“يُروى أن بين المغرب وإسبانيا توجد “جزيرة كنز” غارقة في أعماق المحيط، ولا يبدو أن أياً من البلدين على استعداد للتخلي عن حصته منها”. بهذه الجملة بدأ موقع “cope” الإسباني، تقريره عن جبل تروبيك، الذي تُسيل معادنه النادرة، لُعاب مسؤولين في المملكة الإيبيرية.
وقالت الموقع الإسباني، إن الجبل، عبارة عن صخور بركانية تقع في قاع المحيط الأطلسي، على بعد حوالي 250 ميلاً جنوب غرب جزر الكناري، وعلى مقربة من الحدود البحرية مع المغرب، وعلى عمق يقارب أربعة آلاف متر، مضيفاً أن الجبل يُعد جزءًا صغيرًا من سلسلة جبال بحرية تعرف شعبياً عند الإسبان باسم “جدّات جزر الكناري”.
كنز معدني تحت الماء يثير نزاعاً عمره عقود
وأضاف المصدر أن “هذا الركن الغامض من المحيط، أصبح منذ أكثر من عشرين سنة، موضع نزاع بسبب الثروات المعدية الضخمة التي يعتقد أنها مخزنة في أعماقه”، متابعاً: “رغم أن المنطقة لم تُستغل بعد رسميًا، إلا أنها أصبحت محل صراع دبلوماسي وقانوني متجدد، إذ لا تزال ملكيتها غير محسومة دوليًا”.
وأوضح أنه بالرغم من أن “المفاوضات حول الجبل البحري تراوح مكانها منذ سنوات، إلا أن الملف لم يُغادر طاولات النقاش السياسية، نظرًا لأبعاده الاقتصادية والاستراتيجية”، متسائلاً: “ما الذي يجعل جبل تروبيك محل صراع شرس؟”، قبل أن يضيف مجيباً: “السبب الرئيسي للنزاع هو رغبة كل من المغرب وإسبانيا في ضم الجبل إلى منصتهما القارية”.
واسترسل أن إسبانيا، تعتبر أن جبل تروبيك، “يقع ضمن نطاق التأثير البحري لجزر الكناري، وبالتالي يجب أن يُدرج قانونيًا ضمن مياهها الإقليمية”. بينما، يقول المصدر: “قدمت المغرب سنة 2009 طلبًا رسميًا إلى الأمم المتحدة لتوسيع منصته القارية إلى ما بعد 200 ميل بحري، ليشمل بذلك جبل تروبيك”.
ووفق الموقع الإسباني، فإن التوتر حول جبل تروبيك، تفاقم في سنة 2020، عندما أقر البرلمان المغربي، قانونين يوسعان حدوده البحرية، وهو الأمر الذي فُسر في مدريد، على أنه مساس بالمياه الإقليمية لجزر الكناري. لكن، يتساءل “كوبي”: “لكن، ما الذي يجعل هذه المنطقة مغرية إلى هذا الحد؟”.
كنز من “الذهب التكنولوجي” في الأعماق
وحسب المعهد الجيولوجي والتعديني الإسباني، فإن جبل تروبيك، يحتوي على تركيز هائل من المعادن الحيوية مثل التيلوريوم، الكوبالت، النيكل، والليثيوم، والتي تُعد من المواد الأساسية في صناعة بطاريات السيارات الكهربائية، الهواتف المحمولة، والألواح الشمسية.
وذكر الموقع الإسباني، نقلاً عن المعطيات الصادرة عن المعهد سالف الذكر، أن قيمة هذه المعادن، تتجاوز البعد الاقتصادي إذ تُعد موارد استراتيجية حاسمة في سياق التحول الطاقي العالمي. وتشير التقديرات إلى أن المنطقة قد تضم إحدى أكبر احتياطيات التيلوريوم في العالم.
الوضع الحالي: صراع بارد ومراقبة أممية
حتى الآن، يقول الموقع الإسباني، لا يوجد صراع عسكري فعلي أو استغلال نشط للموقع، لكن الاهتمام الاستراتيجي والجيوسياسي في تصاعد، متابعاً أن النزاع يخضع حالياً للدراسة من قبل “لجنة حدود الجرف القاري” التابعة للأمم المتحدة، التي تواصل تحليل مطالب الطرفين لتحديد الجهة التي لها الحق القانوني في استغلال هذه الثروات.
إسبانيا تُجري مناورات عسكرية تحاكي سيناريوهات التصعيد
وزعم الموقع الإسباني، أن المناورات العسكرية التي أجراها سلاح الجو والفضاء الإسباني في سنة 2024، تحت اسم “سيريو 24″، والتي تم تنظيمها في قاعدة غاندو الجوية بجزر الكناري، بمشاركة الملك فيليبي السادس، (زعم أن هذه المناورات) مؤشر واضح على أهمية الموقع بالنسبة للمملكة الإيبيرية.
وحسب المصدر، فإن هذه المناورات، التي عرفت مشاركة 27 طائرة مقاتلة، وطائرتي درون، إضافة لـ 600 عسكري بشكل مباشر، و900 آخرين في الدعم اللوجستي والاتصالات، هدفت لـ”محاكاة رد فعل عسكري إسباني في حالة حدوث تصعيد محتمل بسبب الموارد الموجودة في جبل تروبيك”، وهو سيناريو افتراضي، لكن خلفيته، حسب “كوبي”، واقعية تماما، في ظل استمرار النزاع حول هذا الموقع.
تعليقات الزوار ( 0 )