تسبب فيروس كورونا المستجد، منذ دخوله للمغرب شهر مارس الماضي، في أضرار جسيمة بمختلف القطاعات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، بعد أن أَجبر العديد من العاملين والمستخدمين، على التوقّف مؤقتا عن العمل، بسبب الإجراءات الوقائية التي أقرّتها الحكومة في إطار حالة الطوارئ الصحية التي فرضت للتصدي للجائحة.
وعكس العديد من القطاعات المتضررة، التي اشتكى أصحابها علناً، وطالبوا بإيجاد حلول لمشاكلهم، مزارعو نبتة القنب الهندي، لم يتمكنوا من فعل ذلك، نظرا لمنع هذا النوع من الزراعة في المغرب، الأمر الذي جعلهم يعانون في صمت، بعيدا عن الأعين، رغم أن وضعيتهم، حسب تصريحات لفلاحين من المنطقة لـ”بناصا”، كارثية للغاية.
بالرغم من المنع، إلا أن المغرب تصدر في أكثر من مناسبة خلال السنوات الماضية، الدول المنتجة لـ”الحشيش”، وذلك راجع بالأساس إلى تغاضي السلطات في بعض المناطق، نظرا لغياب البدائل الاقتصادية، وعدم قدرتهم على مراقبة الكثير من المناطق، بسبب بعدها وصعوبة الوصول إليها، الأمر الذي جعل الكثير من الفلاحين يتمرّسون في زراعة هذه النبتة، التي تعتبر مصدر رزقهم الأول.
جائحة كورونا التي ضربت المغرب منذ شهر مارس الماضي، نجم عنها أضرار جسيمة للفلاحين، خاصة بعد إغلاق المجال الجوي الدولي، الأمر الذي غيّب الكثير من الزبناء المحتملين، متسبباً في ضرر كبير للمزارعين الذين فقدوا الكثير من المشترين بسبب الإجراءات الوقائية المفروضة، مكتفين ببيع كميات صغيرة لأشخاص محليين.
وزاد من معاناة الفلاحين نوعية النبتة المزروعة، حيث يعمل من لا يتوفر على آبار وإمكانيات على زراعة بذرة “الكيف” العادية، والتي لا تحتاج لرعاية كبيرة من أجل أن تنمو، غير أنه في المقابل، لا تدر سوى أرباح قليلة على المزاريعين، لا تكفيهم إلا لمحاربة الجوع والبقاء على قيد الحياة، حسب تصريح لأحد الفلاحين لـ “بناصا”.
وحسب ذات المتحدث، فإن “المزارعين الذين يتوفرون على آبار وإمكانيات مادية لزراعة نبتة الكيف الهجينة المسماة كريتيكا، والتي يصل ثمن الحبة الواحدة منها لـ 10 دراهم، أي ألف حبة تساوي مليون سنتيم، هم أيضا، تضرروا بشكل كبيرة، بعد إغلاق الحدود البرية والبحرية والجوية، ما حال دون قدوم المشترين المحتملين والذين يقطن أغلبيتهم في الدول الأوروبية”.
ويعاني الفلاحون مع السلطات، التي تحرص في بعض المناطق على تطبيق القانون، ومنعهم من الزراعة، وملاحقتهم، وإصدار متابعات في حقهم، ما وضع السكان بين سندان الزراعة التي لا بديل عنها، وتهديد دخول السجن الذي يطاردهم كل يوم، إلى التحديات الجديدة التي فرضتها جائحة كورونا.
ويرى فاعلون جمعويون بأن منع الدولة لزراعة الكيف دون توفير بديل اقتصادي، يزيد من تأزيم الوضع، معتبرين أنه “يفترض إيجاد بديل بالموازاة مع المنع”، أما في ظل عدم وجود أنشطة أخرى يمكن للسكان العمل بها، فـ”يجب على الجهات الوصية تقنين زراعة القنب الهندي، لا منعها”.
وأوضحوا بأن التقنين سيعود بالنفع على الدولة أيضا، خاصة أن نبتة “الكيف” لها استعمالات عديدة غير تحويلها لـ”شيرا”، مسترسلين، أنه يمكن للجهات الوصية الاستفادة من هذا “الكنز في العديد من المجالات، مثل الطب والتجميل”، ما قد يدر على الاقتصاد المغربي ملايين الدولارات سنويا، في ظل انتشار الزراعة وتصدر البلاد لأكبر المنتجين للـ “حشيش” على مستوى العالم.
يشار إلى أنه سبق لفريقي حزبي الاستقلال والأصالة والمعاصرة بالبرلمان المغربي، أن تقدما بمقترح قانون يهدف إلى تقنين زراعة “الكيف” والعفو عن المسجونين على خلفيته، سنة 2014، غير أنه أُقبر ولم يتم النظر فيه لحدود الساعة، وسط مطالب بخروج المشروع من الرفوف وطرحه للمناقشة.
تعليقات الزوار ( 0 )