شارك المقال
  • تم النسخ

تأسيسُ هيئةٍ انفصاليةٍ بالعيونِ بقيادةِ أمينتو حيدر وسطَ صمتِ الدولةِ والأحزابِ!

أعلن مجموعة من النشطاء الصحراويين بمدينة العيون المغربية، الأحد الماضي، عن تأسيس ما يسمى بـ”الهيئة الصحراوية لمناهضة الاحتلال المغربي”، بقيادة الحقوقية أمينتو حيدر، حيث أكدوا أن التنظيم الجديد، هو جزء من حركة البوليساريو الانفصالية، وبالرغم من مرور أربعة أيام على هذا الحدث، إلا أن السلطات المغربية تواصل صمتها عن الأمر.

وشددت الهيئة الجديدة، التي تتكون من نحو 33 عضوا، على أنها ستناضل من أجل ما أسمته “حرية واستقلال الشعب الصحراوي، والدفاع عن كرامة الإنسان الصحراوي بالوسائل السلمية والمشروعة، على اعتبار أن هذا الحق يشكل أساس وروح جميع الحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تعترف بها الشرعية الدولية والإفريقية لجميع شعوب العالم”.

واستغرب العديد من الأساتذة والأكاديميين المغاربة من الصمت الذي تمارسه السلطات حول الهيئة الجديدة، بالرغم من أنها أعلنت صراحة “مبايعتها” للبوليساريو، وأعربت عن مواقف معادية للوحدة الترابية للمملكة، والتي تتضح جليا في اسم التنظيم الجديد، الذي وضع ما أسماه بـ “مناهضة الاحتلال المغربي”، على رأس أولوياته.

ويرى مراقبون بأن هذه الهيئة، جاءت ردة فعل على تأسيس حركة “صحراويون من أجل السلام”، والتي عبّرت في أكثر من مناسبة على أنها ضد توجه البوليساريو، واصفة جماعة الرابوني بـ”الإقصائية والجامدة والتي تحركها أيادي خارجية”، حيث كانت المنظمة الجديدة قد عقدت في الشهرين الماضيين، بالأقاليم الجنوبية للمملكة، عدة تجمعات تمهيدية للمؤتمر التأسيسي، دون أن يصدر أي منع من السلطات المغربية.

عدم إقدام السلطات على منع تجمعات “صحراويون من أجل السلام”، والتي بالرغم من أنها أعلنت صراحة وقوفها ضد طرح البوليساريو، إلا أنها أكدت في المقابل، أنها ليست مع التوجه المغربي، بل هي “حل سياسي سلمي ثالث للنزاع”، دون أن توضح موقفها بشكل جلي من الصحراء، _ عدم المنع _ أرجعه البعض إلى ترحيب المغرب بهذا الخط الوسط، غير أن التغاضي عن تأسيس هيئة انفصالية غير مفهوم بالنسبة للعديد من المواطنين والمهتمين بملف الصحراء المغربية.

والغريب في الأمر، وفق متابعين، أنه وإلى جانب معاداة الوحدة الترابية للمملكة، فإن السلطات المغربية تملك عذرا آخر لتوقيف أعضاء الهيئة الجديدة، وهي خرق حالة الطوارئ الصحية والإجراءات المعمول بها، وتنظيم تجمع يتكون من عشرات الأفراد، غير أنها لم تقم بأي تحرك، في وقت يمنع فيه أي تجمع مشابه في مناطق أخرى بالمملكة، وهو ما أثار التساؤل عن موقف الدولة من هذه الحركة.

وأشار البعض إلى أن البوليساريو تتوقع صدور قرارات لا تخدم مصالحها من الأمم المتحدة خلال شهر أكتوبر المقبل، الأمر الذي دفعها لتحريك أتباعها في الأقاليم الجنوبية للمملكة، من أجل تأسيس الهيئة الانفصالية الجديدة، بالإضافة إلى كونها ردة فعل على الحركتين المعارضتين اللتين أسستا في الجنوب المغربي وبمخيمات تندوف، “صحراويون من أجل السلام”، و”المبادرة من أجل التغيير”.

