شهد مخيم العيون بمخيمات تندوف حادثاً أمنياً خطيراً تمثل في اندلاع مواجهات مسلحة بالذخيرة الحية بين عصابتين من مهربي المخدرات، ما تسبب في حالة من الذعر والهلع وسط ساكنة المخيم، في ظل غياب تام لما يسمى بشرطة ودرك جبهة “البوليساريو”، وصمت الجيش الجزائري المرابط على مقربة من المكان.
وعلى عكس تدخلاته السابقة التي خلفت في بعض الأحيان، قتلى وجرحى في صفوف المدنيين الصحراويين، غاب الجيش الجزائري بشكل نهائي عن مشهد حرب العصابتين، ولم يظهر له أثر، بالرغم من أنه يراقب كل صغيرة وكبيرة تحدث في المخيمات، وهو ما يثير الشكوك حول تواطؤه مع المنظمات الإجرامية.
وكشف منتدى “فورساتين” عبر صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، فقد اقتحمت مجموعة من المسلحين التابعين لإحدى عصابات التهريب محيط المخيم، وهاجمت عناصر عصابة منافسة، في إطار تصفية حسابات بين الطرفين.
وأضاف المنتدى، أن المواجهات المسلحة التي اندلعت في وضح النهار، تحولت إلى معركة مفتوحة تبادل فيها المسلحون إطلاق الرصاص الحي أمام مساكن المدنيين، ما أجبر السكان على إغلاق منازلهم المصنوعة من الألواح المعدنية والاختباء داخلها لساعات طويلة.
وتابع أن أصوات الرصاص كانت متواصلة ومصحوبة بصرخات النساء والأطفال، بينما وثقت مقاطع الفيديو المنتشرة عبر وسائل التواصل الاجتماعي مشاهد صادمة من المعركة، أظهرت المسلحين وهم يتنقلون فوق سيارات رباعية الدفع مدججين بأسلحة خفيفة وثقيلة، دون أدنى تدخل من سلطات المخيم أو الجيش الجزائري.
في المقابل، يقول المصدر، حاول بعض السكان إطلاق نداءات استغاثة عبر الاتصالات بالأقارب والجيران، ما أسفر عن تجمع حشود بشرية كانت تستعد للتدخل لإنقاذ العائلات العالقة في مناطق الاشتباكات، مسترسلاً: “غير أن الخوف من توسع رقعة المواجهات حال دون تدخل الأهالي، الذين اكتفوا بمطالبة سلطات البوليساريو بالتدخل العاجل، وهو التدخل الذي جاء متأخراً بشكل مثير للريبة”.
وبحسب منتدى “فورساتين”، فإن عناصر ما يسمى بدرك “البوليساريو” الذين حضروا إلى المكان تعرضوا لهجوم عنيف من قبل العصابات المسلحة، حيث تم ضربهم واقتياد بعضهم مكبلين، في مشهد يعكس هشاشة الأجهزة الأمنية للجبهة وعدم قدرتها على فرض النظام داخل المخيمات.
ونبه المنتدى في التدوينة التي نشرها على صفحته بـ”فيسبوك”، إلى أن الحادثة خلفت عدداً من الإصابات البليغة، من بينها شخص أصيب إصابة خطيرة في بطنه. كما أكدت المعطيات الميدانية أن إحدى العصابتين تمكنت من بسط سيطرتها على الأخرى بعد ساعات من القتال العنيف.
وعلى خلفية هذه التطورات، نظم شيوخ وأعيان المخيمات وقفات احتجاجية وجهوا خلالها اتهامات مباشرة لقيادة البوليساريو بالتواطؤ مع عصابات التهريب، وبتعمد نشر الفوضى في المخيمات بتنسيق مع السلطات الجزائرية. واعتبر المحتجون أن هذه الفوضى تخدم هدف إخضاع الساكنة وترهيبها.
وأوضح الشيوخ والأعيان، أن الهدف من هذه الفوضى، هو منعهم من رفع مطالب سياسية أو الاحتجاج على التجاوزات المتكررة، سواء من طرف البوليساريو أو الجيش الجزائري. وتأتي هذه المواجهات بعد سلسلة أحداث دامية عرفتها المخيمات، كان أبرزها مقتل شابين صحراويين برصاص الجيش الجزائري، ما أدى لاندلاع احتجاجات غير مسبوقة واشتباكات مباشرة بين المدنيين العزل وقوات الجيش.
ويرى مراقبون، أن هذا الحادث الأمني الجديد يكرس واقع الفوضى التي تعيشها مخيمات تندوف، وسط تآكل مؤسسات البوليساريو وضعف سيطرتها، مما يجعل السكان عرضة للعنف المسلح والفوضى، ويكشف في الوقت ذاته حجم الخطر الذي بات يتهدد الصحراويين المحتجزين بالمخيمات.
تعليقات الزوار ( 0 )