من الواضح أن افتعال ضجة برنامج بيغاسوس واتهام المخابرات المغربية بالضلوع في التنصت على شخصيات محلية وعالمية من ضمنهم رؤساء دول ، لا تمكن قراءته إلا في سياق التحرشات التي صارت تتعرض لها المملكة المغربية مؤخرا من طرف عدد من الخصوم و طرف بعض المنافسين لها على الركح الدولي بعد متوالية الإنجازات الاستثنائية التي حققها المغرب مؤخرا متحولا لرقم صعب في المعادلات الإقليمية والدولية .
لقد استفاق العالم فجأة على مغرب اخر مختلف قد خرج لتوه صلبا قويا تحت قيادة جلالة الملك محمد السادس من السنة الأولى لكورونا، وهو الفيروس الذي صار فاعلا أولا في العلاقات الدولية، والذي من مهماته ايضا تسريع التحولات الكامنة التي كانت تعتمل إقليميا ودوليا ،
المغرب كان يبني قوته الضاربة ويهيئ لإشعاعه في صمت ،دونما انتباه شديد من طرف جيرانه ،لكن اعتراف أمريكا المفاجئ لهم بمغربية الصحراء، و إدارته المحكمة للوباء التي حيرت الجميع ،وتفوقه المبهر في حملة اللقاح بتوفير الجرعات اللازمة لشعبه مثله مثل أي دولة عظمى ، ومروره مؤخرا الى السرعة القصوى بدخول نادي الدول المصنعة للقاح، كلها نجاحات جعلت الجيران ينتبهون إليه بل و خلقت سعارا لديهم يدفعهم دفعا للإمساك بتلابيبه حتى لاينطلق مسرعا في مضماره الجديد .وهذه مسألة نفسية يواجه بها الممتعضون من النجاح وأعداء التفوق الدولة التي تشرئب بعنقها الى التميز وصناعة الفارق مع محيطها،وقديما قد كان بين الدول الحسد.ولذلك مايقع للمغرب حاليا ماهو الا تكالب مفضوح و محاولة يائسة أخيرة لكبح تقدمه نحو مواقع متقدمة، إنها المحاولة التي كان متوقعا أن تسبق قرار هذه الدول عدوة كانت او مشاكسة بالاعتراف بالمغرب كفاعل وقوة اقليمية . فقط كان يغيب عنا شكلها.وهاهي الآن تتبدى لنا عارية مفضوحة ومقيتة دونما اصباغ. أمامنا صارخا المثال الصيني، حيث نرى كيف أن الغرب يحاول بكل مااوتي من جهد اعاقة صعود هذا المارد الاقتصادي كقطب جديد في النظام الدولي لما بعد كورونا .هذه المناوشات التي تطالنا هي المماثل في حالتنا لما تتعرض له الصين حاليا من معاكسات قبل إعلانها سيدة للعالم .
المخابرات هي الذراع الأمني الاول للدولة خصوصا في هذا العصر الذي تستأسد فيه التكنولوجيا وتتحور كل يوم . فمهمتها ليس فقط حماية الوطن من المتربصين بامنه بالمفهوم الكلاسيكي، بل وضمان أنواع جديدة من الأمن كالامن الصحي والغذائي والعقدي والروحي .فالدول واستخباراتها لم تعد تجمع فقط معلومات أمنية صرفة بل ومعلومات صحية واقتصادية واجتماعية ووبائية ايضا ، لان الأمن أصبح مفهوما معقدا ومركبا. والخروب والأزمات أصبحت ذات أشكال جديدة وغير مسبوقة ،ولذلك يكون استهداف المخابرات المغربية في صورتها وفي الاحترام الذي يكنه لها المواطن المغربي أسوة بالاحترام الذي يكنه المواطن الغربي والروسي والصيني لمخابراته بلده ليس سوى مجرد رغبة دفينة لدى المخططين له لتحجيم قوة المغرب بعد أن غاظتهم حيوية مخابراته في ضمان سلامة المغرب وسلامة العالم من خلال توفير المعلومات الحاسمة في الوقت المناسب عن الجماعات الإرهابية. وهذا ماشهدت به دول أوروبية عديدة خلال عدة مناسبات .
هي خطة مدروسة إذن لأجل دفع الاستخبارات المغربية الى الانكماش لإيقاف الانتصارات المغربية وايقاف المد المغربي أفريقيا على جميع الأصعدة. المغرب الآن أصبح ينهج سياسة المعاملة بالمثل ويقف الند للند لكل من يتعرض لمصالحه، وهذا ما يخلق ردة الفعل هاته من طرف من يضرهم هذا الصعود المغربي المفاجئ.علينا أن لاتنطلي علينا المكيدة وان لا تهتز ثقتنا في انفسنا وبالخصوص أن نفتخر بكل عناصر ومكامن القوة فينا.
تعليقات الزوار ( 0 )