أعلن رئيس جامعة القاضي عياض، مولاي الحسن احبيض، اليوم الثلاثاء بمراكش، أن الجامعة انخرطت بجدية في مشروع وطني هام يتمثل في خلق مركز للبحث في التراث اللامادي.
وقال احبيض، في كلمة له خلال الجلسة الافتتاحية لندوة علمية حول “دور إمارة المؤمنين في ترسيخ قيم محبة الرسول الكريم”، إن “مهمة الجامعة في صيانة الهوية وحماية ثوابتها الثقافية وترسيخ قيم المواطنة الصالحة عظيمة، ولهذا اختارت جامعتنا الانخراط الجاد في مشروع وطني هام وهو خلق مركز للبحث في التراث اللامادي.
وأبرز المسؤول الجامعي أن هذا المركز سيعنى بشكل أساس، بتشجيع البحث في مثل هذه المجالات، وعقد شراكات علمية للبحث الأكاديمي مع مؤسسات ثقافية ودينية ذات صيت طيب وأثر متميز في الساحة الثقافية والدينية.
وذكر بأن إحداث هذا المركز يندرج في إطار “سياسة انفتاح الجامعة على محيطها الثقافي والاجتماعي والاقتصادي، لبلورة رؤى وتصورات علمية ومشاريع تنموية، قادرة على التأطير العلمي للأفكار والترشيد السلوكي للأفعال والتصرفات في كل قطاعات ومجالات الفعل الإنساني داخل مجتمعنا، وذلك من خلال دراسات وأبحاث علمية أكاديمية دقيقة وفاحصة ونافعة ومفيدة”.
وارتباطا بموضوع الندوة، شدد احبيض على أهمية الماضي في بناء الحاضر، وقيمة التراث في صناعة وتقويم العمران، مبرزا “أهمية النبوة في ديننا وتاريخنا وثقافتنا، هذه النبوة التي تستمد منها إمارة المؤمنين الشريفة ببلدنا المغرب أساس الاقتداء والاهتداء وشرف الانتساب”.
وأضاف أن “هذا ما جعل مقام أمير المؤمنين على مر تاريخ العلويين جزءا لا يتجزأ من كيان المغاربة، ومكونا أساسيا من مكونات الثقافة المغربية والهوية الوطنية، فإمارة المؤمنين جزء من تاريخ المغاربة وجزء من حاضرهم، وهي امتداد للنبوة نسبا وهديا وسلوكا ودعوة وصيانة لحمى الملة والدين ورعاية شؤون المسلمين”.
وأوضح أن “هذه الحقائق الدينية والتاريخية لا يدركها إلا صاحب العقل الحصيف، والإدراك الجيد العميق، وذلك لا يكون إلا بالمعرفة العالمة، ومختبر هذه المعرفة ومصدرها الأساس هو الجامعة بكلياتها وشعبها ومختبراتها وأساتذتها وباحثيها”.
وتابع أن “هؤلاء هم المسؤولون عن إنتاج المعرفة العلمية العالمة الموجهة للعقول المسددة للأفكار، وكل انزياح عن ذلك يؤدي لا محالة إلى إفساد العقول والسلوك، وفي الفكر الديني بشكل خاص والحقائق التاريخية إذا غاب العالم والباحث الأكاديمي وجدنا أنفسنا أمام ظواهر شادة فكرية وأخلاقية واجتماعية”.
وخلص السيد احبيض إلى القول إن “جامعة القاضي عياض لتعي بقوة جسامة المسؤولية الوطنية الملقاة على عاتقها في خدمة المجتمع المغربي، وفي التعاون مع أصحاب القرار محليا ووطنيا في النهوض بشؤونه والسير به إلى مراتب الرقي والازدهار، تحت القيادة الرشيدة للملك محمد السادس”.
من جانبه، أوضح عميد كلية الآداب والعلوم الإنسانية بمراكش، عبد الرحيم بنعلي، أن هذه الندوة العلمية تتضمن بحوثا مفيدة ودراسات علمية رصينة، من إنتاج أساتذة جامعيين أكفاء، سبروا أغوار السيرة العطرة، وجلوا سياسة أميرِ المؤمنين المحققة لنصرة النبي الأمين صلى الله عليه وسلم؛ تعريفا برسالته،وبيانا لشمائله، وكشفا عن سيرته، وتجلية لهديه القائم على الوسطية والاعتدال.
وأشار السيد بنعلي إلى أن هؤلاء الباحثين بينوا ما لذلك من دور فعال في تهذيب سلوك رعية أمير المؤمنين وتقويم فهومهم، بما يحقق صيانة الهوية الدينية، ويحفظ السلم والأمن المجتمعي، ويرسخ قيم المواطنة الصالحة.
وتابع “وهي سياسة سار على سننها ملوك الدولة العلوية الشريفة، فاهتموا بسيرة جدهم المصطفى علما وعملا وسلوكا، واحتفوا بميلاده ونشروا سنته في الدروس والخطب، وشجعوا على سرد أصح كتاب في السنة -كتاب صحيح الإمام البخاري- وحضروا ختمه، فضلا عن شرح كتاب الشفا في المساجد.
وأبرز أن هذه الندوة تهدف إلى تسليط الضوء على ما لإمارة المؤمنين من دور راِئد يهدف إلى تحقيق نصرة النبي صلى الله عليه وسلم؛ نصرة علمية وعملية، نصرةً هادية بانية، مبناها على الإيمان والتصديق، والطاعة والمحبة للرسول صلى الله عليه وسلم ولصحبه وآل بيته الكرام.
وافتتحت، في وقت سابق من اليوم، أشغال ندوة علمية حول موضوع “الأدوار الريادية لإمارة المؤمنين في ترسيخ قيم محبة الرسول صلى الله عليه وسلم والسير على هداه وحضور الهدي النبوي في تاريخ الملوك العلويين علما وتعليما وسلوكا”.
وتهدف هذه الندوة، التي تنظمها مؤسسة مولاي علي الشريف المراكشي بشراكة مع كلية الآداب والعلوم الإنسانية والمديرية الجهوية لوزارة الثقافة بمراكش آسفي، إلى إبراز الدور الريادي لأمير المؤمنين الملك محمد السادس في ترسيخ قيم محبة الرسول صلى الله عليه وسلم والسير على هداه.
كما تهدف إلى بیان تجليات قيمتي الوسطية والاعتدال في السياسة الرشيدة لأمير المؤمنين ودورها في إحياء السنة الشريفة، وكذا إبراز الدور الريادي لجلالته في ترسيخ قيم محبة الرسول صلى الله عليه وسلم والسير على هداه، ومدى حضور الهدي النبوي في تاريخ الملوك العلويين علما وتعلما وسلوكا.
وستتوقف الندوة عند بعض مظاهر السياسة الحكيمة للملك في نصرة النبي صلى الله عليه وسلم، من خلال قناة تلفزية وأخرى إذاعية، وإنشاء مؤسسات أكاديمية متخصصة في الحديث النبوي الشريف، وإكرام علماء الحديث بجائزة دولية في الموضوع.
كما ستتوقف عند بعض المساحات المضيئة في نصرة النبي صلى الله عليه وسلم بالاهتمام بالحديث الشريف ومؤلفاته وعلماء الحديث ومعاهد تدريس الحديث ومدارسته والتبرك به في المقامات الجليلة، وترسيخ قيم الوطنية الصادقة الماتحة من الدين ومن تاريخ المغاربة سلطانا ورعية.
وسيسلط المشاركون في هذا اللقاء العلمي الضوء على شمائل النبي الكريم، خاصة منها المرتبطة بالأخلاق الاجتماعية، وإبراز قيم السيرة النبوية الأسرية والاجتماعية، وفائدة قيمتي الوسطية والاعتدال في بناء المجتمعات الإنسانية، وكذا بيان أهمية الوسطية والاعتدال في تقويم الفهوم وصيانة التصرفات التدينية من المروق والتطرف.
ويتضمن برنامج هذه الندوة العلمية، الممتدة على مدى يومين، جلستين علميتين تهمان “النبوة وإمارة المؤمنين شرف الانتماء ومظاهر النصرة” و”الوسطية والاعتدال إرث السلف للخلف”، وذلك بمشاركة مسؤولين عن قطاعي الأوقاف والشؤون الإسلامية والثقافة وأكاديميين من كلية الآداب والعلوم الإنسانية بمراكش وأكادير.
تعليقات الزوار ( 0 )