في خطوة تعكس عمق التعاون العسكري المتجدد بين المغرب وإسبانيا، تم الاتفاق رسمياً على تاريخ تسليم أول سفينة حربية تبنيها مدريد للرباط منذ ما يقارب أربعة عقود.
ويتعلق الأمر بالسفينة الحربية من طراز Avante 1800، التي تُعد من أحدث طرز دوريات الأعالي، والتي تبنيها شركة Navantia الإسبانية الرائدة في صناعة السفن.
ويُرتقب أن يتم تسليم هذه السفينة المتطورة إلى البحرية الملكية المغربية بحلول منتصف سنة 2026، في إطار صفقة تبلغ قيمتها 95 مليون يورو، بتمويل من بنك “سانتاندير” الإسباني.
وكانت عملية بناء السفينة قد انطلقت فعلياً في شتنبر 2024 من أحواض سان فيرناندو بإقليم قادس، في مشروع يُعيد إحياء التعاون العسكري البحري بين البلدين بعد توقف دام 40 عاماً، منذ تسليم الفرقاطة “المقدم الرحموني” سنة 1983.
وتمثل سفينة Avante 1800 طفرة تكنولوجية في ترسانة البحرية المغربية، حيث يبلغ طولها 87 متراً، وعرضها 13 متراً، مع قدرة استيعابية تصل إلى 60 فرداً، ما بين طاقم أساسي وقوات إضافية.
وتستمد السفينة قوتها من أربعة محركات ديزل مقسّمة على حجرتين، إضافة إلى مولدين كهربائيين، ما يمنحها سرعة قصوى تصل إلى 26 عقدة بحرية، ومدى يصل إلى 4000 ميل بحري عند سرعة 15 عقدة.
وتم تصميم السفينة بميزات تخفّي متقدمة، تقلل من انبعاثاتها الرادارية والحرارية، ما يجعلها ملائمة لمهام متعددة تشمل: مراقبة المنطقة الاقتصادية الخالصة، مكافحة التهريب والتلوث، عمليات البحث والإنقاذ، التدخل السريع، ودعم فرق الغطس القتالي.
وتتوفر السفينة على مدفع رئيسي عيار 76 أو 57 ملم، إضافة إلى مدفعين ثانويين من عيار 25 أو 30 ملم، مع إمكانية تجهيزها بأنظمة صواريخ مضادة للطائرات والسفن، ومنظومات دفاع قريبة.
كما تضم السفينة منصة مخصصة لهبوط مروحيات متوسطة تصل حمولتها إلى 10 أطنان، وقاربي تدخل سريع (RHIB) بطول 8 أمتار لكل منهما.
وتندرج هذه الخطوة في سياق استكمال برنامج المغرب لتحديث قدراته البحرية، والذي شهد خلال السنوات الأخيرة تعزيز الأسطول بسفن من طرازات متقدمة، مثل الفرقاطة FREMM “محمد السادس”، وثلاث كورفيتات من طراز SIGMA، ضمن استراتيجية تؤكد تحول المملكة إلى قوة بحرية إقليمية.
وتعكس هذه الصفقة أيضاً الثقة المتبادلة بين مدريد والرباط، ورغبة الجانبين في تجاوز التوترات السابقة نحو تعاون أمني متين في منطقة غرب المتوسط، التي تزداد أهميتها الاستراتيجية على ضوء التحديات الأمنية والاقتصادية المتسارعة.
بهذا الإنجاز، يُعيد المغرب توطيد علاقاته مع شركائه الأوروبيين في مجال الصناعات الدفاعية، ويعزز قدراته في تأمين حدوده البحرية والتصدي للتحديات الجديدة في فضائه البحري.
وتسلم Avante 1800 لن يكون فقط حدثاً عسكرياً، بل رسالة استراتيجية تؤكد صعود المغرب كقوة بحرية صاعدة في إفريقيا والمتوسط.
تعليقات الزوار ( 0 )