Share
  • Link copied

بين الاعتراف الأميركي وغياب القنصلية في الداخلة: هل يدفع المغرب ثمن الالتزام بـ”اتفاق الصحراء” أم يطالب واشنطن بتسديد فاتورتها الدبلوماسية؟

بعد مرور أكثر من أربع سنوات على إعلان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، في ديسمبر 2020، الاعتراف الرسمي بسيادة المغرب على الصحراء، يظل وعد واشنطن بافتتاح قنصلية أمريكية في مدينة الداخلة عالقاً بين التجاذبات السياسية والاعتبارات المالية، ما يثير تساؤلات حادة حول مصير هذا الالتزام الأميركي، ومن سيتحمل كلفته المحتملة.

وفي تحليله المنشور في النشرة الجيوسياسية “Consilium Strategicum”، يؤكد الخبير الأميركي مايكل وولش أن إدارة ترامب الثانية – في حال استمرارها – ستكون أمام مفترق طرق حساس: فإما الوفاء بتعهدها بإنشاء القنصلية في الداخلة، أو المخاطرة بفقدان الثقة كشريك استراتيجي في المنطقة، لا سيما في سياق الرغبة الأميركية بتوسيع اتفاقات أبراهام لتشمل دولاً جديدة.

القنصلية… رمز أكثر من مجرد مبنى

ووفق وولش، فإن المسألة لا تتعلق بمقر دبلوماسي فحسب، بل برمز استراتيجي شديد الدلالة: فتح قنصلية في الداخلة سيعني تثبيت الاعتراف الأميركي بسيادة المغرب على الصحراء، ومنح الرباط ورقة سياسية قوية في وجه خصومها.

كما سيكون ذلك بمثابة منصة جديدة للنفوذ الأميركي في منطقة الساحل المتقلبة، التي تشهد انكماشاً تدريجياً للدور الغربي أمام تمدد قوى أخرى كروسيا والصين.

تكلفة باهظة وإصلاحات داخلية متناقضة

وفي المقابل، تبرز معضلة حقيقية أمام إدارة ترامب الحالية: خطط تقشف صارمة وتقليص غير مسبوق في الإنفاق غير الدفاعي، قد تجعل من تمويل مشروع قنصلية جديدة في منطقة نائية مثل الداخلة أمراً صعب التبرير داخلياً.

وهذا التردد يفتح الباب، بحسب وولش، أمام احتمال أن يُطلب من حلفاء واشنطن – وعلى رأسهم المغرب أو حتى إسرائيل – المشاركة في تغطية تكاليف القنصلية.

بين الالتزام والابتزاز السياسي؟

وتترقب الرباط، التي أوفت بتعهدها في إطار اتفاقات أبراهام، خصوصاً من خلال تطبيع العلاقات مع إسرائيل، خطوات ملموسة من الجانب الأميركي.

ويطرح تأخر افتتاح القنصلية علامات استفهام حول مدى جدية واشنطن في الالتزامات الثنائية، ويمنح المغرب هامشاً للمناورة مستقبلاً في ملفات إقليمية ودولية أخرى.

رؤية استراتيجية أم صفقة مؤجلة؟

ويبقى السؤال الأهم: هل ترى واشنطن في الداخلة موقعاً استراتيجياً ضمن رؤيتها للمنطقة، أم مجرد ورقة تفاوضية مؤجلة لحسابات لاحقة؟

وفي الوقت الذي تعيد فيه الولايات المتحدة ترتيب أولوياتها في إفريقيا، قد تحدد مسألة القنصلية مصداقيتها أمام شركائها، وقدرتها على الحفاظ على موقعها في لعبة النفوذ العالمي.

وفي نهاية المطاف، يبدو أن تدشين القنصلية الأمريكية في الداخلة لن يتوقف فقط على الإرادة السياسية، بل على “من سيدفع الثمن” في زمن تقاطع المصالح والضغوط الداخلية والخارجية.

Share
  • Link copied
المقال التالي