Share
  • Link copied

تصاعد لهجة اليمين المتطرف الإسباني حول سبتة ومليلية: اتهامات للمغرب بالتمدد وقلق متزايد من تحولات إقليمية تخدم الرباط

أعاد التصعيد الكلامي الأخير لحزب “فوكس” اليميني المتطرف في إسبانيا فتح ملف العلاقات المغربية–الإسبانية من بوابة المدينتين المحتلتين سبتة ومليلية، إذ اعتبر زعيم الحزب المحلي في سبتة، خوان سيرخيو ريدوندو، أن المغرب “يأخذ مواقع متقدمة” استعدادًا لـ”مفاوضات محتملة بشأن وضعية المدينتين”.

وتضمنت التصريحات، التي نشرتها قناة Ceuta TV، اتهامات صريحة لحكومة مدريد بـ”الخنوع السياسي” أمام الرباط، متهمة إياها بـ”بيع الوهم” للمواطنين عبر الحديث عن إعادة فتح الجمارك التجارية، في حين أن ما يجري على الأرض – بحسب الحزب – لا يعدو أن يكون “مسرحية إعلامية”.

تحول في الخطاب الإسباني: من صمت رسمي إلى هستيريا يمينية؟

وبينما تلتزم الحكومة الإسبانية المركزية خطابًا رسميًا قوامه “الشراكة الاستراتيجية” مع المغرب، تتزايد أصوات اليمين واليمين المتطرف في الداخل الإسباني، وخصوصًا في المدينتين المحتلتين، متهمة الرباط بـ”سياسة التمدد الهادئ” المعززة بتطورات في مواقف دولية، من بينها الموقف الأميركي والإسرائيلي المؤيد لمغربية الصحراء.

ورغم أن هذا التصعيد ليس جديدًا في أدبيات حزب فوكس المعروف بعدائه الشديد للمغرب والمهاجرين، إلا أن توقيته يعكس قلقًا من تغير توازنات القوى في المتوسط، حيث بات المغرب يُنظر إليه كشريك موثوق للاتحاد الأوروبي والنيتو في قضايا الهجرة ومكافحة الإرهاب والطاقة الخضراء.

مغاربة يرون في التصريحات اعترافًا ضمنيًا بنجاح دبلوماسية الرباط

وتعليقًا على هذه التصريحات، يرى عدد من المحللين المغاربة أن خطاب حزب VOX يعكس خشية واضحة من التقدم المغربي المتدرج في الملف الترابي.

فبعد دعم مدريد الرسمي في مارس 2022 لمبادرة الحكم الذاتي في الصحراء، انكسر أحد “الطابوهات” التاريخية في السياسة الخارجية الإسبانية، وبدأت مدريد تهيئ نفسها لتسويات إقليمية أكبر، قد تشمل سبتة ومليلية على المدى البعيد.

ويضيف هؤلاء أن المغرب، بدلاً من التصعيد، يتبنى سياسة النفس الطويل، مستندًا إلى تنامي قوته الاقتصادية والعسكرية والدبلوماسية، ونجاحه في إعادة تموضعه إقليميًا وقاريًا، في وقت تعاني فيه إسبانيا من أزمات سياسية داخلية وصعود خطاب الانغلاق القومي.

بين الجمارك والرمزية: هل انتهى عهد “الخطوط الحمراء”؟

وبحسب مراقبين، فإن التوتر حول الجمارك التجارية في سبتة يعكس أكثر من مجرد خلاف تقني. فبالنسبة لليمين الإسباني، أي تواصل اقتصادي مباشر بين المدن المحتلة والداخل المغربي هو تنازل سيادي. أما المغرب، فيراه خطوة رمزية نحو استعادة زمام المبادرة، دون الحاجة لاشتباك دبلوماسي مباشر.

وقد سبق للمغرب أن صرّح عبر مسؤولين حكوميين، بأن استعادة سبتة ومليلية قضية “مؤجلة لكنها غير منسية”، وأن الأولوية الآن هي تعزيز التنمية في الأقاليم الشمالية، خاصة طنجة والناظور والفنيدق، كرافعات إستراتيجية لإعادة التموقع إقليميًا.

المغرب يربح بالهدوء… وإسبانيا تخسر بالتشنج

وفي الوقت الذي يحذّر فيه ريدوندو من أن “الزمن يعمل لصالح المغرب”، فإن ذلك يعبّر – وإن بطريقة سلبية – عن وعي متنامٍ لدى خصوم الرباط بتغير قواعد اللعبة. فبينما تستمر بعض الأطراف الإسبانية في استحضار لغة الاستعمار، ينجح المغرب في فرض واقع جديد، عنوانه: الندية والبراغماتية.

وأشار مراقبون، إلى أنه على مدريد أن تتجاوز عقلية الحصار والاحتلال، وتنتقل إلى منطق الشراكة الحقيقية التي تعترف بحقوق الشعوب في تقرير مصيرها، أما في الرباط، فالثقة مستمرة في أن الحلول الكبرى لا تُفرض بالقوة، بل تُبنى بالصبر والدبلوماسية الذكية.

Share
  • Link copied
المقال التالي