عاد جدل السرقات العلمية في بحوث الماجستير والدكتوراة إلى الواجهة من جديد، بعدما طالب أحد الأساتذة بفتح تحقيق علمي لمعرفة التطابق في الاسم بين رسالة ماجستر لطالب جزائري نوقشت في سنة 2013، وأطروحة دكتوراة لطالبة مغربية ناقشتها في سنة 2019.
وقال الأستاذ الذي يدعى رشيد ابن الفقيه، في تدوينة على حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي: “أرجو أن يتم فتح تحقيق علمي لمعرفة تطابق الاسم بين أطروحة الطالب الجزائري التي نوقشت 2013، وأطروحة طالبة مغربية ناقشت أطروحتها 2019، بكلية الآداب وجدة، أرجو من كل قلبي أن يقف الحد عند تطابق الاسم بين الأطروحتين”.
وتابع في التدوينة ذاتها:”أرجو ذلك لدفع الحرج عن أساتذة في الكلية لاينبغي أن يحملوا مآرب غيرهم في لعبة المصالح، نعزهم، ونوقرهم ونحترمهم”، مسترسلا:”صاحبة الأطروحة ضمن لائحة الطلبة المقبولين لاجتياز المقابلة الشفوية لمباراة توظيف أستاذ التعليم العالي مساعد تخصص: علوم اللغة، نرجو للطلبة التوفيق ونرجو أن يكون معيار الكفاءة العلمية، ومعيار أخلاق البحث العلمي هما المحددان الرئيسان في تحديد الأولى”.
وختم صاحب التدوينة بالتذكير بأن أطروحة الطالب الجزائري، منشورة على شبكة الإنترنت، ويمكن العودة إليها من قبل الباحثين للمقارنة بينهما، بهدف التأكد من مدى وجود تشابه بين الأطروحتين.
وأثارت التدوينة جدلا واسعا في الأوساط الجامعية بكلية الآداب، التي تشوب مباريات الماجستر والدكتوراة ومباريات التوظيف بها، الكثير من الأمور، التي سبق أن طرحها العديد من الأساتذة والطلاب بالمؤسسة في وقت سابق، وطالبوا بفتح تحقيق في الأمر، بغرض وضع حد لمثل هذه التصرفات التي تسيء إلى الجامعة المغربية عامة.
ودافع حساب فيسبوكية، يرجح أن للأستاذة المعنية عن الأطروحة، حيث قالت إن هناك مصنفات كثيرة متشابهة من حيث العنوان، ولا يثبت الأمر وجود أي سرقة علمية، متابعةً:”ثم إن العنوان لم يكن من اختيار الطالبة.. بل أحد الأساتذة الذين ناقشوها هو الذي اقترح عليها هذا العنوان! وعلى العموم.. هذه الأطروحة في خزانة الكلية.. وهي للعموم”.
واسترسلت المتحدثة نفسها بأنه “لا يمكن لأي طالب أن يختار عنوان أطروحته أو مضامينها دون اللجوء للأستاذ المشرف.. وهي استعانت بمشرفين من خيرة أساتذة المغرب…”، مضيفةً:”رسالة الطالب مثبتة في مقدمة أطروحة الطالبة.. وقد أشارت إلى مزالقها.. وشكرت الطالب الجزائري على جهوده.. ورسالته ضمن لائحة مصادر ومراجع الأطروحة مثبتة”.
واستمرت في الدفاع عن الطالبة، بالقول إن “هذه الطالبة عانت الأمرين في سبيل الحصول على المصادر والمراجع من أصولها فسافرت إلى الإمارات واقتنت ما احتاجت إليه..”، مردفةً: “مسألة أخرى: الطالب الجزائري اهتم فقط بجانب النحو.. طالبة كلية الآداب وجدة اعتنت بالنحو والصرف معا!”، قبل أن توضح بأن “بحث الطالب الجزائري مجرد رسالة ماستر لا تتعدى 200 صفحة.. اما الطالبة فبحثها أطروحة دكتوراه تتعدى 200 صفحة”.
وعلق أحمد مرزاق، الذي سبق له أن أثار العديد من قضايا السرقات العلمية التي تضرب في نزاهة المؤسسات الجامعية بالمغرب، وعلى رأسها وجدة، مفصلا في مضامين الأطروحتين:”عنوان الباحث الجزائري هو: اعتراضات ابن الطراوة النحوية في شرح الإيضاح على أبي علي الفارسي – عرض ومناقشة-“.
وتابع: “عنوان الأستاذة المغربية الباحثة هو: اعتراضات ابن الطراوة على أبي علي الفارسي في رسالة الإفصاح – عرض ودراسة”، منبهاً إلى أن المشترك بين الأطروحتين هو: “اعتراضات ابن الطراوة، ثم على أبي علي الفارسي [مع ملاحظة التقديم والتأخير]، ثم في شرح الإيضاح تساوي في رسالة الإفصاح؛ لأن عنوان كتاب ابن الطراوة هو: رسالة الإفصاح ببعض ما جاء من الخطأ في الإيضاح، ثم – عرض ومناقشة- عند الجزائري و-عرض ودراسة- عند الباحثة المغربية مع ملاحظة التغيير الطفيف في مناقشة ودراسة”.
وأورد بأن المختلف بين البحث الجزائري والأطروحة المغربية هو أن: “الباحث الجزائري قيَّــد الاعتراضات بـ النحوية، والباحثة أطلقت الاعتراضات من التقييد، ولو قيدتها لكانت: النحوية والصرفية”، مبيناً بأن الباحث الجزائري درس 65 مسألة نحوية، ولم يدرس 30 مسألة صرفية، فيما درست الباحثة المغربية المسائل النحوية والصرفية، في فصلين هما الثالث والرابع”.
وخلص الشخص ذاته إلى أن “التشابه ليس في العنوان: الباحثة ذكرت الكتاب في المقدمة، ثم درست في الفصل الثالث: الذي جاء بعنوان: اعتراضات ابن الطراوة النحوية، الاعتراضات نفسها التي درسها الباحث الجزائري”، قائلا في تعليق آخر على نفس الموضوع:”إن العصابات العلمية والثقافية تقوت واشتد عودها في ظل صمت أكثر الأطراف”.
صاحب التدوينة الرئيسية عاد ليؤكد أنه لا يتهم أحدا، ولكن “نتساءل عن هذا الشبه بين الأطروحتين”، مشيرا إلى أنه يكن احتراما كبيرا للكلية وأساتذتها الشرفاء، و”تطابق العناوين يمكن أن يحصل، ولهذا “طلبنا توضيحا علميا من أهل الاختصاص الموكول إليهم ذلك لدفع الشبهة، وهل في ذلك لتهام لأحد؟؟؟” مشددا على أن مطلبه جاء من أجل “اعتماد النزاهة والكفاءة العلمية في الانتقاء لمثل هذه المباريات، وأعتقد أن هناك خروقات قد تشوب الانتقاء ليس في كلية الآداب في وجدة بل في الجامعة المغربية عامة”.
يشار إلى أن موضوع السرقات العلمية بالجامعات المغربية، سبق وأن أثير في العديد من المؤسسات، بعد ثبوت التشابه بين عناوين ومضامين مجموعة من الطلاب، بالرغم من أنهم نجحوا في نيل الشهادة بميزات، الأمر الذي ارتفعت معه مطالب عديدة بتدخل الوزارة والتحقق من مدى نزاهة ومصداقية المعايير المعتمدة لقبول البحوث والأطروحات، والانتقاء في المباريات.
تعليقات الزوار ( 0 )