وفي موضوع الهيئة الانفصالية التي تأسست في العيون، كتب خالد البكاري، الناشط الحقوقي، تدوينة على حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، تحت عنوان: ماذا يعني تأسيس الهيئة الصحراوية لمناهضة الاحتلال المغربي؟، حيث أشار إلى أن تأسيس هذه الهيئة بهذا الاسم الذي تجاوز “الاستفزاز”، “يعني انتقال دينامية مجموعة أمينتو ومن معها من الرهان على العمل الحقوقي لإحراج المغرب ومناكفته، إلى العمل السياسي الصريح، وبالتالي نحن أمام تطور في الدينامية ولسنا أمام تراجع”.

وأضاف البكاري بأنه إذا كان الملاحظون “يعتبرون الكوديسا ذراعا حقوقيا لجبهة بوليساريو في الأقاليم الصحراوية، فيطرح سؤال عن نوع العلاقة بين كيان سياسي مسلح (البوليساريو) وبين هيئة أمينتو السياسية؟”، متابعاً:”هل هذه الدينامية الجديدة هي من بين تعبيرات متعددة عن عدم الرضى على مسار البوليساريو؟ أم هي تعبير محلي من تعبيرات البوليساريو جاء ردا على دينامية أخرى مناهضة للبوليساريو، وأقصد مبادرة (صحراويون من أجل السلام) الذين عقدوا مؤتمرهم بين العيون والداخلة، وهي مبادرة تضم قيادات سابقة للبوليساريو. وبإمكانيات لوجستية وبشرية مهمة. وشرعت في الاتصال وتوجيه رسائل لأطراف دولية لها علاقة بملف الصحراء”.

وأردف البكاري بأن مبادرة “صحراويون من أجل السلام” بدورها “يظل افقها ملتبسا، فلاهي تؤيد مقترح الحكم الذاتي صراحة، ولا هي تتشبت بمطلب الدولة المستقلة، وتتحدث عن الشعب الصحراوي ورغبته في السلام وتسوية النزاع سلميا دون أن تحدد كيف وفي أي أفق (جزء من المغرب، حكم ذاتي، دولة مستقلة، اوطونوميا)، وفي مؤتمريها بالعيون والداخلة (فرع وادي الذهب وفرع الساقية الحمراء حسب تسميتها) غابت أعلام المغرب وكذلك أعلام الجبهة، كما حضرت تمثيلية واد نون وهي منطقة خارج المنطقة المتنازع عليها، وكانت البوليساريو قد رفضت إدراجها أثناء مسلسل تحديد الهوية”.

وعاد البكاري للحديث عن الهيئة الانفصالية الجديدة بقيادة أمينتو حيدر، حيث تساءل:”هل تسميها المؤتمر التأسيسي باسم دورة محمد عبد العزيز هو إعلان ضمني عن استمرار الاعتراف بالبوليساريو ممثلا وحيدا للشعب الصحراوي، أم هو عكس ذلك يحمل دلالة عدم الاتفاق مع ما يسميه منتقدو البوليساريو بالمنحى الانتظاري لقيادة الجبهة بعد رحيل محمد عبد العزيز؟”.

واستطرد:”إذا كان هذا المولود السياسي سيضع نفسه تحت إشارة قيادة البوليساريو، فكيف سيكون موقف المغرب إذا اختارت الجبهة بعض أسماء الهيئة في وفدها المفاوض؟ لنتذكر اعتراض البوليساريو على تمثيلية صحراويين في الوفد المغربي، وبالتالي قد تفكر الجبهة في تمثيلية من الأقاليم الصحراوية في مواجهة صحراويين وحدويين داخل الوفد المغربي”.

وواصل البكاري:”قد تكون طموحات أمينتو ومجموعتها أكبر، فتطرح نفسها ممثلا لخيار آخر تربك به كل الأوراق، هنا وهناك وفي الأمم المتحدة”، منبهاً إلى أننا :”أمام ديناميات جديدة، وغير واضحة للمتتبع المغربي، فلا نكاد نعرف إلا قليلا عن مبادرة “صحراويون من أجل السلام”، وعن الهيئة الجديدة”، مبديا تفهمه لـ”الصمت الرسمي الذي ربما له أوراقه في هذه الديناميات، ومحكوم بخطوط يضبطها وضع الملف على أجندة الأمم المتحدة،”، غير أنه استغرب من “صمت الأحزاب والنخبة والإعلام، وكأن ما يقع في الصحراء لن تكون له انعكاسات على كل الوطن”.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي