Share
  • Link copied

تحالف استراتيجي بين “لارام” والخطوط الصينية الجنوبية يُمهّد لطريق جوي جديد بين إفريقيا وآسيا ويعزز موقع المغرب قبيل مونديال 2030

في خطوة استراتيجية يُتوقع أن تعيد رسم خارطة الربط الجوي بين إفريقيا وآسيا، وقّعت الخطوط الملكية المغربية (RAM) ونظيرتها الصينية “تشاينا ساذرن إيرلاينز” (China Southern Airlines) مذكرة تفاهم في مارس الماضي، تقضي بإطلاق “ممر جوي” جديد يربط القارتين، ويهدف إلى تسهيل تنقل المسافرين بين الصين وإفريقيا، من دون الحاجة إلى المرور عبر محاور تقليدية كأوروبا أو الشرق الأوسط.

ويأتي هذا التحرك في لحظة فارقة للمغرب، الذي يستعد لاحتضان كأس العالم لكرة القدم 2030 رفقة إسبانيا والبرتغال، ويسعى لتطوير بنيته التحتية بشكل غير مسبوق، خصوصاً على مستوى النقل الجوي والسياحي.

وبحسب رئيس الخطوط الملكية المغربية، حميد عدو، فإن هذا التعاون “يمثل خطوة محورية نحو تعزيز الربط الجوي بين إفريقيا والصين”، مؤكداً أن الطرفين يطمحان إلى تقديم تجربة سفر أكثر سلاسة للمسافرين، فضلاً عن دعم التبادل الاقتصادي والثقافي بين الجانبين.

ويشمل الاتفاق شراكة في تقاسم الرموز (Code-sharing) والتنسيق في خدمات الشحن الجوي ونقل الركاب، ما سيمكن من توسيع شبكة الوجهات المتاحة أمام المسافرين ويقوّي موقع مطار الدار البيضاء كمحور استراتيجي في شمال إفريقيا.

ويأتي التحالف الجديد أيضاً في سياق دينامية استثمارية قوية يشهدها قطاع الطيران المغربي. فقد كشفت السلطات المغربية عن خطة طموحة لتوسعة مطار محمد الخامس الدولي في الدار البيضاء، تهدف إلى رفع طاقته الاستيعابية إلى 35 مليون مسافر سنوياً بحلول 2029، مقابل 14 مليون حالياً، باستثمار يناهز 1.55 مليار دولار.

هذا المطار، الذي استقبل نحو 11 مليون مسافر في 2024، يُعدّ اليوم من بين أكثر المطارات نشاطاً في القارة، ويطمح ليكون البوابة الأولى لإفريقيا نحو آسيا.

والتحالف المغربي-الصيني لا يمكن فصله عن الرؤية الاستراتيجية الصينية الأكبر: “مبادرة الحزام والطريق”، التي أطلقها الرئيس شي جين بينغ سنة 2013، وتهدف إلى ربط الصين بالقارات الأخرى عبر مشاريع برية وبحرية وجوية.

وفي هذا السياق، قال كوو غوانجي، نائب رئيس شركة “تشاينا ساذرن”، إن مذكرة التفاهم تمثل “نقطة انطلاق جديدة للتعاون بين الشركتين، وتخدم أهداف الصين في تعزيز مبادرتها العالمية”.

ورغم التفاؤل الذي يرافق هذه المبادرة، إلا أن بعض الخبراء يرون أن التفاوت الكبير في حجم الأسطولين قد يطرح تحديات أمام التكامل الفعلي. فالخطوط الصينية تمتلك أكثر من 850 طائرة، بينما لا يتعدى أسطول RAM 55 طائرة فقط.

غير أن المغرب يعوّل على موقعه الجغرافي كجسر بين إفريقيا وأوروبا وآسيا، وعلى خبرته في تدبير المطارات وشركات الطيران، لتعويض هذا الفارق بالابتكار والموقع الاستراتيجي.

وتأتي هذه الشراكة أيضاً في لحظة انتعاش غير مسبوقة لقطاع الطيران في إفريقيا، حيث ارتفع عدد المقاعد المعروضة من قبل شركات الطيران الإفريقية بـ12.6% بين مارس 2023 و2024، كما حققت الشركات مداخيل ناهزت 1.83 مليار دولار في يناير 2024.

ويرى محللون أن تعزيز الشراكات الدولية مثل هذه، لا يوسع فقط حجم “كعكة” السوق، بل يمكنه أن يجعل من القارة الإفريقية لاعباً حقيقياً في صناعة النقل الجوي العالمي.

ومن “الدار البيضاء” إلى “غوانزو”، مروراً ببكين ونيروبي ولاغوس، يبدو أن الطائرات المغربية والصينية ستبدأ في نسج مسارات جديدة فوق سماء إفريقيا وآسيا، لا تربط فقط المطارات، بل تصنع أيضاً فرصاً جديدة للتجارة، للسياحة، وللتفاهم الحضاري.

وبينما تستعد الملاعب لاحتضان جماهير العالم في 2030، فإن المطارات أيضاً تُهيّأ لتكون جسوراً جديدة لعالم أكثر اتصالاً… من الجو.

Share
  • Link copied
المقال التالي