Share
  • Link copied

حين يتحوّل البحر إلى معبر للموت: قاصرون مغاربة يرمون بأنفسهم في المياه العاتية في محاولة يائسة للعبور نحو سبتة المحتلة

شهدت السواحل المغربية المقابلة لمدينة سبتة المحتلة، يوم أمس (الخميس) 10 أبريل الجاري، حالة غير مسبوقة من محاولات الهجرة السرية، حيث أقدم العشرات من الشبان المغاربة، بينهم عدد كبير من القاصرين، على إلقاء أنفسهم في البحر في محاولة للسباحة نحو المدينة المحتلة، رغم سوء الأحوال الجوية وخطورة المسافة.

ووفق ما أوردته وسائل إعلام إسبانية، فإن مصالح الحرس المدني الإسباني وفرق الإنقاذ البحري ظلت طيلة اليوم تقوم بعمليات انتشال المهاجرين من مياه البحر، حيث تم إنقاذ عدد من القاصرين الذين كانوا يرتدون بزات غطس، كما تم رصد بعضهم يستخدم زعانف للسباحة، في مشهد يعكس تصاعد وتيرة هذه الظاهرة بشكل مقلق.

ووثقت الصور القادمة من الضفة الأخرى عمليات إنقاذ صعبة ومعقدة، خاصة مع ارتفاع مستوى الأمواج واضطراب حالة البحر. وتحدثت التقارير عن لحظات حرجة واجه فيها عناصر الإنقاذ صعوبات كبيرة في إخراج بعض المهاجرين الذين كادوا أن يُسحبوا إلى أعماق البحر.

وعلى الأرض، قدمت عناصر الحرس المدني دعماً إضافياً من خلال استقبال المهاجرين الذين تمكنوا من الوصول إلى الشاطئ، حيث تم توجيههم إلى نقاط تجميع مؤقتة أقيمت على مقربة من السياج الحدودي، بتنسيق مع متطوعي الصليب الأحمر الإسباني، الذين تولوا تقديم الإسعافات الأولية وتوزيع الأغطية على الوافدين.

وأفادت مصادر إعلامية أن بعض القاصرين الذين سبق أن تم إيواؤهم داخل مراكز الإيواء بسبتة، كانوا في انتظار أصدقائهم أو أقاربهم الجدد على الشاطئ، ما يعكس وجود تنسيق مسبق في بعض الحالات بين المهاجرين داخل المدينة وخارجها.

وربطت بعض التحليلات هذه الموجة الجديدة من الهجرة بالجدل السياسي الدائر داخل إسبانيا، خاصة مع مصادقة البرلمان على مرسوم قانون يسمح بنقل القاصرين غير المرفوقين من المناطق الأكثر ضغطاً، مثل سبتة وجزر الكناري، نحو مدن أخرى داخل التراب الإسباني.

غير أن عناصر الحرس المدني الإسباني اعتبرت، استناداً إلى معطيات ميدانية، أن سوء الأحوال الجوية يكون في الغالب محفزاً على تزايد هذه المحاولات، نظراً لغياب المراقبة الكثيفة في مثل هذه الظروف.

وتأتي هذه الحوادث في وقت تستمر فيه الهجرة غير النظامية من السواحل المغربية نحو أوروبا، سواء عبر البحر المتوسط أو المحيط الأطلسي.

كما تطرح هذه التطورات تساؤلات حول فعالية البرامج الاجتماعية والتربوية الموجهة للشباب المغربي، خاصة في ظل تكرار مثل هذه المشاهد التي تتسم بالمخاطرة بحياة المهاجرين، وأغلبهم من القاصرين أو الشباب في مقتبل العمر.

جدير بالذكر أن العديد من الجمعيات الحقوقية المغربية والإسبانية ما فتئت تنبه إلى خطورة تنامي هجرة القاصرين، وتدعو إلى ضرورة تبني مقاربات إنسانية وشاملة في معالجة هذا الملف، بما يضمن كرامة هؤلاء الأطفال ويحفظ حقهم في الطفولة والتعليم والحياة الآمنة.

وتبقى محاولات العبور الجماعي نحو سبتة، سواء عن طريق التسلل البري أو عبر السباحة، مؤشراً على عمق الأزمة الاجتماعية والاقتصادية التي يعاني منها جزء كبير من الشباب المغربي، في ظل محدودية الفرص وانعدام الأفق، ما يستوجب معالجة متعددة الأبعاد تتجاوز الحلول الأمنية والرقابية.

Share
  • Link copied
المقال التالي