في ظل المتغيرات التي يعرفها المشهد الحضري بالمغرب، وخاصة في كبريات المدن مثل الدار البيضاء والرباط ومراكش وطنجة وأكادير، تبرز ملامح تحول واضح في سلوك المستهلك المغربي، خصوصًا فيما يتعلق باختياراته في قطاع النقل. هذا ما أكده علي شتور، رئيس الجمعية المغربية للدفاع عن حقوق المستهلك، مشيرًا إلى تزايد الإقبال على تطبيقات النقل الذكي على حساب سيارات الأجرة التقليدية.
وأوضح شتور، في تصريح خص به جريدة “بناصا” الإلكترونية، أن هذا التغير يتزامن مع بداية فصل الصيف وارتفاع أعداد السياح وأفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج، مما يخلق ضغطًا كبيرًا على وسائل النقل داخل المدن المغربية. وفي هذا السياق، يختار العديد من المواطنين التطبيقات الذكية كوسيلة أسرع وأكثر راحة وأمانًا، لاسيما في فترات الذروة أو أثناء الظروف الجوية السيئة.
ويعزو شتور هذا التوجه إلى عدد من العوامل، أبرزها شفافية التسعيرة وسهولة الحجز والتتبع، إضافة إلى جودة خدمة الزبناء، ونظام التقييم، وتوفر الخدمة على مدار الساعة، فضلاً عن إمكانية مشاركة تفاصيل الرحلة والاحتفاظ بسجل كامل يمكن الرجوع إليه في حال تقديم شكايات.
لكن في المقابل، حذر رئيس الجمعية المغربية للدفاع عن حقوق المستهلك، من التحديات المرتبطة بالإطار القانوني لهذه التطبيقات، موضحًا أن “بعض المهنيين والنقابات يبدون تخوفهم من غياب تنظيم واضح يؤطر هذا النوع من الخدمات، ومن مدى احترامها لمعايير السلامة والتأمين”.
كما سلط شتور في تصريحه لـ”بناصا”، الضوء على الاختلالات التي تشوب قطاع سيارات الأجرة التقليدية، من بينها امتناع بعض السائقين عن تشغيل العداد، أو فرض أسعار غير قانونية، أو حتى رفض التوجه إلى وجهات معينة، ما يضع المستهلك في موقف ضعف.
وفي هذا السياق، شدد شتور على ضرورة تعزيز المراقبة على كافة مقدمي خدمات النقل، وإعادة تنظيم الإطار القانوني بشكل يضمن المنافسة الشريفة بين الفاعلين، ويحمي حقوق المستهلك، داعيًا في الآن ذاته إلى تشجيع رقمنة القطاع التقليدي، من خلال إدماج سيارات الأجرة في المنصات الذكية.
وأشار المتحدث إلى أن هذا التحول الرقمي لا يعكس فقط نقلة تقنية، بل هو جزء من تحول ثقافي واقتصادي عميق، يستدعي مواكبة تشريعية وتنظيمية شاملة. واعتبر أن تطوير منظومة النقل الذكي بالمغرب هو خطوة أساسية في طريق الاستعداد لاستحقاقات كبرى، على رأسها احتضان المملكة لكأس العالم 2030، مما يفرض على المغرب تحديث بناه التحتية وخدماته لتتماشى مع المعايير الدولية وتعزز صورته كدولة حديثة وذكية.
وختم شتور تصريحه بالتأكيد على أن هذا التحول، إذا تم تأطيره قانونيًا وتنظيميًا بالشكل المناسب، سيكون في صالح المستهلك المغربي، وسيساهم في الرفع من جودة الخدمات وتعزيز ثقة المواطنين في منظومة النقل، داعيًا إلى اعتماد سياسات عمومية منصفة ومنظمة تواكب هذا التغيير.
تعليقات الزوار ( 0 )