Share
  • Link copied

خبير سياسي فرنسي: الجزائر على خطى طهران.. حين تتحول دبلوماسية الرهائن إلى أداة ابتزاز جيوسياسي في قصر المرادية

في خطوة أثارت جدلاً واسعاً في الأوساط الإعلامية والدبلوماسية الفرنسية، أصدرت محاكم الجزائر خلال الأيام الأخيرة أحكامًا وصفت بـ”العبثية والصادمة”، كان أبرزها الحكم الصادر ضد الصحافي الفرنسي كريستوف غليز بالسجن سبع سنوات، والتأكيد على حكم بالسجن خمس سنوات في حق الكاتب الفرنسي الجزائري بوعلام صنصال، وذلك بتهم تتعلّق بـ”الإشادة بالإرهاب” و”المساس بالوحدة الوطنية”، وفقًا لما نقلته صحيفة Le Républicain Lorrain الفرنسية.

وبرّرت السلطات الجزائرية الحكم الصادر ضد الصحافي كريستوف غليز بكونه تواصل مع رئيس نادي “شبيبة القبائل” الذي يتزعم حركة تدعو إلى تقرير مصير منطقة القبائل. بينما تعتبر الجزائر هذا التيار تهديدًا لوحدة أراضيها وتدرجه في قوائم الإرهاب، لم يغب عن المراقبين أن “جريمة” الصحافي الأساسية كانت حمله لجواز سفر فرنسي، في توقيت دقيق تشهد فيه العلاقات الجزائرية الفرنسية توترًا متصاعدًا بسبب دعم باريس للموقف المغربي من قضية الصحراء.

وكانت فرنسا قد عبّرت، خلال الشهور الماضية، عن تقارب متزايد مع المغرب، وهو ما لم تغفره الجزائر للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون.

فبعد التصريحات المتعلقة بالصحراء، جاءت سلسلة من التصعيدات الدبلوماسية، شملت طرد دبلوماسيين، وتجميد التعاون الأمني، والرفض المتكرر لإعادة مهاجرين جزائريين مرفوضين من الأراضي الفرنسية.

واعتبر المحلل السياسي الفرنسي ألكسندر بوبلافسكي في افتتاحيته أن الجزائر لجأت إلى تبني ما يُعرف بـ”الدبلوماسية الإيرانية” في أسوأ تجلياتها، والمقصود هنا هو استخدام مواطنين أجانب كأوراق ضغط ضمن لعبة الابتزاز الجيوسياسي. وهي السياسة التي اشتهرت بها طهران لعقود، لكنها الآن تجد صدى لها في قصر المرادية.

وبحسب التقرير، فإن الجزائر تعيش عزلة إقليمية متفاقمة بعد فقدانها لنفوذها في الساحل الإفريقي، وخلافها المفتوح مع الإمارات، وفتور علاقاتها مع فرنسا.

كل هذا يدفع النظام الجزائري إلى الارتماء في أحضان طهران، حيث استقبل الرئيس عبد المجيد تبون، في أبريل الماضي، وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، وكان يُفترض أن يزور طهران في يونيو، لولا تطورات الحرب الإسرائيلية الإيرانية.

وفي خضم هذه التطورات، يُلاحظ أن الجزائر تلجأ إلى تصعيد خطابها القومي، وتستغل أجواء التأزم الخارجي لزرع أجواء التعبئة في الداخل.

ويخشى مراقبون أن تتوسع دائرة القمع لتشمل أصواتًا معارضة أخرى، خصوصاً في ظل ما وصفه التقرير الفرنسي بـ”نسبة انتخابية سوفياتية” حصل عليها الرئيس تبون خلال إعادة انتخابه عام 2024، حيث أعلن فوزه بـ84.3% من الأصوات.

ومن اللافت أن المغرب لم يكن طرفًا مباشرًا في هذه الأحكام القضائية، لكنه الحاضر الغائب في جميع خلفيات التصعيد. فكل خطوة عدائية جزائرية في السنوات الأخيرة، بحسب الصحافة الفرنسية، تُقرأ في سياق التنافس الإقليمي بين البلدين، وبالذات حول ملف الصحراء. ومع تقارب باريس مع الرباط، يبدو أن الجزائر اختارت فرنسا لتكون كبش فداء سياسيًا في معركتها الرمزية مع المغرب.

والجزائر، وفق تقرير Le Républicain Lorrain، تخطو خطوات متسارعة نحو نهج عزلة وتصعيد خطير، عبر تبني أدوات غير دبلوماسية لحل الخلافات مع حلفائها السابقين.

وأشار تقرير القصاصة الفرنسية، إلى أنه وإذا كانت إيران قد استثمرت “دبلوماسية الرهائن” لعقود لتحقيق مكاسب في تفاوضها مع الغرب، فإن محاولة الجزائر تبنّي النموذج نفسه قد تكون محفوفة بالمخاطر، داخلياً ودولياً، خاصة في ظل أوضاع اقتصادية هشة وتوترات اجتماعية غير مسبوقة.

Share
  • Link copied
المقال التالي