شارك المقال
  • تم النسخ

بعد تصريحاته الأخيرة.. من يقصد ماكرون بالأطراف التي تسعى لإفساد العلاقة مع الجزائر؟

ظهرت تفسيرات متناقضة في الإعلامين الجزائري والفرنسي، لتصريحات الرئيس إيمانويل ماكرون، حول المقصود بالأطراف التي تسعى لإفساد العلاقة مع الجزائر في تعليقه على حادثة هروب الناشطة السياسية أميرة بوراوي.

وفي أول رد فعل من الرئيس الفرنسي على قضية بوراوي التي أشعلت أزمة ديبلوماسية جديدة مع الجزائر، قال ماكرون: “أشياء كثيرة قيلت بعد عودة فرانكو- جزائرية إلى فرنسا عبر تونس، وما هو أكيد، أن أناسا كثيرين لديهم مصلحة في أن يُفشلوا ما نقوم به مع الجزائر منذ عدة سنوات”.

وأضاف الرئيس الفرنسي في ندوة صحافية عقدها في قصر الإليزيه، بمناسبة طرح الاستراتيجية الجديدة لفرنسا في إفريقيا، قائلا: “رسالتي واضحة.. سأواصل العمل الذي شرعنا به، فليست هذه المرة الأولى التي أتلقى فيها ضربة، سنواصل العمل الذي قمنا به منذ عدة سنوات حول ملف الذاكرة وغيرها، نريد تحقيق طموحات شبابنا”.

وأردف :”قمنا بعمل كبير في ملف الاقتصاد والتعاون العسكري، فلأول مرة منذ 1962 تم عقد اجتماع بين رئيسي البلدين بحضور وزيري الدفاع وقائدي الجيشين (خلال زيارته للجزائر في أغسطس الماضي)، ولأول مرة منذ 1962، قام قائد أركان الجيش الجزائري بزيارة لفرنسا، وهذه مؤشرات هامة”.

وتابع محاولا إعادة الأمر إلى نصابه: “أنا متيقن من صداقة وإرادة وانخراط الرئيس الجزائري السيد عبد المجيد تبون، ومتأكد أننا سنواصل تسجيل تقدم في علاقات بلدينا”.

بيد أن كلام ماكرون بدا ديبلوماسيا وحمّال أوجه، فلم يفهم إلى جهة يريد التلميح في قضية إفساد العلاقة بين البلدين. وذكرت عدة صحف جزائرية في قراءتها للتصريحات، أن ماكرون اعترف ضمنيا بأن هناك أطرافا في النظام السياسي الفرنسي هي من كانت وراء قضية بوراوي ضد رغبة الرئيس الفرنسي، لأنها منزعجة من التقارب الجزائري الفرنسي، وهو ما يعد بحسب هذه الصحف، تأكيدا للرواية الرسمية الجزائرية التي اتهمت عناصر في المخابرات الفرنسية بتنفيذ عملية إجلاء أميرة بوراوي.

والمعروف أن بيان الخارجية الجزائرية حول هذه القضية، قد أشار صراحة إلى تعرض السيادة الوطنية للانتهاك من قبل موظفين دبلوماسيين وقنصليين وأمنيين تابعين للدولة الفرنسية، شاركوا في عملية إجلاء سرية وغير قانونية لرعية جزائرية يعتبر تواجدها على التراب الوطني ضروريا بقرار من القضاء الجزائري.

وبلغة أكثر صراحة، اتهمت وكالة الأنباء الجزائرية التي تمثل الخط الرسمي للسلطة، المديرية العامة للأمن الخارجي الفرنسي، بتنفيذ خطة تقضي بتقويض العلاقات الجزائرية-الفرنسية، يتم تنفيذها من قبل عملاء سريين و”خبارجية” وبعض المسؤولين على مستوى المديرية العامة للأمن الخارجي الفرنسي، ووزارة الخارجية الفرنسية، وكذا بعض المستشارين الفرنسيين من أصل جزائري لا يُخفون ولعهم وتبجيلهم للمخزن (النظام المغربي)”.

عكس ذلك، قدمت صحف فرنسية تحليلا مغايرا لتصريحات ماكرون، فبحسب مجلة جون أفريك، فإن الرئيس يقصد أطرافا جزائرية تريد ضرب علاقته بالرئيس تبون. وما يحيل لذلك، أن الرئيس الفرنسي، تحدث عن قصص نسجت حول مغادرة بوراوي لفرنسا، في حين كانت الرواية الوحيدة هي تلك التي قدمتها السلطات الجزائرية حول قيام عناصر من المخابرات الفرنسية بعملية تهريب للناشطة، ما يعني أن ماكرون يريد القول إن أصحاب هذه الرواية هم من يريدون إفساد العلاقة.

وفي خضم الضجيج الذي أثارته قضية بوراوي، تشير قراءات إلى أن ماكرون وتبون يحاولان معا تهدئة الأمور بين البلدين. وما يعكس ذلك هي تصريحات الرئيس الفرنسي المثنية من جديد على نظيره الجزائري، والراغبة في مواصلة العمل الذي بدأ منذ زيارة ماكرون للجزائر والتوقيع على إعلان الشراكة المتجددة الذي اعتُبر وثيقة هامة لفتح صفحة جديدة بين البلدين.

أما ما يشير لذلك على الجانب الجزائري، فهو امتناع الرئيس تبون في لقائه الأخير مع وسائل إعلام محلية، عن الحديث حول الأزمة مع فرنسا، ورفضه مهاجمة ماكرون أو إعادة النظر في العمل المشترك الذي تم الانطلاق فيه، واكتفى بتوجيه إشارات للداخل فقط حول قضية بوراوي من خلال دعوة الجزائريين للانتباه من وجود ما سماه “طابورا خامسا لا يريد الخير للبلاد”.

ويتوقع في حال اعتمد الجانبين التهدئة في التعاطي مع هذه الأزمة، أن يتم تجاوزها سريعا، بالنظر لوجود مناسبات مهمة تنتظر البلدين، أبرزها الزيارة المعلنة للرئيس تبون إلى باريس شهر مايو المقبل، والتي كان الإعلان عنها امتدادا لمسار إعادة بناء العلاقات الذي تقرر العام الماضي، مع كل الورشات التي تم فتحها وأبرزها قضية الذاكرة التي أوكلت للجنة مشتركة من المؤرخين الجزائريين والفرنسيين، وقضايا التنقل بين البلدين وترقية الاستثمارات ومحاربة الهجرة غير الشرعية وتكوين الشباب والتعاون الأكاديمي وغير ذلك.

(القدس العربي)

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي