تستعد العاصمة الموريتانية نواكشوط، يومي 9 و10 ماي 2025، لاحتضان أول نسخة من المنتدى البرلماني الموريتاني المغربي، في حدثٍ غير مسبوق يُعزز المسار المتصاعد للعلاقات بين البلدين المغاربيين، تحت رعاية توجيهات سامية من الملك محمد السادس.
ويأتي هذا التحرك المغربي المكثف نحو الجارة الجنوبية موريتانيا في سياق دبلوماسي متكامل، يترجم إرادة ملكية صريحة عبّر عنها العاهل المغربي في خطابه أمام البرلمان، خلال افتتاح الدورة التشريعية الرابعة، والذي شدد فيه على أهمية الدبلوماسية البرلمانية كأداة فعالة لتعزيز التعاون الإقليمي والانفتاح متعدد الأوجه.
وفد مغربي شامل.. وبرسائل سياسية عميقة
والوفد المغربي المتوقع أن يحلّ بنواكشوط لن يقتصر على نواب البرلمان، بل سيضم ممثلين عن الحكومة، وزعماء الأحزاب السياسية، وفاعلين اقتصاديين، ومؤسسات مالية، وممثلي المجتمع المدني والإعلام.
ويحمل هذا التنوع دلالة سياسية قوية تعكس رغبة الرباط في بناء علاقة تكاملية مستدامة تتجاوز الأطر التقليدية للعلاقات الثنائية، وتنفتح على فضاءات جديدة للحوار والتعاون.
مجموعة صداقة برلمانية.. ومغزى ثالث الشراكات
العلاقات البرلمانية بين الرباط ونواكشوط ليست وليدة اللحظة، بل تتجسد بوضوح في نشاط مجموعة الصداقة البرلمانية المغربية–الموريتانية، التي تضم عشرين نائبًا موريتانيًا يمثلون الطيف السياسي بكامله، من الأغلبية والمعارضة على حد سواء.
واختيار المغرب لموريتانيا كثالث بلد – بعد فرنسا وإسبانيا – لإقامة شراكة برلمانية معه، لا يخلو من رمزية جيوسياسية عميقة، تعكس مكانة نواكشوط الاستراتيجية في الخارطة الدبلوماسية المغربية.
المنتدى البرلماني.. نحو تكامل مغاربي بنَفَس جديد
ويُشكل المنتدى البرلماني المغربي الموريتاني منصة حوارية نوعية، تعكس البُعد الشعبي والمؤسساتي للعلاقات الثنائية، حيث سيتم التداول في ملفات التعاون الاقتصادي، وقضايا الأمن والتنمية، والاندماج الإقليمي، فضلًا عن تنسيق المواقف داخل المنظمات الدولية.
وهو ما يؤشر على أن الدبلوماسية المغربية باتت تعوّل أكثر على أدوات “القوة الناعمة” والتمثيلية البرلمانية، تكريسًا لرؤية ملكية تسعى إلى تمتين أواصر القرب والثقة بين شعوب المنطقة.
رهان الرباط على نواكشوط.. أبعد من الجغرافيا
والتحرك المغربي نحو موريتانيا لا ينفصل عن التوجه الاستراتيجي للمملكة في إعادة ترسيم خارطة علاقاتها الإفريقية، انطلاقًا من بعدها المغاربي، وتوسيع فضاءات الشراكة جنوبًا.
ويبدو أن موريتانيا اليوم تتحول إلى شريك ذي أولوية في أجندة الرباط، ليس فقط بحكم القرب الجغرافي، بل أيضًا نظير الاستقرار السياسي الذي تعرفه، والانفتاح على فرص التعاون في مجالات الاقتصاد والطاقة والتعليم والأمن.
في أفق البناء المغاربي المنشود
وفي ظل التحديات التي تعصف بمنطقة المغرب الكبير، يأتي هذا المنتدى كنافذة أمل لبناء جسور الثقة والعمل المشترك بين بلدين شقيقين يتقاسمان التاريخ والجغرافيا والمصير. كما يبعث برسالة قوية مفادها أن التكامل المغاربي ممكن ومطلوب، متى توفرت الإرادة السياسية والنوايا الصادقة.
تعليقات الزوار ( 0 )