Share
  • Link copied

بين نجاح التصدير واستنزاف الموارد: كيف أصبح المغرب المزود الأول لفرنسا بالطماطم على حساب مياهه الجوفية وحقوق عماله؟

تحوّل المغرب خلال السنوات الأخيرة إلى الشريك الزراعي الأول لفرنسا، بعد أن أصبحت صادراته من المنتجات الفلاحية والغذائية تحتل الصدارة، بقيمة قاربت 1.5 مليار يورو سنة 2024.

ومن بين هذه المنتجات، تبرز الطماطم المغربية كأهم سلعة زراعية تصدرها المملكة، حيث تمثل 76% من واردات فرنسا من الطماطم، وفق ما كشفه تحقيق حديث للصحفي نيكولا بو.

لكن خلف هذا النجاح التجاري، تلوح تحديات بيئية واجتماعية متفاقمة، تطرح تساؤلات عميقة حول كُلفة هذا النمو الزراعي المكثف، سواء على الموارد الطبيعية أو على أوضاع العمال والعاملات في هذا القطاع.

وفي العقد الأخير، ارتفعت واردات فرنسا من الطماطم المغربية بنسبة 46% من حيث الحجم، وبأكثر من 220% من حيث القيمة المالية بين عامي 2014 و2024، ما يعكس تصاعد الطلب الأوروبي على المنتجات الزراعية المغربية، المدفوعة بانخفاض الكلفة وتوافر الإنتاج طوال العام.

ولم تتوقف الصادرات المغربية عند الطماطم فقط، إذ باتت المملكة كذلك تُصدّر 69% من حاجيات فرنسا من البطيخ و22% من وارداتها من الشمام، ما يعزز تموقعها كمورد زراعي استراتيجي.

ورغم هذا التوسع اللافت، فإن إنتاج الطماطم يستهلك ما يقارب 27% من إجمالي المساحات الزراعية في المغرب، ويُسهم بشكل كبير في استنزاف الموارد المائية، خاصة من خلال استغلال مفرط للفرشات المائية الجوفية، في مناطق مثل سوس والرشيدية وتافراوت، المعروفة بندرة المياه والتغيرات المناخية الحادة.

وتُثير هذه المعطيات مخاوف جدية بشأن استدامة هذا النموذج الزراعي، الذي يبدو موجهاً بشكل كبير للتصدير، على حساب الأمن الغذائي المحلي والاكتفاء الذاتي الوطني، في بلد يُواجه تحديات متزايدة تتعلق بالجفاف ونُدرة المياه.

وعلى المستوى الاجتماعي، تترافق الطفرة الزراعية الموجهة للتصدير مع أوضاع هشة لليد العاملة الزراعية، لاسيما النساء العاملات في الضيعات والمزارع الكبرى، حيث تُسجل تقارير حقوقية ظروف عمل قاسية، وأجور منخفضة، وضعف الحماية الاجتماعية والصحية.

ويحذر خبراء من أن هذه المعادلة القائمة على “التصدير مقابل الاستنزاف” قد تُفضي إلى كوارث بيئية واجتماعية إذا لم تتم مراجعة السياسات الزراعية لتضمن توازناً بين متطلبات السوق الخارجي واحتياجات السكان المحليين وحقوقهم.

وفي ظل هذه المعطيات، تتزايد الدعوات داخل المغرب وخارجه إلى ضرورة إعادة التفكير في النموذج الفلاحي السائد، بحيث يُراعى فيه العدالة المائية والإنصاف الاجتماعي والسيادة الغذائية، مع ترشيد الموارد الطبيعية واعتماد حلول مستدامة.

Share
  • Link copied
المقال التالي