لم يعد يخفى على المتتبعين لِصِرَاع المحاور والنفوذ طبيعة السياسة الماكرة واستراتيجية المكر التي تنهجها “الجماهيرية الفرنسية الإفريقية” في إطار تنميطها للعلاقات المغربية/الدولية ومحاولة تدجينها بمهارات ماكرونية وأدوات استعمارية ناعمة في أفق تقليم أظافر الأسد الأطلسي ورسم حدود الوصاية عليه. إنها المقاربة المنهجية التي يشتغل بها العقل “المَكَرُوني” وذالك بتوظيف وتحريض مجموعة من الأطراف والجهات الإقليمية و الدولية وهندسة مواقف وصناعة أحداث ضدّاً على استنهاض المغرب العميق لقدراته وتجاوزه للخطوط المرسومة له استعمارياً وتكسيره لقيود الطاعة الفرنكوفونية إرادياً.
إذا كانت فرنسا “الحرّية-والمساواة-والأخوّة” قد فقدت بوصلَة وِجهتها وضاعت وتاهَت في مناطق شتّى مقابل استرداد المغرب لِخَطّه و خُطَطِه وتوجُّهِه بِوَجه واضح غير مقنّع يروم التموقع والتمركز والتموقف بشكل صريح وبدون نفاق سياسي في موضوع قضية الصحراء و التي أصبحت بمقتضى تحديات اليوم تشترط على كلّ حليف أو شريك وضع نظارات كُتِب عليها: “صناعة مغربية شعبية رسمية بإمتياز واستماتة قوية من أجل القضية الوطنية بإيجاز”.
لا داعي يا قصر الإيليزي أن نقوم بِاستدعاء الذكاء الجماعي أو اجتراح أدوات التحليل من أجل إعادة تركيب المشهد بالصورة والموقف، والدور الذي أضْحَيْتَ تَلعَبُه “يا قَصر بدون قَيصَر”، في تحدِّي صارخ لمكونات الشعار الرسمي الفرنسي، يكفي أن أصغرنا سنّاً في مواقع التواصل الاجتماعي، يُدرك الأيادي الخفية لقصر الإيليزي في تحريكه لِكرَاكيز قصور قرطاج والمرادية من أجل استفزاز مشاعر المجتمع المغربي، وممارسة الضغط لتفكيك التطلعات وتقزيم الطموحات المشروعة لِدَولة ذات عمق إنساني، وحضارة تاريخية لا زال العمران الأوروبي والذاكرة الفرنسية يتحدّثان عنها و يشهدان على عظمتها.
لَكن المهزلة التي لا يمكن للنخب الأكاديمية والنقابية والحقوقية والمدنية أن تستَصِيغَها هو سقوط السياسات المَكَرونية وإجراءاتها الفرنكوفونية العُنصرية في حضيض تصفية الحسابات بإسم التأشيرات في سياق محاولة إهانة طالبيها وبسرقة موصوفة لأداءات الحصول عليها.
أيتها “الدولة الشريفة” رغم أنف الإيليزي وتحركاته غير الشريفة لم يعد مقبولاً إهانة المواطنين المغاربة وعدم تفعيل مسطرة التعامل بالمثل في ما يخص الاتفاقيات والمساطر المصاحبة للعلاقات الدولية.
على فرنسا أن تعلن بصراحة موقفها من القضية المفتعلة للصحراء المغربية، وعلى فرنسا الاعتراف بجرائم حربها إبان الاستعمار الفرنسي، وعلى فرنسا تقديم تعويضات على الأضرار المادية والمعنوية التي لحقت بالدولة المغربية والمجتمع المغربي من جرّاء الحقبة الاستعمارية الإجرامية والتي لا زالت تداعياتها قائمة.
وهنا أتذكر إحدى الجلسات العمومية للمجلس الأعلى للتربية والتكوين والبحث العلمي (2015-2016) التي كان من بين مقرراتها جعل الانجليزية اللغة الأجنبية الأولى في التدريس المدرسي والجامعي، أثناءها قامت فرنسا الاستعمارية بإستنفار نُخَبها ومواقعها الإعلامية وأجهزتها الديبلوماسية و نزلت بالإكراه بعد الإقرار من برجها العالي وممارساتها المعتَادَة في الثلث الخالي حيث تقاطع هذا الحدث التاريخي مع سلوك فرنسا الطائش لإهانة سمعة الدولة المغربية من خلال محاولة قضائها غير المستقل استدعاء أحد ممثلي ورموز الدولة أثناء تواجده على الأراضي الفرنسية بِنَاء على تُهَم ودعاوى قضائية ملفّقة لدرجة انقلب معها الموقف الرسمي الفرنسي رأساً على عقب وتحول من إجراء قضائي مفبرك ومصطنع يبتَغي الإبتزاز والمقايضة و التركيع إلى حدث رسمي من أجل التشريف والتكريم.
فرنسا أيها الناس لا تفهم إلا لغة:”* السيادة بالسيادة تُذكَر.. والقيادة للسّادَة*” مع وجود إرادة سياسية بوجوب القطع مع التبعية الفرنكوفونية وتنويع مصادر الشراكات والعلاقات الدولية من منطلق مشروطية “مغربية الصحراء واحترام السيادة والقيادة الوطنية”.
بالأمس القريب عَكَسَ الموقف السيادي الرواندي ردّة فعل حقيقية على السياسة الاستعمارية الفرنسية والتّمرّد على الخيار الإستراتيجي القائم وذالك بالتخلي على النموذج الفرنكوفوني المتخلف والمتجاوز والمتعالي والذي لا زال يحنّ إلى فترة الاستعمار والاستكبار والاستحواذ والاستحمار واستنزاف الموارد، والاستفراد بصانعي السياسة والاقتصاد حيث اتخذت الدولة قراراً تاريخياً بِتَبَنِّي النموذج الأنكلوسكسوني في تسيير دواليب الدولة والمجتمع.
في الأخير لا يَسَعُنَا إلاَّ أن نُسجِّل للأسف وللتاريخ منظومة المَكر والمُنكَر الفرنسي. ويمكر ماكرون وذاكرتنا التاريخية حيّة وهي أحسن عربون رغم تعدُّد الدوائر المَكَرُونية وَلْتَعلَم كلّ القصور المَاكِرَة أن الجَان والجاني والزبون المجنون مع إضافة الكَائن تبّون لا تُرهبُنا ولا تُزعجنا بِقَدرِ مَا تُزَكِّي التعبئة الوطنية والإجماع بِدَاخِلِنَا….!!!!! حَذَار من مَغرِب اليَوم فَهُو ليس كَمَغرِب الأمس….!!!
تعليقات الزوار ( 0 )