نظم مختبر الدراسات السياسية والقانون العام بجامعة سيدي محمد بن عبد الله بفاس (كلية الحقوق) يومه (الأربعاء) محاضرة علمية، أطرها الدكتور سعيد الصديقي، أستاذ العلاقات الدولية، في موضوع “دستور 2011 عشر سنوات على محك الممارسة، هل هناك حاجة لإصلاح دستوري جديد؟”.
وحضر هذا اللقاء العلمي كل من عميد الكلية الدكتور محمد بوزلافة، والدكتور والفقيه الدستوري، محمد أمين بنعبد الله، أستاذ جامعي وقاض سابق بالمحكمة الدستورية، بالإضافة إلى ثلة من الأساتذة والخبراء الجامعيين والطلبة الباحثين.
وقال الدكتور محمد بوزلافة، عميد الكلية، في كلمته الافتتاحية، إن دستور 2011 في حاجة إلى وقفة تأمل وتفكير ونقاش حول مختلف المكتسبات التي تم تحقيقها والإنتظارات المتوقعة انطلاقا من الحاجيات المعبر عنها يوميا من طرف المواطن المغربي.
وأضاف بوزلافة، أنه بعد عشر سنوات على مرور دستور 2011، فإن السؤال الجوهري الذي يطرح نفسه يتعلق بتنزيل الوثيقة الدستورية، وهل كان بالشكل الذي كان مُنتظرا، مشيرا إلى أنه في القانون الدستوري قد تكون هناك نصوص “متميزة” لكن تنزيلها يكون سيئا.
وأوضح، أنه أحيانا يكون النص سيئا، لكن التنزيل يكون متميزا، بيد أن السؤال المطروح اليوم، يضيف، كان حول تلك الرهانات المتعلقة بالوثيقة الدستورية، والذي كان أولها الباب المتعلق بحقوق والحريات في المغرب بكل جوانبه، وخاصة الحق في التجمع والتظاهر.
وشدد عميد الكلية على الجوانب المتعلقة في الفصل بين السلط، لاسيما الجانب الخاص باستقلالية السلطة القضائية، وما رسخه انطلاقا من القوانين التنظيمية، وكذلك الممارسة العملية خلال هذه العشرية، ثم سؤال الجهوية الموسعة، ومؤسسات الحكامة، وربط المسؤولية بالمحاسبة وغيرها من الأسئلة المتعلقة بالتنزيل.
وخلص المتحدث ذاته، إلى أن النخب الجامعية قادرة أن تقدم لنا تصورات متعددة، وأن تبحث في ثنايا الوثيقة الدستورية التي ربما عشرية قد نقول بأنها مدة طويلة، وقد نعتبرها فترة وجيزة في تاريخ الدستور قياسا على تجارب في مختلف البلدان الأخرى.
وفي هذا الصدد، يقول الفقيه الدستوري، محمد أمين بنعبد الله، إن خطاب الملك محمد السادس في 9 مارس، شكل منعطفا تاريخيا في البلاد، وأحدث ثورة كبيرة بما جاء به دستور 2011.
وأوضح الفقيه الدستوري، مستشهدا بمقولة المفكر والفيلسوف الألماني Goethe، حينما قال أنا موقن بأن الثورة ليست خطأ من الشعب بل هي خطأ من الحاكمين، وأن الثورات الحقيقية لا تأتي من الشعوب بل من الحكام.
وأضاف المتحدث ذاته، أن الحكام عندما يقرؤون المستقبل ويستخلصون العبر من الحاضر والماضي، فإنهم يحسنون من وضع شعوبهم ووضع مواطنيهم، وهذا ما وقع في المغرب منذ عشر سنوات، حيث لم يعتقد أحد أن المغرب سيطفر هذه الطفرة بدستور 2011.
وشدد محمد أمين بنعبد الله، على أن دستور 2011، يعد ثاني دستور في المغرب وليس سادس دستور، حيث أن المغرب عرف ستة دساتير (62 و70 و72 و92 و96) ثم آخره سنة 2011، موضحا أنه عندما يكون هناك إصلاح دستوري حقيقي، فإنه يمس الجوهر والنظام.
وأوضح المصدر ذاته، أنه عندما نتكلم عن الإصلاح الدستوري الذي عرفته الجمهورية الفرنسية في دستورها الخامس سنة 1958، فقد كان منعرجا مهما لدستور 1946 الذي كانت فيه عدة دواليب حكم تجعل من البرلمان سيد الموقف، ورئيس الجمهورية ينتخب من طرف البرلمان، بحيث كان النظام مخالفا لما جاء به دستور سنة 1958.
وعندما نتفحص الدساتير المغربية، يضيف الخبير الدستوري، سنجد أن كل الدساتير السابقة كانت تنبني على نظرية الملكية التنفيذية، أو ما يطلق عليها باسم “الملكية الحاكمة”، بمعني عندما نقول ملكية تنفيذية فإنها تعني بأنها ترأس الحكومة، في حين أن مصطلح “الملكية الحاكمة” في الدساتير السابقة تعني أن الملك كان حاكما في كل المجالات.
ولفت محمد أمين بنعبد الله، إلى أن دستور 2011 احتوى الكثير من المستجدات، بحيث تضمن 180 فصلا، 60 منها لها صلة بالحقوق والحريات، والدين الإسلامي ذكر فيها 14 مرة، علاوة على عدة مستجدات من الناحية التي لها صلة بتعيين رئيس الحكومة الذي كان يعين بطريقة تقديرية لا يتحكم فيها إلا رئيس الدولة.
وأضاف، أن خطاب 2011 جاء بسبعة نقاط أساسية تهم عدة مجالات وبحوار وتشاور مع 140 جمعية، مع الأخذ بعين الاعتبار كل الآراء الواردة، إلى درجة أننا نجد هناك نقاط تطرقت إلى “الحق في الرياضة” وكذلك الفن وغيرها من الأمور.
وخلص المتحدث ذاته، إلى أن صياغة الدستور لم تكن منبثقة عن لجنة لها الشرعية، ولو كان كذلك لما تمكن أحد من تغيير حتى “الفاصلة” ضمن مواده، بقدر ما كان مقترح من طرف لجنة، أخذا بعين الاعتبار كل الحقوق والحريات المعمول بها في العالم والتي تضمنها أزيد من 60 فصلا.
تعليقات الزوار ( 0 )