكرة”، إلى جانب أغنية “عاش الشعب”، لنطرح بعض الفرضيات الممكنة، والتي يرجح أنها قد تكون مفسرة للراديكالية ومشاعر الحقد.

أولا: الموقف السياسي في الأغنية السياسية المعارضة

لا يقتصر اتخاذ مواقف سياسية في مجال الفن فقط على الأغنية المعارضة، بقدر ما يزخر الرصيد الفني المغربي بريبيرتوار ضخم من الأغاني الوطنية التي تغنت بأعمال السلطة، والتي اتخذت بعدا جماهيريا، ما فتئ يتوسع خلال السنوات الأخيرة، متجاوزا بذلك الأغنية الكلاسيكية إلى الأغاني الشعبية. فبعد أغاني اسماعيل أحمد، وعبد الوهاب الدكالي، والمعطي بلقاسم، ومحمود الإدريسي،…. تشهد السنوات الأخيرة عودة الأغنية السياسية الوطنية عبر الأغاني الشعبية أو الجماهيرية.

وحسب محمد هُمام، في كتاب الفن المغربي جاذبا للاندماج الاجتماعي، ارتبطت السياسة بالغناء على طول الوطن العربي، بل وفي العالم. وقد شكل النص الغنائي مكونا أساسيا في المشهد السياسي المغربي، أكان ما تعلق بالدولة أم بالقوى الاجتماعية الواسعة. كما شكل النص الغنائي بعد الاستقلال أداة من أدوات الصراع على السلطة.استنادا على كتاب محمد همام، ساهم النص الغنائي في مرحلة الاستعمار في إذكاء الشعور الوطني وبناء الهوية الوطنية الجامعة، ليتحول بعد الاستقلال إلى أداة لبناء الدولة، أو نقدها.

ففي مقابل الأغنية الوطنية، سعت المعارضة إلى توظيف الأغنية لتكريس شعبيتها وفك الحصار المضروب عليها في وسائل الإعلام العمومي. وبرز ضمن مطربي اليسار الفنان سعيد المغربي، مع استعارة أغاني مارسيل خليفة والشيخ إمام وأغاني الفلسطينيين وتكييفها مع السياق السياسي المغربي، فأصبحت الأغنية السياسية المعارضة تمثل النقيض الفني للأغنية الوطنية، إذ تقوم من حيث المضمون على النقد.

ويضيف محمد هُمام، أنه في ظل الاحتقان الاجتماعي والسياسي، ظهرت مجموعة ناس الغيوان ، لتقدم خطابا غنائيا، حاملا هم التعبير عن إحساس المجتمع. في حين شهدت فترة الثمانينات تراجع الأغنية الوطنية.

وفي التسعينات، مع سياسة الانفتاح الديمقراطي، عرف المغرب موجة الراب، الذي أدخله الشباب المهاجر خلال زياراته إلى المغرب. كما وقع خلال السنوات الأخيرة، تحول لدى الألتراس الذي انتقل من تبني هوية رياضية تقتصر على تشجيع الفريق المحبب لديهم مقابل هوية الفريق الخصم، لتتجه إلى تبني مواقف سياسية تجاه الدولة والسلطة، كان آخرها رفع تيفو الغرفة 101، التي اعتُبرت كدلالة على تراجع الحريات. إذ لا تعدو أغاني الألتراس والراب مجرد تعبير عن مشاعر سياسية لفئة من الشباب، بقدر ما تعبر أيضا عن موقف سياسي، يتمثل في التعبير عن همومهم من الأوضاع السياسية والاجتماعية.

في هذا السياق، يعتبر سعيد بنيس، في دراسة له بعنوان تمثلات الخطاب الاحتجاجي للألتراس في المغرب وتأثيراته السياسية، في مجلة لباب، أنه فيما مضى كانت الجماهير الرياضية ترفع لافتات ضد المؤسسات الرياضية، واليوم أصبحت المضامين ذات المرجعية السياسية والحقوقية تطغى على الشعارات داخل الملاعب. ومع تراجع الوساطة المدنية والسياسية، أضحت الملاعب تشكل تعويضا لمواقع الاحتجاج الكلاسيكية.في أغاني الألتراس الثلاث “فبلادي ظلموني”، “قلب حزين”، و”هاذي بلاد الحكرة”، عبر الشباب داخل المدرجات الرياضية في إطار تشجيع الفريق، عن مشاعرهم ومواقفهم السياسية من الأوضاع السياسية والاجتماعية في المغرب المتمثلة في ضعف ثقتهم في المسؤولين السياسيين، وضعف التوزيع العادل للثروة، وانسداد الأفق أمام الشباب الذين يبحث جلهم عن الهجرة. حيث يبدأ مطلع أغنية فبلادي ظلموني، بالتعبير عن معاناة الشباب الذي يعيش في وضعية حزن، وفقر، وعدم الاهتمام بالمواهب، وانتقاد تدبير المال العام، و طريقة تدبير الشأن العمومي، داعين السلطات إلى تفهمهم، لتنتهي الأغنية بذكر بعض الانتقادات الموجهة لحب الفريق، في حين يشكل الاهتمام بالفريق لدى هذه الفئة نوعا من المواساة في ظل تأزم أوضاعهم الاجتماعية.

وفي أغنية قلب حزين، لجمهور الوداد، يعبر نص الأغنية عن معاناة الشباب من قلة فرص الشغل وارتفاع نسبة البطالة، وانسداد أفق المستقبل لديهم، ومعاناتهم من الفقر ، وعدم حصولهم على فرصة شغل رغم اجتهادهم في الدراسة في دلالة على ضعف تكافؤ الفرص بين المغاربة، مع الإحساس بالدونية تجاه الآخر الذي يستفيد من الثروات “بلادي معطاتنيش تعطي للبراني”.

إلى جانب معاناتهم من أوضاعهم الاجتماعية، وكيف لا يستفيد الناس من التوزيع العادل للثروات وعن التفاوت الطبقي داخل المجتمع المغربي، وتردي أوضاع المستشفيات العمومية وخوصصتها، وانتشار الفساد، مع دعوة المسؤولين إلى الاستيفاق من سباتهم، وبأن كل الشباب لجؤوا إلى الهجرة السرية، هاربين من البلاد، منهم من عبر للضفة الأخرى، ومنهم من لقي حتفه في البحر، كما انتقدت الأغنية الإعلام الذي اعتبروه يسوق للتفاهات داعينهم بالكتابة على المساكين بدون مأوى وعلى حقوقهم المهضومة.

وفي أغنية اتحاد طنجة، يبدأ مطلع الأغنية بالتعبير عن يأس الشباب، ومعاناتهم من “الحكرة”، وضنك العيش، وضعف وعود المسؤولين، وعن الفوارق الطبقية، وضعف التوزيع العادل للثروات لتنتهي الأغنية بالرغبة في الهجرة.وعلى خلاف الموقف السياسي الاندماجي للألتراس، حيث عبروا عن انتقادهم للأوضاع السياسية والاجتماعية.

عبرت أغنية “عاش الشعب” عن نفس تمردي، حامل لشحنة من الحقد، الذي يرجح تفسيره بفرضية تراكم مشاعر القهر، والمعاناة من الوصم الاجتماعي.

ثانيا: دوافع الحقد: الإحساس بالقهر، والوصم الاجتماعي

لم تشكل أغاني فنان الراب المغربي معاذ بلغوات الذي لقبه أحد عناصر الشرطة بـ”الحاقد” بسبب طريقة تحدثه معه، الاستثناء على مشاعر الحقد لدى الشباب داخل المجتمع المغربي. حيث عبرت أغنية “عاش الشعب” عن شحنة كبيرة من مشاعر الحقد، والتي تجد تفسيراتها في المسارات الاجتماعية لهؤلاء الشباب الذين يجمعهم الانقطاع عن الدراسة، صعوبات النجاح بموهبة الراب عبر تحويلها إلى عمل مدر للمال، إلى جانب معاناتهم من مشاعر القهر عبر إسقاط تجربتهم الذاتية على باقي فئات المقهورين وتنصيب أنفسهم كمتحدثين بصوت هؤلاء لتغيير أوضاعهم الاجتماعية، والوصم الاجتماعي بسبب سوابقهم القضائية. حيث اتخذوا من الفن وسيلة للتعبير عن هموم المقهورين من جهة، ووسيلة للاعتراف والتحرر من الوصم الاجتماعي عبر الشهرة.

تظهر سيرة يحيى السملالي، الملقب ب”لزعر”، من جهة، مساره النضالي السابق بمدينة فاس من أجل فلسطين، مما تسبب له في الاعتقال، وجعل أطفال حيه يلقبونه بـ”السوابق”، ومن جهة أخرى، صعوبة بناء مساره الفني. وهي نفس الصعوبة التي خبرها زميلاه في فن الراب، يوسف محيوت الملقب بـ”ولد الكرية”، ومحمد منير الملقب بـ”السيمو لكناوي”، حيث خبروا معاناة في تسجيل أغانيهم في استوديوهات بسبب الوصم الاجتماعي باعتبار سوابقهم العدلية، مما دفعهم إلى قناة اليوتوب.

والوصم الاجتماعي هو ما تظهره سيميولوجية شريط الفيديو لأغنية “عاش الشعب” على قناة اليوتوب، حيث يظهر ثلاثة شباب، يظهر “لزعر” بملامح القهر والبؤس والغضب والسخط، والتمرد والتحدي. وبعد “لزعر”، يظهر “السيمو لكناوي”، يخفي ملامحه، ويغني في صمت، ليظهر “ولد الكرية” بنفس السيميولوجية، في دلالة على الإحساس بالخزي من الهوية السابقة التي تسببت لهما في الوصم، وفي دلالة على العجز، وعدم القدرة على تغيير وضعهما الاجتماعي.ويبرز مسار يوسف محيوت لجوءه للفن للتحرر من الوصم الاجتماعي بسبب سوابقه القضائية، ويقدم نفسه كشخص تائب، ومتأثر من هذا الوصم. اضطر إلى الانقطاع عن الدراسة في سلك الإعدادي بسبب ظروفه المادية، ليجد نفسه في الشارع في عالم “الانحراف”، ليتم اعتقاله عدة مرات، حيث مر منذ صغره، من 29 سابقة قضائية، مما جعل حراس السجن يلقبونه بولد الكرية(قضبان السجن).

كان يحب الشعر، كما كان يحلم بأن يدرس بالجامعة، لكنه لم يتمكن من استكمال هذا المسار بسبب ظروفه المادية. وفي السجن، وبحكم الفراغ في الوقت برزت لديه موهبة الكتابة، كما كان يستمع لأغاني الراب. لكنه، خارج السجن، وجد صعوبة في تسجيل أغانيه بسبب سوابقه القضائية. هذا الوصم الاجتماعي أدخله في دائرة من المعاناة، قبل أن يتحرر من هذه الصورة بعد طرح أغانيه في اليوتيوب، محتفظا بلقب “ولد الكرية”، لكي يعرف الجمهور بأنه فنان، وفي دلالة على أنه تغير من مساره السابق، اعتقادا منه بأنها وسيلة للتحرر من الوصم.

ويحدد معنى الوصم في مسارات هؤلاء الشباب في نظرة وتعامل المجتمع بحكم سوابقهم القضائية وكيف تعيق هذه الصورة بناء مساراتهم الفنية خارج حدود قناة اليوتوب.

وبحسب نظرية الوصم الاجتماعي، يتأثر سلوك الأفراد وهويتهم الذاتية ويتحددان بالألفاظ التي يوظفها المجتمع في وصفهم وتصنيفهم. فبحسب هوارد بيكر، يعد الانحراف مجرد بناء اجتماعي يستخدم لإقناع الجمهور بتجريم مجموعات معينة. إذ تعتمد نظرية الوصم على فكرة أن الانحراف الاجتماعي ليس فردا منحرفا بطبيعته، بل يصبح منحرفا لأنه وصف على هذا النحو. حيث تخلق المجموعات الاجتماعية مفهوم الانحراف عبر وضع قواعد ينتج عن مخالفتها الانحراف، وبتطبيق تلك الأدوار على أشخاص معينين وتصنيفهم بأنهم غرباء. وبالتالي، فإن الانحراف ما هو إلا نتيجة لتطبيق القواعد والعقوبات من قبل الآخرين على المذنب. المنحرف هو الذي طبقت عليه هذه التسمية، والسلوك المنحرف هو الذي صنفه الناس كذلك.

وحسب هوارد بيكر، يجب ألا يبقى الأفراد المصنفين على أنهم منحرفين كذلك، فبمجرد اعتبارهم منحرفين، يرجح أن يسلكوا طرقا منحرفة.لا يختلف مسار محمد منير عن يوسف محيوت، حيث انقطع بدوره عن الدراسة بحكم ظروفه المادية باعتبار أنه كان يدرس ويشتغل. منذ سنة 2007، إلى حدود سنة 2013، كان يشتغل جنديا في الصحراء، قبل أن يفقد عمله بسبب عقوبة سجنية. يبرر موقفه السياسي بالأوضاع الاجتماعية التي تعيشها فئة المستضعفين، بسبب معاناته الشخصية، معتبرا أنه فقد والديه بسبب أخطاء طبية، وبسبب الإهمال في المستشفيات، ومرض والدته بالسرطان.

وعلى خلاف النفس الإصلاحي في أغاني مسلم، وفئة من مغني الراب الوطني، يظهر مسار هؤلاء الشبان الثلاثة، التصلب في المواقف السياسية، حيث برر محمد منير مشاعر الحقد لديه بسبب معاناته الشخصية:”منذ أول يوم غنيت فيه، غنيت حاقدا على البلاد، حاقدا على ما يحدث لي، الجمهور يعرف كم تعرضت للأذى، لا يوجد مهرجان ينادي عليك، أو إذاعة، ناذرا ما تجد إذاعة ما. شاركت مرة واحدة في مهرجان كناوة، الذي تنظمه الجمعيات يعني ليس الدولة، إذا كان مهرجان موازين مثلا، فلن ينادوا عليك…الإنسان ابن بيئته، إذا تغير الوضع، ربما..تعرضت لمعاناة شديدة، الأمر غير قابل للإصلاح، ليس لديهم ما يصلحونه حاليا، رحل والداك، فقدت عملك، عانيت…”.

تعبر المواقف السياسية لهؤلاء الشبان الثلاثة، عن تراكم مشاعر القهر التي تبرر العدوانية تجاه السلطة والمؤسسات، من خلال التعبير اللفظي والرمزي. وإلى السعي نحو الإفلات من ذلة القهر.

ثالثا: التطرف في المواقف السياسية والوضع السوسيو- اقتصادي

يرجح تفسير التطرف في المواقف السياسية، بضعف الحركية الاجتماعية، عندما لا يحدث تغير في الوضع السوسيو-اقتصادي. فبحسب النظريات المفسرة للسلوك السياسي، والمواقف والاتجاهات السياسية، يتأثر السلوك السياسي بالأصل الاجتماعي، الذي يواصل تأثيره على الممارسات السياسية للأفراد عندما لا يحدث حراك اجتماعي.

ويرتبط من جهة أخرى، بالوضعية الاجتماعية المحققة من طرف الفرد، إذ أن الوضعية السوسيو-اقتصادية لفرد ما تؤثر على تصرفاته السياسية، حيث أن ارتفاع الدخل والتمتع باستقلال اقتصادي نسبي يجعل الأفراد ينتمون بشكل عام إلى الفئات المحافظة سياسيا، في حين يتبنى الأشخاص الأكثر حرمانا مواقف تقدمية إزاء السياسة. وبالتالي، يمكن أن تحدث تحولات في المواقف السياسية بفعل الحركية الاجتماعية.تبرز هذه العلاقة في الفن، في اقتصار الاهتمام بالأوضاع السياسية والاجتماعية والتغني عن معاناة الفئات الضعيفة، على بعض الفنانين الذين يعيشون بدورهم حالة التهميش. فبحسب، عزيز خمليش، حول علاقة الفن بالانتفاضة، مادام الفنان المطرب الرسمي يتحرك في نطاق دائرة توزيع الخيرات الرمزية، يمارس سلطة معنوية، حتى إن كانت وهمية، ويرتاح للمكانة الاعتبارية التي يحتلها داخل المجتمع، فإن أحداثا كالانتفاضات لا تهمه، بل تهدد مصالحه.هذه بعض الفرضيات التي يمكنها أن تساعد على فهم الراديكالية، والحقد لدى بعض الفئة من الشباب. بالطبع، قد ترجح أسباب أخرى موضوعية تحتاج إلى التحليل، من قبيل الوضع السوسيو-اقتصادي في المغرب، وارتفاع نسبة البطالة لدى الشباب، وعجز السياسات على تحسين الأوضاع الاجتماعية، إلى جانب تراجع الدور التأطيري للأحزاب. وقد يرجح انغلاق السياق في ظل هذا الوضع، أحد العوامل المسببة في تنامي مشاعر السخط والقهر لدى بعض الفئات من الشباب، وتصلب مواقفهم تجاه السياسة. وقد يشكل البعد الإصلاحي والتأطيري والاندماجي، أحد الحلول الممكنة للتقليص من دائرة مشاعر الحقد لدى بعض الشباب تجاه السياسة، وتليين أو الاعتدال في مواقفهم الراديكالية.

مدونة تحليل السياسات

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي