شارك المقال
  • تم النسخ

بعد فيلم “نوبة العشاق”.. لماذا تفتقر رفوف السينما المغربية لـ”الأفلام التاريخية”؟

يخوض المخرج المغربي كمال كمال تجربة سينمائية جديدة من خلال فيلم “نوبة العشاق”، وهو فيلم تاريخي يعود بالجمهور إلى نهاية القرن الـ15 وبداية القرن الـ16.

ويشارك في هذا الفيلم -الذي تم تصوير مشاهد منه في قصر البديع بمراكش قبل أن يتم الانتقال إلى تصوير باقي المشاهد في مدينة أزمور- ثلة من النجوم المغاربة، منهم ربيع القاطي وإدريس الروخ وسناء العلوي وسعيد باي وعبد الحق بلمجاهد وغيرهم.

ويسلط الضوء على المجتمع المغربي خلال العهد الوطاسي من خلال حكاية الشاب حماد -الذي يلعب دوره الممثل ربيع القاطي- المتهم بالتورط في مقتل صديقه.

وكان حماد صانعا تقليديا مولعا بالموسيقى الأندلسية، يعيش حياة حالمة وهادئة قبل أن ينعزل عن محيطه ويبتعد عن صديقه من أجل صناعة اسطرلاب بحري بطلب من مغامر برتغالي.

غير أن الاسطرلاب اختفى وصديقه قتل، واتهم حماد بجريمة القتل، مما جعله يفقد اتزانه النفسي ويدخل “المارستان” بفاس، وهو مستشفى الأمراض العقلية والنفسية، لتلقي حصص للعلاج بالموسيقى.

ويحمل الفيلم اسم “نوبة العشاق”، وهي إحدى النوبات الأندلسية الـ11 التي لا تزال محفوظة وتؤدى من طرف الفرق الموسيقية الأندلسية في المنطقة المغاربية، وكانت الموسيقى الأندلسية واحدة من الطرق التي يعالج بها المصابون بأمراض نفسية وعقلية في المستشفيات.

احتفاء فني

واحتفى الفنانون المشاركون في هذا العمل السينمائي بالشروع في تصوير الفيلم، ونشروا صورهم في موقع التصوير، في وقت اهتمت فيه وسائل الإعلام المغربية بتقديم الفيلم والتعريف بقصته ومتابعة ظروف تصويره.

وقال الممثل ربيع القاطي في تدوينة على “إنستغرام” (Instagram) أرفقها بصورته من موقع التصوير، “أقدم لحضراتكم شخصية حماد بالغالي التي أجسدها في الفيلم السينمائي التاريخي نوبة العشاق من توقيع المبدع كمال كمال وإنتاج عبد المجيد البلوطي والمركز السينمائي المغربي، سيناريو منصف القادري، وأخيرا تستجيب السينما المغربية لتاريخنا المغربي التليد، سفر ماتع ومثير في تاريخنا المغربي الأندلسي المجيد، متعة لامتناهية نعدكم بها أحبتي”.

ونشر الممثل سعيد باي صورته من أحد المشاهد، وعلّق عليها “بداية مغامرة جديدة، تاريخنا المغربي غني جدا بثقافته”.

ويجسد الممثل المغربي إدريس الروخ شخصية الزناتي، وهو وزير الأمن أو وزير الداخلية في دولة الوطاسيين.

يتحدث للجزيرة نت عن دوره فيقول “يشرف الزناتي على التحقيقات في قضية مقتل قاسم واختفاء الاسطرلاب، ويسعى إلى تحقيق العدالة والوصول إلى الحقيقة بكل جهده وإمكانياته”.

وأوضح الروخ أن تاريخ المغرب يتوفر على مواد خام تصلح للاشتغال عليها في أفلام سينمائية، مؤكدا أن “المبدعين المغاربة قادرين على تحويل هذا التاريخ إلى صورة تشكّل جسر تواصل بين تاريخنا وحاضرنا وبين مستقبلنا”.

باستثناء بعض الأعمال السينمائية القليلة التي عالجت قضايا تاريخية كبرى مثل حرب الريف ومعركة الملوك الثلاثة وشخصيات تاريخية، فإن الخزانة السينمائية المغربية تفتقر لهذا النوع من الأفلام التي تستقي من التاريخ مادتها الفنية.

وتتفاعل السينما المغربية بشكل أساسي مع القضايا الاجتماعية الراهنة، رغم بعض المحاولات لتناول المجتمع المغربي في مرحلة ما سمي بسنوات الرصاص أو فترة الاستعمار.

ويرى الناقد السينمائي حمادي كيروم أن الأفلام السينمائية التاريخية على غرار تلك التي تنتجها هوليود أو أنتجت في مرحلة الاتحاد السوفياتي، تتطلب إنتاجا كبيرا جدا، وهو ما تفتقده السينما في العالم العربي عامة، وفي المغرب خاصة.

ففي نظر كيروم، الفيلم التاريخي ليس هو الملابس القديمة وحوارات باللغة العربية الفصحى وتصوير مشاهد داخلية، بل هو “فيلم حركي يحتاج إلى تقنية وفنية ومال، وهي أشياء غير متوفرة حاليا”.

وبسبب الميزانية الهزيلة المخصصة لإنتاج الأفلام السينمائية بالمغرب، فإن المبدعين لا يتجهون للاشتغال على أفلام تستقي قصصها من التاريخ.

ويلفت كيروم إلى بعض المحاولات المهمة والمحدودة لإنتاج أفلام تاريخية، وهي في نظره خطوات أولى لاقتحام هذه العوالم، منها أعمال المخرج المغربي سهيل بنبركة في إنتاج مغربي أجنبي.

ويتعلق الأمر بفيلم “من رمل ونار.. الحلم المستحيل” 2019، وهو من إنتاج مغربي إيطالي شارك فيه نخبة من الممثلين المغاربة والإسبان والإيطاليين، وفيلم معركة “الملوك الثلاثة وطبول النار” 1990، وهو إنتاج مغربي إسباني.

وأشار كيروم إلى منح المركز السينمائي المغربي أخيرا الدعم لإنتاج فيلم عن شخصية عبد الكريم الخطابي، متوقعا أن تواجه هذه التجربة صعوبات.

صندوق دعم الأفلام التاريخية

بالنسبة للمخرج والممثل إدريس الروخ، فإن الأفلام التاريخية والملحمية تتطلب ميزانيات كبيرة وديكورات وملابس ومعدات ووقتا للإعداد والتصوير.

ويضيف “هذه النوعية من الأفلام تحتاج إلى عمل إنتاجي صحيح، وبشكل يتيح لها أن تكون أعمالا قوية وضخمة، وهذا يتطلب صناديق خاصة”.

لذلك دعا إلى التفكير في تخصيص صناديق جهوية لدعم الإنتاج السينمائي عامة، ولدعم إنتاج الفيلم التاريخي خاصة.

هذا الأمر في نظره “سيعطي دفعة للإبداع السينمائي من جهة، وسيساهم في الترويج والتسويق لتاريخ المغرب والتعريف بملاحمه من جهة أخرى”.

عن الجزيرة

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي