عاد الجدل من جديد بخصوص مؤسسات التعليم الخصوصي في المغرب، بعدما أقدمت مجموعة منها، على مراسلة المدراء الإقليمية لوزارة التربية الوطنية، لطلب سن قوانين ترفض منح شواهد المغادرة للعديد من التلاميذ، أو تحدد سقفا أعلى للشواهد المسموح بتقديمها بداية كل سنة، وذلك بهدف الحد من الهجرة نحو التعليم العمومي.
وشهدت الشهور الأخيرة، التي عرفت تفشي فيروس كورونا في المغرب، واعتماد التعليم عن بعد، أزمة حادة بين المدارس الخصوصية وأمهات وآباء وأولياء أمور التلاميذ، بعدما رفض العديد منهم تسديد تكاليف دراسة أبنائه بسبب توقف الدراسة الحضورية، وعدم استفادة أغلب الأطفال من التعليم عن بعد بالشكل المرجوِّ منه.
وإلى جانب رفض عدد من الأسر دفع واجبات دراسة أبنائها، بسبب اعتماد صيغة “عن بعد”، غير الناجعة، لم تستطع فئة أخرى، تحمل تكاليف الدراسة، بسبب تضررها الكبير من جائحة كورونا، خاصة فيما يتعلق بأصحاب المهن الحرة، التي عرفت أغلبها أزمة غير مسبوقة خلال مرحلة الجائحة، غير أنه، وفي المقابل، قررت المؤسسات الخاصة، حجز شواهد المغادرة للتلاميذ، إلى غاية دفع آبائهم لواجبات التعليم.
ردة فعل المؤسسات الخاصة على الأزمة الخانقة التي أضرت بالأسر، والتي دفعت عددا كبيرا منهم للتوقف عن دفع تكاليف دراسة الأبناء، عبر إقدامها على تهديدهم، ورفع الملف إلى القضاء، مع حجز شواهد المغادرة ورفض منحها، دفع أغلب المغاربة لاتخاذ موقف سلبي من المدارس الخاصة، والدعوة لـ”هجرة جماعية”، صوب التعليم العمومي.
ومع بداية الموسم الدراسي الجديد، شتنبر الحالي، عرفت مجموعة من المؤسسات الخاصة بالمغرب، إقبالا مكثفا لأولياء أمور، يطلبون منحهم شهادة المغادرة، من أجل نقل أبنائهم ليتابعوا دراستهم في المدارس العمومية، وذلك نظرا لعدة أسباب، من بينها الضرر المادي الذي لحق الأسر، والموقف السلبي الذي اتخذ من الخواص خلال الجائحة.
ومن أجل وقف هذه الهجرة، راسل مدراء ومديرت التعليم الخصوصي بسيدي يحيى الغرب، المدير الإقليمي لوزارة التربية الوطنية بسيدي سليمان، من أجل اتخاذ إجراءات عاجلة لمنح المدارس الخاصة إمكانية رفض تسليم شواهد المغادرة لأولياء الأمور الراغبين في الانتقال من المدرسة صوب مؤسسات أخرى.
وجاء في المراسلة بأن مؤسسات التعليم الخصوصي بسيدي يحيى الغرب، تعرف في بداية الموسم الدراسي الجديد، “هجرة مكثفة للمتعلمين والمتعلمات”، وما زاد من كميتها، هو إعلان الوزارة لاعتماد نمط التعليم عن بعد، بداية من الـ 7 من شهر شتنب الجاري، الأمر الذي بات حسب المدراء يهدد بـ”الإفراغ وإفلاس هاته المؤسسات التعليمية الخاصة”.
والتمس مدراء المدارس الخاصة، من المديرية الإقليمية، اتخاذ تدابير إجرائية للحد من هذه الهدرة، وذلك عبر “عدم الموافقة على الكثير من شواهد المغادرة حتى لا يتم إفراغ المؤسسات التعليمية الخصوصية بسيدي يحيى الغرب، لأن الانتقالات ستهدد لا مجالة قطاع التعليم الخصوصي بسيدي يحيى بالإفلاس”.
وخلفت خطوة المدارس الخصوصية، جدلا واسعا، بالرغم من أن العديد من المعلقين على هذه المراسلة، لم يستغربوا منها، في ظل “أن فيروس كورونا فضح المؤسسات الخاصة، وأكد لجميع المغاربة بأنها عبارة عن مقاولات لا تعير أي اهتمام للأسر أو التلاميذ، وكل هدفها هو الربح النادي فقط”، وفق تعبير أحدهم.
وحذر آخرون من مغبةِ موافقة المديريات الإقليمية لوزارة التربية الوطنية، في مختلف عمالات وأقاليم المملكة، على الطلبات التي ستتقم بها المؤسسات الخاصة، بشأن منحها الضوء الأخضر لرفض تسليم شواهد المغادرة للتلاميذ، لأن الأمر من شأنه أن يحدث رجة في القطاع التربوي.
وسبق للعديد من الأساتذة والأكاديميين، أن انتقدوا بشدة ما أظهرته المؤسسات الخصوصية خلال فترة الجائحة، ومن بيهنم مصطفى مورادي، رئيس شعبة الفلسفة في المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين بالرباط، والكاتب المتخصص في قضايا التربية والتكوين، الذي قال عنها إنه من حسنات كورونا أنه فضح هذه المؤسسات.
وأضاف مورادي خلال ندوة تفاعلية نظمتها بناصا، الأسبوع الماضي، حول موضوع الدخول المدرسي في زمن كورونا:”ما معنى أن ترفض منح شهادة المغادرة لتلميذ لأن أباء تضرر من الجائحة ولم يستطع دفع تكاليف الدراسة وتهدد مستقبله؟”، مشيرا إلى أن المؤسسات الخاصة “لا علاقة لها بالخدمة العمومية، وهي مؤسسات للابتزاز بامتياز، ومن حسنات المرحلة أنها كشفت لنا هؤلاء الأشخاص”.
ويتوقع مراقبون بأن يشهد ملف الأسر والمؤسسات الخاصة، تصعيدا جديدا في الفترة المقبلة، في ظل رفض عدد منها منح شواهد المغادرة للتلاميذ، والمطالب الأخيرة المقدمة للمدراء الإقليميين لوزارة التربية الوطنية، بشأن اتخاذ إجراءات تسمح لهم برفض تسليم هذه الشواهد لأولياء الأمور، بهدف منعهم من نقل أبنائهم لمدارس أخرى، بالإضافة إلى لجوء مؤسسات خاصة لفرض التعليم الحضوري على كافة التلاميذ، دون النظر لرغبة أولياء الأمور.
تعليقات الزوار ( 0 )