نشرت صحيفة “هآرتس” الإسرائيلية، تقريرا قالت فيه إنه من المتوقع الآن أن يأتي وفد مغربي رفيع المستوى بعد أسبوعين، على عكس الوفد الذي جاء هذا الأسبوع والذي وُصف بأنه “تقني” للاحتفال بافتتاح مكتب الاتصال.
وأضافت في تقريرها، أن افتتاح سفارة مغربية رسمية وقيام علاقات دبلوماسية كاملة بين البلدين لا يزال أمرا غير معروف.
ورجحت الصحيفة، وفقا لخبراء، أن الأمر يتعلق بإدارة بايدن أكثر من الفلسطينيين، حيث تنتظر الرباط تأكيدا من الإدارة الأمريكية القادمة بشأن خططها الخاصة بقضية الصحراء.
وأوضحت، أن المغرب غير مسرور، حيث أن مسؤولسن مغاربة كبار، نقلوا أخيراً رسائل إلى إسرائيل تفيد أن مصطلح ‘التطبيع’ غير مقبول بالنسبة لهم، لأنه حتى بعد إغلاق مكاتب الاتصال سنة 2000، ما زال البلدان يتمتعان بمجموعة واسعة من العلاقات، وأن المغرب لا يبدأ علاقاته مع إسرائيل من الصفر.
وحاولت الولايات المتحدة وإسرائيل رسم التفاهمات التي تم التوصل إليها في بداية الشهر كجزء من إطار “اتفاقات أبراهام”، واتفاقيات “التطبيع” الموقعة خلال الصيف.
وفي بيان أصدرته وزارة الخارجية الأمريكية فور إعلان الاتفاق الثلاثي بين الولايات المتحدة وإسرائيل والمغرب والذي تضمن اعترافا أمريكيا مثيرا للجدل بالسيادة المغربية على الصحراء، وُصِف هذا الفعل بأنه تمديد لاتفاقيات أبراهام.
وشددت الصحيفة، أن إصرار المملكة المغربية على عدم الانضمام إلى الاحتفالات وتجنب أي تصريح يلزمهم بعيدا عن الخط، لا يأتي فقط من الاستقامة من الكلام والإحالة.
وقالت “هآرتس” الإسرائيلية، وفقا لتصريح أدلى به روبرت ساتلوف، المدير التنفيذي لمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، “إن المغاربة يريدون ببساطة الانتظار ليروا ما إذا كانت الإدارة الأمريكية الجديدة ستتبنى القرار الذي اتخذته إدارة ترامب بالاعتراف بسيادتها على “الصحراء الغربية”.
وأضاف ساتلوف، الخبير في شؤون المنطقة المتنازع عليها، “أعتقد، على الرغم من أن أحدا لم يقل هذا علنا، أن المغاربة سوف يمتنعون عن أي خطوات إضافية تجاه العلاقات الدبلوماسية الكاملة مع إسرائيل حتى يتضح أن إدارة بايدن تؤكد الاعتراف بالصحراء الغربية”.
وأردف المتحدث ذاته، “الأساس هو اعتراف أمريكي بالصحراء الغربية، مقابل استئناف مكاتب الاتصال واستئناف رحلات جوية مباشرة، وهو ليس إنجازا بسيطا، لكن أي شيء يتجاوز ذلك سينتظر لمعرفة ما إذا كانت إدارة بايدن ستؤكد ذلك”.
ووقع المغرب وإسرائيل، على أربع اتفاقيات في مجالات متعددة، خلال زيارة الوفد الأميركي-الإسرائيلي إلى الرباط لتفعيل استئناف العلاقات بين الطرفين، ويتعلق الأمر باتفاق حول الإعفاء من إجراءات التأشيرة بالنسبة لحاملي الجوازات الديبلوماسية وجوازات الخدمة.
وأشار ساتلوف إلى أن “هناك “فجوة كبيرة” بين ما وعد به ترامب عندما أعلن عن “انفراج تاريخي” في العلاقات بين إسرائيل والمغرب، وبين ما تم تحقيقه على أرض الواقع”.
وأضاف، “أن الولايات المتحدة لم تحقق ما قال الرئيس إن هذا الاتفاق حققه، بمعنى علاقات دبلوماسية كاملة بين المغرب وإسرائيل، مشيرا إلى أن “هذا لم يحدث بعد”، وأن هناك فجوة كبيرة بين ما أعلنه الرئيس والبيت الأبيض وما وافق عليه المغاربة بالفعل”.
وتابع، “في الواقع، هذه الفجوة لا تزال قائمة لقد كان المغاربة متسقين إلى حد كبير منذ البداية، ما كانوا يأملون في الحصول عليه من هذه الاتفاقية، تلقوه مقدمًا، وهم يدفعون بشكل أساسي على خطة التقسيط”.
وذهبت الصحيفة إلى القول، “إن وسائل الإعلام المغربية لم تركز على الاتفاقية مع إسرائيل عند تغطيتها للاتفاق الثلاثي، ولم يكن ذلك من قبيل الصدفة، وفق تصريح عينات ليفي، المتخصصة في العلاقات الإسرائيلية المغربية في مركز أبحاث ميتفيم – المعهد الإسرائيلي للسياسات الخارجية الإقليمية”.
وأبرزت العناوين الرئيسية الاعتراف الأمريكي بالصحراء المغربية فقط، في عمق النص كان هناك ذكر للعلاقات مع إسرائيل، تردف ليفي.
وأضافت ليفي، “أنه على الرغم من العلاقات الدبلوماسية بين إسرائيل والمغرب في الفترة من 1994 إلى 2000، وعلى الرغم من قيام عشرات الآلاف من السياح الإسرائيليين بزيارة المغرب كل سنة منذ ذلك الحين، إلا أنه لا يزال هناك شيء في تجديد العلاقات الدبلوماسية بين البلدين كان “ليس من السهل هضمها” بالنسبة لمعظم المغاربة”.
وتابعت، “فيما يتعلق بالرأي العام هناك، لا يمكن أن يكون هناك سلام مع إسرائيل دون وجود نوع من الاتفاق لتسوية الصراع مع الفلسطينيين، فالقصة بأكملها تتعلق بالصحراء، لأنه لا يوجد في الواقع أي شيء مقابل الفلسطينيين.”
ونهج المغرب المتردد في تجديد العلاقات مع إسرائيل بالمقارنة مع الحماس الواضح للدول الموقعة على اتفاقيات أبراهام، يمكن تفسيره أيضا من خلال العلاقة الخاصة للبلاد مع الفلسطينيين.
وكانت إحدى الخطوات الأولى التي اتخذها الملك محمد السادس بعد الإعلان الدراماتيكي من قبل ترامب هي الاتصال برئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس قبل أسبوعين من تكلفته بالتواصل مع نتنياهو بشأن هذه المسألة في محاولة لتهدئته، وفق تعبير الصحيفة.
وكان الملك محمد السادس، الذي يشغل منصب رئيس لجنة القدس، قد وعد عباس خلال الاتصال بأن الإجراءات المتفق عليها مع ترامب وتلك التي ستتخذ مع إسرائيل لن تؤثر على التزام المغرب بالقضية الوطنية الفلسطينية.
بدورها، ترى سارة فوير، الباحثة في معهد دراسات الأمن القومي في جامعة تل أبيب، إن الملك “لم يكن على استعداد للذهاب إلى أبعد من تسمية هذا التطبيع الكامل، لسبب واضح، هو أنه سجل منذ عدة عقود إقراض الكثير من الدعم الخطابي على الأقل للفلسطينيين ولحل الدولتين بشكل عام، وكان متسقا جدا في ذلك، وأعتقد أنه لم يستطع اتخاذ الخطوة بالطريقة التي قام بها الإماراتيون وآخرون، نظرًا لالتزاماته تجاه الفلسطينيين”.
ويقول ساتلوف، “إن الإدارة الأمريكية الجديدة لديها عدد من الخيارات في الوقت الحالي فيما يتعلق بقضية الصحراء، ويمكنهم أن يقرروا أنهم إلغاء قرار ترامب أو تعليقه أو تنفيذ أجزاء منه فقط”، على حد قوله.
وأردف، “لكن إذا قرر بايدن تبني التغيير في السياسة المفروض عليه، فهذا لا يعني بالضرورة التخلي عن هدف تسوية الصراع الإسرائيلي الفلسطيني”.
وأشار ساتلوف، وفق الصحيفة ذاتها، إلى أنه “لا يوجد بالضرورة تناقض بين الاعتراف بالسيادة المغربية ودعم الوساطة من أجل الحل النهائي للصراع”.
تعليقات الزوار ( 0 )