اتصور ان كل انسان حر فيما يعتقده ويتبناه من مواقف؛ إذ ليس من الممكن تجنّب اختلاف القناعات ووجهات النظر فهذا امر طبيعي بلا شك؛ مادام ذلك لايلحق أذى أو ضررا بالمسلمين و أوطانهم، فالمصالح العامة التي تمثل سيادة الوطن وحرمة الشعب ؛ لايمكن القبول بالتعدي عليها او انتهاك حرمتها تحت أي مبرر كان، (المواطنة) مثلا نجد في قاموس علم الاجتماع تعريف المواطنة:
بأنها مكانة أو علاقة اجتماعية تقوم بين فرد طبيعي ومجتمع سياسي “دولة” ومن خلال هذه العلاقة يقدم الطرف الأول”المواطن” الولاء، ويتولى الطرف الثاني الحماية، وتتحدد هذه العلاقة بين الفرد و الدولة عن طريق أنظمة الحكم القائمة.
ومن منظور نفسي؛ فالمواطنة هي الشعور بالانتماء و الولاء للوطن و للقيادة السياسية التي هي مصدر الإشباع للحاجات الأساسية وحماية الذات من الأخطار المصيرية، وبذلك فالمواطنة تشير إلى العلاقة مع الأرض و الوطن.
وإن كنت من الذين لم يستفيدوا من الوطن أو بالأحرى من القيادة السياسية بالشكل المطلوب حماية ورعاية وعناية! أرى ليس بالضرورة أن تعيش منعما سالما ليسلم وينعم الآخرون، بمعنى المنطق الأحادي والاتجاه المغلق، إنها ليست امتلاك كل شيء أو لاشيء بل هي مسألة ترتبط بمدى قدرة المواطن على ممارسة تأثيره واثبات وجوده حتى لو لم يحصّل بعضا من حقوقه فهذا لايبيح له التخلي عن واجباته تجاه وطنه وشعبه! هل إذا عقّتك أمك وضيّعت بعضا من مسؤولياتها يسوغ لك ذلك عقوقها وحرمانها حقوقها كأنها لم تلدك؟
أجدني أصاب بالحيرة تجاه أولائك الذين يحبذون غزو الأجنبي لأوطانهم مع علمه بما يؤول اليه الحال من ضياع الحرث والنسل “لاسمح الله” ، بسبب موقفهم من النظام الحاكم وكانه هو الوطن والشعب، بل قد تجد تشنج البعض يتمحور حول مؤسسة ما أو بالأحرى أفراد لايتجاوزون عدد الأصابع، بينما المسكين يصبّ جام غضبه على أمة بأكملها وتفرحه المصائب المحدقة بها ! فيخلط الحبل بالنبل وكأنه يقول من بعدي الطوفان لايبقي ولا يذر، لينتصر لذاته ويشفي حنقه بينما الحقيقة أنه يبرز بذلك أعلى مراتب الجهل والأنانية؛ دعاني الى سياغة هذه الكلمات رواج بعض المفاهيم الخاطئة بين فئة من الشباب، دفعها اليأس والقنوط إلى الكفر بكل شيء (أعاذنا الله من فقدان البصيرة) على سبيل المثال ترى ذاك المغربي يتمنى عودة الاحتلال وانقسام الوطن الى دويلات، وكأن جنوب السودان حين انفصاله تحول الى سنغافورة ! وآخر مصري، فرح مسرور بأزمة وطنه ويلوّح ؛ ياليت آديس آبابا تحبس المياه “سد النهضة” ليموت المسمى (السيسي) عطشا …الخ !
لست هنا اروّج للتطبيع مع من ظلمك، وإنما أدعوك للنظر إلى مافوق ذلك بكثير أن تبصِر بعين العقل مراتب المفاسد و مآلات ذلك وآثاره المدمرة قبل أن تصيب قومك بجهالة فتصبح على مافعلت من النادمين.. رحم الله أولائك الذين تجاوزوا ذواتهم ومعاناتهم إذا تعلق الأمر بدفع الضرر أو جلب مصالح غيرهم “اللهم اغفر لقومي فانهم لايعلمون”.
تعليقات الزوار ( 0 )