كشفت دراسة حول “مظاهر التمييز المتعدد الجوانب الذي يطال النساء في المغرب” أن ما يناهز أربعة ملايين امرأة، أو 32.4 في المائة من النساء اللواتي تزيد أعمارهن عن 18 سنة، يواجهن مظاهر حرمان متزامنة في ثلاثة أبعاد تتصل بأهداف التنمية المستدامة.
وتم تقديم نتائج هذه الدراسة، التي تم إنجازها في إطار البرنامج المشترك بين المرصد الوطني للتنمية البشرية ومنظومة الأمم المتحدة المعنون ب”دعم تقييم السياسات العمومية لصالح تنمية بشرية عادلة” خلال ندوة رقمية عقدت اليوم الثلاثاء بمقر مكتب تنسيق الأمم المتحدة بالرباط.
وأبرزت الدراسة، التي اعتمدت على معطيات البحث الوطني للأسر للمرصد الوطني للتنمية البشرية، تم إثراؤها بتحقيقات ميدانية، التفاوتات التي تطال النساء والفتيات في المغرب من خلال دراسة العديد من الأبعاد المرتبطة بأهداف التنمية المستدامة. كما سلطت الدراسة الضوء على الأسباب العميقة لهذه التفاوتات التي غالبا ما تحددها عوامل هيكلية ضمنية، غالبا ما تكون متجذرة في المؤسسات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.
وفي كلمة خلال هذه الندوة الرقمية، أشار الكاتب العام للمرصد الوطني للتنمية البشرية، حسن المنصوري، إلى أن هذه الدراسة فريدة من نوعها، حيث إنها المرة الأولى التي يتم فيها تسليط الضوء على التفاوتات بين النساء، بشكل يتجاوز فكرة أن النساء هن مجموعة متجانسة وشامل.
وأضاف السيد المنصوري أن “هذه الدراسة أكدت أن هناك فوارق هامة بين الفئات المختلفة من النساء، وذلك اعتمادا على عوامل مختلفة، بما في ذلك محل الإقامة والمستوى التعليمي والحالة الاجتماعية ومستوى العيش”.
وأشار إلى أن التحليل النوعي الذي تم إجراؤه مع هؤلاء النساء، من خلال إجراء مقابلات معمقة ومجموعات نقاشية، مكن من فهم أفضل لتجاربهن وتطلعاتهن والصعوبات التي يواجهنها.
من جانبها، شددت ممثلة هيئة الأمم المتحدة للمرأة في المغرب، ليلى رحيوي، على أن الدراسة تهدف إلى تحليل التمييز المتعدد الجوانب بين الجنسين، مشيرة إلى أن الفكرة من خلال هذا التحليل هي اعتبار أن التمييزات المتعددة تتداخل وتفاقم التفاوتات بشكل عام، والتفاوتات بين النساء أنفسهن على وجه الخصوص.
وأشارت السيدة رحيوي إلى أن “المنهجية متعددة الجوانب التي تم اعتمادها لإجراء هذه الدراسة مكنت من إبراز النساء الأكثر تهميشا وضعفا واستبعادا بغرض توجيه أفضل للسياسات العمومية لتلبية احتياجاتهن وتطلعاتهن”.
كما سلطت الضوء على تأثير الأزمة الصحية التي فاقمت التفاوتات بين الجنسين وشكلت انتكاسة لهذه الأجندة من حيث التقدم، لأنها أضرت بالفئات الأكثر هشاشة وضاعفت بشكل متباين آثار الأزمة على النساء والفتيات.
من جهتها، قالت المنسقة المقيمة للأمم المتحدة في المغرب، سيلفيا لوبيز إيكرا، إن هذه الدراسة رائدة للغاية وستساعد على فهم أفضل لتقاطع أشكال التمييز الذي تتعرض لها المرأة.
وقالت إن هذا البحث مهم للغاية غداة اليوم العالمي للمرأة، مضيفة أنه لوحظ “في جميع أنحاء العالم، أن النساء لازلن يعانين من تمييز كبير وأن هذا الوضع قد زاد حدة مع تفشي جائحة كورونا، التي قد تعصف بسنوات عديدة من التقدم المحدود بالفعل في ما يتعلق بالمساواة بين الجنسين”.
وتابعت “بفضل هذه الدراسة، يمكننا أن نرى النساء الأكثر تعرضا للإهمال، وأولئك اللواتي لم يتغير واقعهن اليومي على الرغم من التقدم المهم المحرز بالمغرب الذي كرس في دستوره منع كل أشكال التمييز ضد المرأة، وحقق تقدما تشريعيا هائلا في السنوات الأخيرة لإزالة هذه العقبات أمام النساء، ولاسيما الأرامل، والنساء اللواتي يعشن في المناطق النائية والنساء غير المتعلمات.
ومن أبرز ما كشفت عنه نتائج هذه الدراسة أن نسبة الزواج المبكر عند النساء المنحدرات من الأسر القروية الأكثر فقرا تفوق ضعف نظيرتها عند نساء المدن المنحدرات من أسر ميسورة ( 28.3 في المائة مقابل 13.9 في المئة). وأن انتشار العنف ضد المرأة ما زال مرتفعا (58 في المائة في المناطق الحضرية مقابل 55 في المائة في المناطق القروية) ويتجلى في كل من المحيطين الخاص (52 في المائة) والعام (48 في المائة). وأشارت إلى أن أوجه القصور الأكثر وضوحا لوحظت بجهات فاس-مكناس، والدار البيضاء- سطات، وبني ملال-خنيفرة، وطنجة-تطوان-الحسيمة، وذلك في ما يتعلق بالولوج إلى التعليم والاستفادة من الرعاية الصحية، واللجوء إلى الاستشارات الطبية قبل الولادة والولادة في بيئة خاضعة لإشراف طبي.
وتميز هذا الحدث بحضور مدير الدراسات العامة بالمرصد الوطني للتنمية البشرية، إقبال السايح، وعالمة الأنثروبولوجيا، حياة الزعري، وحوالي ستين مشاركا عن طريق المناظرة المرئية، ومنهم ممثلون عن مختلف القطاعات الوزارية.
تعليقات الزوار ( 0 )