خصص مركز السياسات من أجل الجنوب الجديد، الثلاثاء، برنامجه الأسبوعي “حديث الثلاثاء” لتقديم النسخة الرابعة التقرير السنوي لتحليل ديناميات السلع في إفريقيا، حول دينامية المواد الخام في خضم الأزمة الصحية.
ويسلط هذا التقرير الجديد، الذي تم إعداده بتعاون مع مركز (سايكلوب) الفرنسي، الذي قدمه الباحث في الشؤون الاقتصادية بالمركز، بدر منظري، على المحددات الهيكلية والظرفية للأسواق العالمية، التي تنشط فيها البلدان الإفريقية، سواء كانت منتجة أو مستوردة.
وتروم هذه الدراسة، التي عكف على إعدادها 20 خبيرا وطنيا ودوليا، تحديد الروابط معقدة بين المواد الخام والدول الإفريقية، فضلا عن دراسة انعكاسات جائحة كورونا على سوق الموارد الطبيعية في إفريقيا، بصفتها مكونا لا محيد عنه لاقتصاديات القارة.
وفي السياق ذاته، أكد منظري، أنه اعتبارا من الفصل الأول من عام 2020، سلكت أسعار المواد الخام منحى تنازليا، بسبب تراجع الطلب الصيني، المستهلك الرئيسي للموارد الطبيعية، مع بداية تفشي الوباء.
وأضاف الخبير الإقتصادي، أن هذا الانخفاض في الأسعار قد تفاقم، بسبب تبني الإجراءات الاحترازية لمواجهة الوباء عبر أنحاء العالم، ما نجم عته انحسار في الطلب العالمي، واختلال كبير بين العرض والطلب على المواد الأولية، مشيرا إلى أن هذا المنحى انعكس اعتبارا من عام 2021.
وأوضح منظري، أن الانتعاش الجزئي لاقتصاديات العالم، بعد شهور من الحجر المنزلي، أدى إلى زيادة أسعار المواد الأولية، وعودة الطلب إلى مستوى شبه طبيعي، مبرزا أن الاضطرابات في سلاسل التوريد العالمية قد فاقمت ارتفاع الأسعار منذ ربيع 2021.
ولاحظ المحلل الإقتصادي أن العديد من الاقتصاديات الإفريقية ما فتئت تعتمد على سوق المواد الأولية، مؤكدا تأثير الوباء على البلدان المصدرة، إذ عانت من عجز على مستوى ميزانها التجاري، وميزان الأداءات جراء تراجع حجم الصادرات والأسعار والكميات (انخفاض الطلب).
وسجل المحلل أنه في الوقت الذي تعود فيه معظم الشركات الإفريقية العاملة في مجال استخراج ومعالجة وتوزيع وتصدير المواد الأولية إلى ملكية الدول، انهارت المالية العامة، ولدأت الدول الإفريقية إلى الاستدانة لمحاصرة الوباء.
ورغم ذلك، سجل منظري، تحسنا نسبيا، بعد ارتفاع أسعار المواد الخام في العالم، ما يعني، وفقا للمتحدث، أن الدول التي تتميز بغنى مواردها الطبيعية، والتي تضررت بشكل كبير في بداية الوباء، تبدو مؤهلة أكثر من غيرها لتحقيق انتعاش اقتصادي بفضل ارتفاع الأسعار.
وتتوزع النسخة الرابعة من التقرير السنوي لتحليل ديناميات السلع في إفريقيا على جزأين. ويتطرق الجزء الأول للوضع الاقتصادي العالمي ما بين عامي 2019 و 2021، في ما يقدم الجزء الثاني لمحة عامة عن ديناميات المواد الخام في إفريقيا وتطور الأسعار.
ويعد التقرير ثمرة مجهود خبراء وطنيين ودوليين، تحت إشراف فيليب شالمن، الأستاذ بجامعة باريس دوفين، وإيف جيغوريل، كبير المحاضرين في جامعة بوردو، والباحث الأول بمركز السياسات من أجل الجنوب الجديد.
تعليقات الزوار ( 0 )