في تفاعل مع السجال السياسي والحرب الإعلامية، التي تدور رحاها بين قياديي حزب البام، قبيل انعقاد مؤتمرهم الرابع في السابع من شهر فبراير القادم، حول قضايا ذات حساسية كبرى، من قبيل إثارة موضوع “إمارة المؤمنين والإسلام السياسي”، وهي المقولة التي تحولت إلى قميص عثمان، في حرب طاحنة بين شيعة فاطمة المنصوري وأنصار بنشماس، وإن كان الأنصار استطاعوا أن يحولوا أنظار بعض المقربين في استخدامهم للمقدس السياسي/الديني، وهو إمارة المؤمنين، فإن هذه النقطة بالذات لم تزد النقاش إلا غموضا والتباسا بالرغم من الحوار الذي أجراه وهبي مع إحدى الجرائد الوطنية والذي حاول أن يوضح فيه بعض نقط الالتباس.
إحدى الشخصيات المقربة من مصادر صنع القرار، والتي كانت لها بصمات واضحة في هندسة استراتيجيات السياسات الوطنية خلال مراحل سابقة، والذي رفض الكشف عن هويته، توجهنا إليه بسؤال يخص وجهة نظره من تصريحات وهبي، التي أثارت جدلا كبيرا، والتي تهم إمارة المؤمنين وعلاقتها بالإسلام السياسي، والرد الذي تلقاه من رفيقه في الحزب حكيم بنشماش حين تبرأ من تلك التصريحات، بل وشن عليه هجوما عنيفا متهما إياه بالطيش واللامسؤولية وموالاة قوى الإسلام السياسي.
وهو الأمر الذي استغله وروج له مقربو بنشماش على كون هذا الأخير لم يكن بوسعه أن يعمد إلى تحرير بيان رسمي في الموضوع لو لم يكن قد تلقى قد تلقى الضوء الأخضر من جهات مقربة من دائرة السلطة الحاكمة التي أعربت له عن امتعاضها وغضبها مما حصل.
وكان جواب هذه الشخصية الوطنية التي كانت قريبة جدا من دواليب مختبرات صنع القرار بالبلاد، ما يفيد أن وهبي لم يقع في المحظور من وجهة نظر الدولة، لأن ما قام به لا يعدو أن يكون توصيفا فحسب، ولا يجوز الاعتقاد بكون ما صرح به قد تجاوز حدوده من وجهة نظر القائمين على سياسة وتدبير شؤون البلاد، لأنه لم ينتقد ولم يأت بمواقف جديدة محرجة.
كما أوضح المتحدث أن ما كان يصبو إليه وهبي هو نزع المضامين القدحية التي علقت عنوة بمفهوم الإسلام السياسي، وذلك لغرض في نفس يعقوب بكل تأكيد، ولذلك فإن تعريجه على إمارة المؤمنين كان لهذا السبب وليس لشيء آخر، بمعنى أنه لم يكن بنيته التطاول ولم يسع نحو المجادلة في المساحات المسموح وغير المسموح بها بالنسبة لإمارة المؤمنين، بل ضرب مثالا بها للمحاججة على ما يرمي إليه، أي تبيان كون الإسلام السياسي لا يجب أن يظل فزاعة يتم التخويف بها في كل وقت وحين، ما دامت الدولة ذاتها تعجن خبزها أحيانا بالطحين نفسه.
ولأجل ذلك، أضاف متحدثنا أن وهبي لم يقل شيئا في الواقع، أي لم يأت باكتشاف جديد، لأن استناد إمارة المؤمنين إلى دعامتين جوهريتين دينية وسياسية، بات أمرا معروفا ولا يحتاج إلى دليل، ولعل هذا ما يفسره عقد البيعة وأهميته في النظام السياسي المغربي منذ زمن بعيد. ومن ثم فإن المزج بين السياسة والدين لم يكن بدعة بالنسبة لهذا النظام وتقاليده المرعية.
وفي هذا الصدد، ذكَّر المصدر نفسه، والذي رفض الكشف عن هويته، بما حصل للمعارضة البرلمانية (الفريق الاشتراكي بالتحديد) خلال مرحلة الثمانينيات، حيث كان من المقرر انتهاء الولاية التشريعيىة التي ابتدأت سنة 1977 في سنة 1981، غير أن المرحوم الحسن الثاني كان قد طالب بتمديدها لمدة عامين بموجب الاستفتاء الذي أجري سنة 1980، الأمر الذي قوبل بالرفض العلني من قبل المعارضة الاتحادية التي أعلنت عن انسحابها من البرلمان بمجرد انتهاء ولايته الأصلية، بمبرر أن الملك لا يملك صلاحية تمديد مدة الولاية التشريعية، وبالتالي لا يحق له أن يقوم بذلك بوحده ودون التشاور معهم (الاتحاديين) وآنذاك لم يجد الحسن الثاني من مخرج لهذا المأزق سوى اللجوء إلى سلاح الدين، عندما لفت انتباههم إلى أنه بصفته أميرا للمؤمنين فإنه يتبرأ منهم بخروجهم عن جماعة المسلمين. وحسب ذات المصدر دائما، فإن “الأمثلة لا تعوزنا للتدليل على الصلة القائمة بين إمارة المؤمنين والإسلام السياسي سواء في التاريخ الحديث أو المعاصر للمغرب”.
وخلص المصدر السالف الذكر إلى أن “محاولة بنشماش تأليب الدولة على وهبي للسبب السالف الذكر وقطع الطريق عليه لمنعه من بلوغ هدفه المنشود والمتمثل في تولي الأمانة العامة بدلا عنه، لم يكن مفكرا فيها بشكل دقيق، فالأمر أشبه ما يكون بأعور يصوب بندقيته في اتجاه عصفور صغير وهو في حالة انفعال، فكيف له أن يصيب هدفه؟” يتساءل المتحدث
وأكد المصدر، والذي كان ولا يزال مقربا من مصادر صنع القرار، بأن “شخصية مثل وهبي لم تكن يوما موضع شك بالنسبة لمربع السلطة في البلاد، صحيح أنه يتصف بنوع من الجرأة في خرجاته الإعلامية والسياسية، لكنه يبقى شخصية لينة ولا يمتلك جرأة انتهاك الخطوط الحمراء مطلقا”.
تعليقات الزوار ( 0 )