على رغم من أن روسيا تعتبر من كبار مصدري الغاز، الذي تعاني إسبانيا من أجل ضمان حاجياتها منه، إلا أن حكومة مدريد، لم تتردّد في الانحياز الصريح لحلف “الناتو”، في الأزمة الأوكرانية، حيث قامت بإرسال الآلاف من جنودها، وأسلحتها البحرية والجوية، استعداداً للرد على أي غزو من قبل “جيش موسكو”، لجارته “كييف”.
وكان خوسيه مانويل ألباريس، وزير خارجية إسبانيا، قد سافر مؤخرا إلى الولايات المتحدة الأمريكية، للقاء أنطوني بلينكن، حيث أكد له على دعم بلاده لخطوات حلف “الناتو”، في أوكرانيا، وهي الخطوة التي اعتبرها العديد من المحللين، محاولة من بيدرو سانشيز، لرأب الصدع الكبير الذي وقع في العلاقات بين واشنطن ومدريد، منذ تولي الحزب الاشتراكي العمالي، لرئاسة الحكومة.
كما أن الهدف من الوقوف إلى جانب الولايات المتحدة الأمريكية وحلف “الناتو”، هو كسب وساطة واشنطن، لتخفيف حدة التوتر بين المغرب وإسبانيا، وإعادة العلاقات، التي انهارت منذ قبول حكومة سانشيز، استقبال زعيم جبهة البوليساريو الانفصالية، للاستشفاء داخل مستشفياتها، بشكل سرّي، وبهوية مزورة، _ إعادتها _ إلى طبيعتها.
ويرى مراقبون، أن إسبانيا ورطت نفسها في الأزمة الروسية الأوكرانية، حيث كان بإمكانها الالتزام بقرارات حلف “الناتو”، دون الخروج بتصريحات تدين خطوات موسكو، خصوصاً أن الأخيرة، رفعت من صادراتها من الغاز نحو المملكة الإيبيرية، حيث باتت رابع أكبر مصدر للغاز إليها، بـ 8.7 في المائة من حاجياتها.
وقلّل متابعون من احتمالية الدخول في حرب، رغم أن جو بايدن، رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، أكد أمس الخميس، أنه سيكون هناك رد “بشكل حاسم”، في حال وقوع هجوم روسي على أوكرانيا، مرجحا أن يقع ذلك في شهر فبراير المقبل، وذلك بسبب التداعيات الجسيمة لأي مواجهة عسكرية بين روسيا وحلف شمال الأطلسي، بسبب الترسانة العسكرية التي يملكها الجانبان.
من جهته، قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، إنه “إذا كان الأمر يعتمد على روسيا فلن تكون هناك حرب”، مستدركاً “لكننا لن نسمح بتجاهل مصالحنا بوقاحة والدوس عليها”. أما فيما يخص مقترحات الولايات المتحدة و”الناتو”، أكد لافروف أن موسكو تقوم بتحليلها، مبرزاً أن مقترحات واشنطن، أفضل من تلك الخاصة بحلف شمال الأطلسي.
وفي سياق ذي صلة، وجه المغرب، على لسان وزير خارجيته ناصر بوريطة، بالبرلمان، تحذيرا جديدا إلى إسبانيا، دون ذكرها بالاسم، حيث أوضح أن العلاقات الدبلوماسية، لا تسود بسبب التقارب، بل بالمصداقية، مشيراً إلى أن توجه الدبلوماسية المغربية، هو مضاعفة الشراكات، ووقف الاعتماد على الجوار المباشر.
وشدد على أن المغرب، كان دائماً مؤيداً لعلاقات حسن الجوار، لكن العالم اليوم لم يعد يؤمن بذلك، إنه يبحث عن شركان موثوق بهم، مسترسلاً أن هذه السياسة، هي “التي اعتمدها الملك محمد السادس من خلال الانفتاح على الصين والهند وروسيا وإفريقيا”، مبرزاً أن هذا المفهوم الجديد لم يعد يعتمد على الجغرافيا في اختيار الشركاء، بل المصداقية.
تحليل في المستوى و منطقي شكرا