Share
  • Link copied

تمييز غير مبرر أم تدبير استثنائي؟ الجدل حول تسوية وضعية الأساتذة الباحثين يعيد سؤال الإنصاف داخل الجامعة المغربية

في سياق جامعي متأزم، عادت قضية تسوية الوضعية المهنية والإدارية لفئة الأساتذة الباحثين إلى الواجهة، بعدما أثار مرسوم حكومي صادر في 12 يونيو 2024 موجة واسعة من الاستياء في صفوف عدد من الأساتذة الباحثين العاملين بمؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي.

المرسوم رقم 2.23.547، الذي منح أقدمية اعتبارية استثنائية مدتها تسع سنوات لفائدة الأساتذة الباحثين بكليات الطب وطب الأسنان والصيدلة، اعتُبر من قِبل البعض خطوة إيجابية نحو معالجة اختلالات مسار الترقية داخل الجامعة، فيما اعتبره آخرون شكلاً من أشكال التمييز المرفوض، إذ لم يشمل باقي الأساتذة الباحثين، لا سيما أولئك الوافدين من قطاعات الوظيفة العمومية الأخرى، رغم سنوات الأقدمية التي راكموها قبل ولوجهم الجامعة.

وهذا الغضب ترجمته مواقف نقابية وردود فعل من داخل المؤسسات الجامعية، ووصل صداه إلى المؤسسة التشريعية، حيث وجه النائب البرلماني رشيد حموني، رئيس فريق التقدم والاشتراكية بمجلس النواب، سؤالاً كتابياً إلى وزير التعليم العالي والبحث العلمي والابتكار، يسائله فيه عن التدابير المزمع اتخاذها لتصحيح هذا الوضع الذي وصفه بـ”التمييزي”، والمخالف لمبدأي المساواة وتكافؤ الفرص.

وجاء في نص السؤال البرلماني أن “احتساب الأقدمية الاعتبارية حصراً لأساتذة كليات الطب والصيدلة دون سواهم، لا سيما أولئك الذين تم توظيفهم قبل فاتح يناير 2023، قد خلق حالة من التذمر في أوساط زملائهم من الأساتذة الباحثين الآخرين، خاصة الذين تم توظيفهم قادمين من قطاعات حكومية مختلفة، ولم تحتسب لهم سنوات خدمتهم السابقة”.

ويثير هذا الإجراء، وفق المراقبين، إشكالية أعمق تتعلق بغياب تصور شامل لإصلاح مسارات الترقي والتثمين المهني داخل الجامعة المغربية، حيث لا تزال فئة الأساتذة الباحثين تعاني من تفاوتات صارخة في الأوضاع الإدارية والمالية، ما يؤثر سلباً على أداء المنظومة برمتها.

ويرى كثيرون أن إصلاح التعليم العالي لا يمكن أن يتم بمنطق “الاستثناءات الفئوية”، بل يتطلب معالجة هيكلية وشاملة تأخذ بعين الاعتبار مسارات التكوين، وخصوصيات المهن الأكاديمية، دون الوقوع في فخ المقاربات الانتقائية.

من جهة أخرى، تساءلت أصوات أكاديمية عن المعايير المعتمدة في منح هذه الأقدمية الاستثنائية، ومدى انسجامها مع الدستور المغربي الذي ينص على المساواة أمام القانون، ويدعو إلى ضمان العدالة في الولوج إلى الوظائف العمومية وشروط ممارستها.

وفي ظل هذا الجدل، تبرز الحاجة الملحة إلى فتح حوار جاد ومسؤول بين الوزارة الوصية وممثلي الأساتذة الباحثين، لتجاوز منطق الترضيات الظرفية، وصياغة حلول عادلة ومستدامة تضع الإنصاف والكفاءة في صلب النظام الجامعي.

فهل تتجه وزارة التعليم العالي نحو مراجعة المرسوم المثير للجدل؟ أم أن ملف تسوية الوضعية الإدارية والمهنية للأساتذة الباحثين سيظل مرهوناً بالحسابات الفئوية والسياسات الترقيعية؟

Share
  • Link copied
المقال التالي