شارك المقال
  • تم النسخ

بعد تدخّل “النيابة”.. هل يقطع القضاء المغربي مع سابقة خطيرة للانفصاليين؟

قررت النيابة العامة بمحكمة الاستئناف بالعيون، فتح بحث قضائي في موضوع تأسيس أميناتو حيدر لهيئة انفصالية تحمل اسم “الهيئة الصحراوية لمناهضة الاحتلال المغربي”، بعدما اعتبر الوكيل العام بأنها دعوة صريحة للتحريض على الأعمال التحريبية ومساس بالمقدسات الوطنية للمغاربة.

وكانت الهيئة الجديدة قد أثارت الكثير من الجدل في الأوساط المغربية، خاصة بعد الصمت الرسمي والحزبي الذي رافقها، بالرغم من أنها أعلنت صراحة عن الأهداف التي أسست من أجلها، والتي تضرب بشكل جلي في الوحدة الترابية للمملكة المغربية، كما طالب مراقبون بتحرك السلطات القضائية وقيامها بدورها، بدل الاكتفاء بالصمت.

وأوضح الوكيل العام للملك بالمحكمة المذكورة، في بلاغ له، بأن البحث القضائي يأتي نظرا لما يشكله تأسيس التنظيم المسمى بـ”الهيئة الصحراوية لمناهضة الاحتلال المغربي”، من “مساس بالوحدة الترابية للمملكة، وما تضمنه من دعوات تحريضية صريحة على ارتكاب أفعال مخالفة للقانون الجنائي”.

وأكد البلاغ بأن البحث الجاري “سيترتب عنه اتخاذ الإجراءات القانونية الملائمة لحماية النظام العام وترتيب الجزاء القانوني على المساس بالوحدة الترابية للمملكة، بما يحقق الردع العام والخاص لضمان حماية المقدسات الوطنية”.

وتساءل العديد من المتابعين عن مآل البحث الذي فتحته النيابة العامة، وما يمكن أن يسفر عنه، خاصة أن الواقعة التي عرفتها مدينة العيون لم تكن متوقعة بالنسبة لكثيرين، والأمر الذي فاجأ المراقبين أكثر، هو تأخر تحرك السلطات المغربية، وهو ما أثار الاستغراب خاصة أن الأمر يتعلق بهيئة تعادي صراحة المملكة، وتطالب بأخذ جزء من ترابها.

البوليساريو ليست ذكية.. وباتت خارج الشرعية الدولية

وبخصوص البحث الجاري وما يمكن أن يسفر عنه، أوضح المحامي والباحث في ملف الصحراء، نوفل البعمري، في تصريح لجريدة “بناصا”، بأنه مرتبط بالنتائج التي سيخلص إليها، وعلى ضوئها ستعمل النيابة العامة على إصدار قرارها بعد أن تكون المحاضر قد أنجزت وتم الاستماع لمن يعنيهم الموضوع”.

وأضاف البعمري بأنه من الصعب التكهن بقرار المحكمة بعد انتهاء البحث المفتوح، ” لأنه مرتبط بما سيسفر عنه من نتائج، وما سيترتب على ذلك من إجراءات مسطرية و قرارات قضائية، عليه في هذا الجانب يجب أن ننتظر قرار النيابة العام”، حسب المتحدث.

واستبعد البعمري بألا تتخذ النيابة العامة قرار متابعة المعنيين بالأمر، لأنهم و”بنص البلاغ، لهم مواقف علنية معادية للوحدة الوطنية، وأعلنوا عن تنظيم اجتماع وتأسيس إطار خارج القانون، كما أن أهدافه متعارضة مع الدستور، والقانون الجنائي يعاقب عليه”، مرجحاً أن تكون هناك “متابعة لمجموعة أميناتو حيدر”، مشدداً على أن أهم شيء، هو أن تكون الإجراءات التي سيتم اتخاذها من قبل السلطات القضائية، “محترمة لكافة مضامين قانون المسطرة الجنائية”.

وبشأن ربط عدد من المتابعين تحركات جماعة الرابوني وأتباعها الأخيرة، بالقرار المرتقبة من مجلس الأمن الدولي، وبأنها كانت تسعى لجر المغرب لاتخاذ قرارات من شأنها أن تؤثر على الخطوة الأممية المنتظرة، نبه البعمري إلى أن “البوليساريو ليست بالذكاء الاستراتيجي الذي قد نتصوره، لأنها لو كانت كذلك لدخلت في مباحثات جدية مع المغرب لإنهاء النزاع، ولتحررت من تبعيتها العمياء للنظام الجزائري”.

وأردف المتحدث نفسه:”بما أن البوليساريو مجرد أداة في يد النظام الجزائري، وهي مسلوبة الإرادة والقرار، فهذا التنظيم يتحرك وفقا لأجندة العسكر الجزائري، هذا الأخير الذي انزعج مما يقوم به المغرب من إصلاحات في الأقاليم الصحراوية الجنوبية، ومن مشاريع تنموية تعزز من وضعيتها، آخرها ميناء مهيريز، الذي تم الانتهاء من تشييده وينتظر افتتاحه الرسمي”.

وأرجح البعمري تحركات أتباع البوليساريو أمام معبر الكركارات الحدودي، إلى ما قام ويقوم به المغرب، من حرب ضد عصابات التهريب وتجار المخدرات والمنظمات الإجرامية العابرة للقارات والدول، إلى جانب محاربة الإرهاب، الأمر الذي “خلق تحالفا يضم العناصر الإجرامية والإرهابية للعصابات مع تنظيم الجبهة وميليشياته، وعسكر النظام الجزائري لمحاولة زعزعة المغرب من خلال هذه المناوشات”.

وتابع الخبير في ملف الصحراء، بأن التحركات التي تقوم بها البوليساريو في منطقة الكركارات جعلتها “خارج الشرعية الدولية، وخارج قرارات مجلس الأمن، الذي سبق له أن ندد بجل تحركات الجبهة في المنطقة، وطالبها بالعودة لما بعد الجدار العازل والمنطقة العازلة لأن تواجدها فيه تهديد لبعثة المينورسو و للمنطقة ككل”.

هيئة أميناتو حيدر مشروع جزائري واجهته امراة انفصالية وفي عمقه عناصر مسلحة

ومن جانبه، قال الأستاذ عبد الرحيم المنار اسليمي، رئيس المركز الأطلسي للدراسات الاستراتيجية والتحليل الأمني، في تصريحه لجريدة “بناصا”، إن ما قامت به الانفصالية أميناتو حيدر، يخفي مؤامرة جديدة توجد جذورها في الجزائر، فهذه السيدة التي لاعلاقة لها بمناطق النزاع، والتي سبق لها أن حصلت على تعويضات من هيئة الإنصاف والمصالحة، لاتتحرك بمبادرة شخصية منها وإنما بتوجيه من المخابرات الجزائرية”.

وواصل اسليمي بأنه ينبغي قراءة هيئة أميناتو، باستحضار عدة عناصر، “أولها مخطط الجزائر بدفع ساكنة المخيمات نحو المنطقة العازلة وخاصة نحو الكركرات، وتقريب مليشيات البوليساريو، من ممر مغربي له علاقة بالمناطق الجنوبية، ثانيها التحالف الجديد بين شنقريحة البوهالي، هذا التحالف الذي بات يوجه مليشيات البوليساريو ويهمش تدريجيا دور إبراهيم غالي”.

واسترسل المتحدث نفسه، بذكر عنصر ثالث، ويتعلق بـ”تلاميذة الجنرال توفيق في المخابرات الجزائرية الذين يعودون لمركز القرار وإلى تدبير ملف الانفصاليين انطلاقا من الجزائر، والذين تمثل أميناتو حيدر أحد بيادقتهم الرئيسيين”، لذلك، يضيف اسليمي، بأن حيدر “تريد خلق سابقة خطيرة بهيئتها، التي يتضمن بيانها مصطلحات تمس بالسيادة المغربية وبالمؤسسات المغربية، والأخطر من ذلك هو بيان تحريضي على العنف”.

وأشار اسليمي إلى أن المطلوب حاليا، هو “تطبيق قواعد القانون الجنائي على الأعضاء المسؤولين عن تأسيس هذه الهيئة، وعلى رأسهم أميناتو حيدر، التي جاءت إلى القانون الجنائي برجليها، فهي تقول: هيئة سياسية أسستها في اجتماع بدون ترخيص، اجتماع في زمن حالة طوارىء، لذلك فهي عرضت أرواح أشخاص للخطر، إضافة إلى أنها صاغت ونشرت بيانا تحريضيا يمس بالأمن العام للدولة”.

واختتم أستاذ العلوم السياسية بجامعة أكدال الرباط، بأن علاقة “هذه الانفصالية بدولة عدوة التي هي الجزائر واضحة، وتتلقى تمويلات من المخابرات الجزائرية ويوجد ضمن هيئتها أشخاص تلقوا التدريب في المنطقة العسكرية الثالثة بالجزائر، لما كان يقودها الجنرال شنقريحة، لذلك فالهيئة التي تبدو في واجهتها امراة انفصالية تضم في مكوناتها أشخاصا تدربوا على السلاح وقد يعمدون إلى إعمال عنف بالمناطق الجنوبية”، مشددا على أن “الخطر موجود وكبير وينبغي تطبيق قواعد القانون الجنائي”.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي