شارك المقال
  • تم النسخ

خطبة الزواج بـ”اللايف”.. أقصى تحولات الزواج بفعل الرقمنة في زمن “كورونا”

خلفَ الشاشة، أصبح كل شيء ممكناً. روائح الزواج التقليدية باتت تنجلي منذ أن علا نجم العوالم الافتراضية. الناسُ يبحثون عن الشريك عبر وسيطٍ رقمي هو عادة الفيسبوك. بطلائه الأزرق تغري خورزمياته ونظمه وتبسيطه للحياة وتقيزمها، كلَّ مبحرٍ وجد في هذا الفضاء ملاذاً لتكوين أسرة وبناءِ عشٍ ينطلقُ من الافتراضي صوب الواقعي والملموس.

لم يبقى دور الشبكات في تسهيل عملية البحث فقط، بل لاحظنا قدرة الرقمنة في زمن الكورونا على تنظيم مساطر الزواج، كما تقول هناء إبنة الراشيدية، التي تزوجت شاباً مغربياً يقيمُ بالديار الفرنسية. “كلشي فالأنترنيت طلب يدي وهضر مع والديا ووراني والديه وكلشي قاديناه ومزال متشاوفنا”، تقول المتحدثة.

هناء البالغة من العمر، واحداً وعشرين سنة، التي تخرجت من الأقسام التحضرية، تحكي كيف أنها تعول على قصة زواج تنطلقُ من هذه العوالم الرقمية بنجاح، بأعينها البلورية التي تحملُ كثيراً من الأمل.

زواجُ الكورونا!

تقول هناء، الساكنة بحي لابيطا بالراشيدية، إنها تعرفت على رشيد في ملتقى للتوجيه، كان سيمثل فيه مؤسسةً يدرس بها في مارسليا بفرنسا، ومن هناك بدأت المحادثات بينهما إلى أن اقترح عليها الزواج مباشرة في اتصال ذات ليلة.

وتحضُرها الذكريات، وهي تتحدثُ لتقول ببهجة واضحة، إن الفاتحة تمت قراءتها عبر تقنية اللايف ومشاركتها مع العائلة، نظراً لصعوبة شروط المجيء إلى المغرب في زمن الكورونا خلال أبريل المنصرم.

“مالك جاتك غريبة هذا هو الزواج ديال كورونا، راه الناس تحاكمو فالمحكمة عن بعد”، تقولها بمزاح عميق بعد إن لحظت كمّ الاستغراب على محيّاي، والذي أحدثه قولها في البدء.

وأردفت هناء أنه من خلال تجربتها تحسّ أنه عبر المنصات، هناك جرأة أكثر في التعبير عن أمور يصعبُ طرحها في الواقع، “مثلاً أنا كنحشم نقوليه كنبغيك، ولكن فاش كنكتبها ولا نقولها ليه فمكالمة كاتجيني عادية”، تتحدثُ وهي تحمل فوق ظهرها زخماً من الخجل والاستحياء في منطقة تافيلالت، حيثُ الحشمة والوقار.

وتشتكي حليمة الخطّابة العسلية البشرة، بغضبٍ شديد، رغم إيمانها المطلق بأن “الأرزاق بيد الله”، لكون الفيسبوك قزّم من دورهن بتافيلالت وحرمهن من الوساطة، التي يؤدين من خلالها دوراً اجتماعياً مهما منذ فجر التاريخ، “حنا كنا قبل ما يكون حتى التلفون، حنا لي كنا كنقلبو على البنات والعزارى نزوجوهوم”، تقول بسرعة تنم عن ارتفاع ضغط أعصابها.

عولمةُ الزواج…

بعفويته المعهودة يتكلم محسن، الذي ولد وترعر بميدنة أرفود. يقول إن أحد أصدقائه تمكن من تكوين أسرة عبر الأنترنيت، وكانت ثمارها ناجحة وجيدة، بعد أن التقى بفتاة على الفيسبوك، تنحدر من مدينة فاس. وأضاف محسن بمرحهِ أنه أمر عادي أن ننساق مع العولمة، وهذا أحد تأثيراتها، أن نتزوج عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

واستطردَ عندما سألتهُ أن بإمكان الأقنعة أن تتخذ مجراها بهذا الفضاء، معتبراً هذا مسألة عادية لأن الجميع يخجل ولكن “فاش كايكون المعقول راه لي عندك كاتقولو، لأن قداش ما كذبتي راك غاتحصل واحد النهار”، فضحك بشدةٍ بعد جملته.

وزاد محسن وهو يحاول أن يشرحَ لتبسيط الأمر، أن الزواج مسألة عادية عبر هذه الوسائط الرقمية، لأنها “تتيح للشاب التعارف مع الشابة، بعيداً عن الطرق التقليدية، حيث كانت ثمة صعوبات جمة في التواصل بينهما.

زواجٌ بينَ زواجين!

اعتبرَ الصحافي عبد الناصر الكواي، أن “اللقاءات التي تعقب الدردشات والتعارف على منصات التواصل الاجتماعي، تكون عادةً باردة إن لم نقل صادمةً”، محدثاً هزةً في صوته كنوعٍ من الذهول والتأكيد.

وأضاف الكواي في تصريح خصّ به جريدة بناصا، أن هذا لا يعني بالضرورة أن “زيجات الأنترنيت” فاسدة أو غير صالحة، “إذا ما سلمنا أن هذه المنصات أو الوسائط هي صراحةً همزةُ وصلٍ بين طرفين، على فضاء افتراضي في أفق اللقاء في فضاء واقعي ومد جسور للتفاهم والاتفاق، فإن الزيجة تصلح، لا مشكلة في ذلك.” وأفاد المتحدث أن الزيجات قديماً كانت تتم بشكل تقليدي وفيها شبه انعدام للتعارف القبلي بين الطرفين، وكان غالبها ينجح، مضيفاً أنه “حتى الآن يمكن لهذه الزيجات عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي أن تنجح، شريطةَ أن ننتقل من الافتراضي إلى الواقعي في ظل شروط معينة.”

وزاد الكواي أنه “بالنسبة لارتفاع ما يسمى بالعنوسة في صفوف الشّابّات أو النساء، والإضراب أو الإحجام عن الزواج لدى الشبان أو الرجال، لظروف اجتماعية واقتصادية معينة، فالمنصات خولت للجنس اللطيف الذي يشتهر بخجله في التعبير وتمنّعه، التواصل مع الجنس الآخر وهذه حقيقة ملوسة اليوم”.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي