شارك المقال
  • تم النسخ

توقعات في إسرائيل بتوجه العدل الدولية إلى تجنّب إصدار قرار بوقف الحرب والاكتفاء بحكم “وسطي”

كان رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو قد عقّب على تقديم جنوب أفريقيا دعوى ضد إسرائيل في محكمة العدل الدولية، بالاستخفاف، مؤكدا مواصلة الحرب على غزة، لكنه بادر أمس لاجتماع مع خبراء ومهنيين خاص بالمحكمة الدولية وقرارها المحتمل وطريقة مواجهته.

حاليا، تلتزم إسرائيل الرسمية الصمت، ولكنها بحسب الإذاعة العبرية العامة، تتوقع أن تُصدر المحكمة اليوم الجمعة قرارا وسطيا، وتتبنى بعض الأوامر الاحترازية التسعة التي تطالب بها جنوب أفريقيا، كتحذير قوات الاحتلال من ارتكاب جريمة إبادة جماعية، وإدخال مساعدات إنسانية، وتمكين أهالي شمال غزة من العودة إلى بيوتهم، لكنها لن تصدر أمرا بوقف الحرب وسحب القوات الإسرائيلية فورا، مثلما أنها لن ترد الدعوى بكل بنودها.

المدعي العسكري السابق في إسرائيل والجنرال في الاحتياط ران كوهن روخبرغر، يرى أن السؤال الكبير هو كيف يحدّد القضاة مواقفهم حيال طلب جنوب أفريقيا بإصدار أوامر احترازية. وفي حديث لموقع “والا” العبري، قال روخبرغر، إنه كان من المفترض بالمحكمة لو أنها غير منحازة أن ترد الدعوى لعدم وجود أدلة، ولأن جنوب أفريقيا لا تتصرف بنية طيبة.

خلف الكواليس

يرجح أن طاقم الدفاع الإسرائيلي قد اعتمد عدة ادعاءات قضائية في طلبه لرفض الدعوى ضد إسرائيل، منها السؤال كيف من الممكن أن تصدر المحكمة الدولية أمرا احترازيا بوقف الحرب وأحد طرفيها -حماس- غير ممثل فيها، علاوة على التركيز على “جرائم السابع من أكتوبر” وغيره.

في المقابل، يتفق روخبرغر مع خبراء إسرائيليين آخرين، يرجحون أن تتطرق المحكمة الدولية بعد رفضها البند الداعي بإصدار أمر يوقف الحرب، إلى جرائم حرب أخرى يشتبه بتوّرط إسرائيل فيها، إذا رفضت دعوى إبادة شعب. كما يقول روخبرغر إن كل قاض سيعلل موقفه اليوم علانية، لكن الأهم ما جرى قبل ذلك داخل المحكمة خلف الكواليس من مداولات ومشاورات بين القضاة قبيل كتابة القرار. وهناك توقّعات إسرائيلية غير رسمية بأن يبدي القضاة قلقا بالغا من الوضع الإنساني في القطاع ومن طريقة إدارة القتال، وعلى الأقل سيصدرون أمرا احترازيا يقضي بتلبية الاحتياجات الإنسانية للغزيين.

أسامة حمدان

من جهته، قال مدير القسم الدولي في النيابة العامة الإسرائيلية سابقا، المحامي يوفال كابلينسكي، لراديو تل أبيب، إنه بناء على دعاوى وأحداث سابقة، يرجّح رفض المحكمة الدولية للطلب بأمر احترازي يوقف الحرب فورا لعدم وجود حجة قضائية مقنعة بشكل كاف، منوها أن الولايات المتحدة ستبقي القرار بلا قيمة عملية من خلال حق النقض في مجلس الأمن، في حال قررت المحكمة الاستجابة للأمر الاحترازي الداعي لوقف الحرب.

ولا بد أن طاقم الدفاع الإسرائيلي قد تساءل في توجهه للقضاة: “وهل تصدرون أمرا يلزم الطرف الأول بوقف القتال فيما لا يوجد صلاحية لكم على الطرف الثاني (حماس)؟ ويبدو أن هذا ما دفع القيادي في حماس أسامة حمدان أمس لسدّ هذه الثغرة، بتأكيده خلال مؤتمر صحافي أن حماس ستلتزم بقرار المحكمة الدولية في حال أصدرت أمرا بوقف القتال فورا.

بروتوكولات الكابينيت

من جهتها، وفي محاولة للتأثير على قناعات القضاة، كشفت صحيفة نيويورك تايمز أن إسرائيل زودت المحكمة الدولية بمحاضر جلسات مجلس الحرب كي تظهر لهم أنها لم تتخذ قرارات تنتهك القانون الدولي، بل صادقت على إدخال مساعدات إنسانية لقطاع غزة.

لكن الصحيفة الأمريكية تؤكد أن هذه المحاضر لا تشمل بروتوكولات الأيام العشرة الأولى من الحرب على غزة، حينما قطعت إسرائيل الماء والكهرباء عن الغزيين، وهو قرار ورد على لسان وزير الجيش يوآف غالانت بصوته وصورته.

في هذه المضمار، كشفت صحيفة “هآرتس” عن أن مشاركة وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في اجتماع مجلس الحرب الإسرائيلي قبل أسبوعين، قد تمخّض عن تشكيل “قنال مشترك” لمراقبة موضوع المساس بالمدنيين الفلسطينيين، بيد أن الوقائع على الأرض تظهر أن ذلك بقي حبرا على ورق. فقتل المدنيين الغزيين يستمر يوميا في غزة.

الحل: شراكة مع الفلسطينيين

فيما تصمت إسرائيل رسميا في موضوع المحكمة الدولية، اعتبر النائب عن “الليكود” موشيه سعدة، في حديث للإذاعة العبرية اليوم، أن مشاركة إسرائيل في محكمة العدل الدولية خطأ فادح كونها معادية للدولة العبرية، على حد قوله، وأن الأهم هو مواصلة الحرب حتى تحقق هدفها بتدمير حماس دون اهتمام بالمجتمع الدولي.

في المقابل، يؤكد رئيس سابق للكنيست وللوكالة اليهودية، أفراهام بورغ، أن السابع من أكتوبر لا يبرر قتل عشرات آلاف الفلسطينيين داخل قطاع غزة، ويشدّد على أن ما يكفل أمن إسرائيل هو حل سياسي فقط، يقوم على الأخلاق والقيم، لا على الحسم العسكري وقتل المدنيين بالجملة.

وفي مقال نشرته عدة صحف عبرية، يرى بورغ أن تغييرا كبيرا في القيم يحوّل المنطقة بين البحر والنهر حيزا للإنسانية المدنية المتساوية هو الذي سيكفل سلام الشعوب والدول. ويضيف: “إذا كان هذا ممكنا في أوروبا وقتها مع الكارثة الحقيقية، فهذا حيوي بما لا يقل، وممكن بذات القدر”.

يشار إلى أن القرار الجوهري حيال الدعوى التي قُدمت ضد إسرائيل من قبل دولة غير عربية ولا إسلامية، سيستغرق مدة طويلة. أما القرار حيال الأوامر الاحترازية المطلوبة فسيصدر اليوم الجمعة.

وكما هو متوقع طبعا، سيؤكد القاضي الإسرائيلي طلبه برفض الدعوى، بعكس قاضي جنوب أفريقيا. فيما سيقدم كل واحد من القضاة الخمسة عشر الباقين قراره وحججه علانية بالبث الحيّ في غضون ساعتين قبل الإعلان عن قرار المحكمة.

وهل يبقى القرار معنويا أم عمليا ويؤثر على مصير الحرب؟ هذا منوط بموقف القوى العظمى الغربية في مجلس الأمن خاصة أمريكا التي من المتوقع أن تستخدم الفيتو لمنع تطبيق قرار محتمل بوقف الحرب في حال اتخذته المحكمة فعلا.

ويرى مراقبون إسرائيليون أنه في حال صدر قرار بوقف الحرب، فهناك أهمية كبيرة للتعليل لدى كل واحد من القضاة؛ لأن رأي الأقلية سيكون له أهمية في المعركة على الوعي والرواية في العالم، وهي معركة ما زالت مفتوحة بين الفلسطينيين تحت الحصار والاحتلال منذ عقود، وبين إسرائيل التي تطرح نفسها كضحية تدافع عن نفسها.

(القدس العربي)

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي