انطلقت الأربعاء بأبيدجان أشغال الندوة الدولية التي تنظمها مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة، والمجلس الأعلى للأئمة والمساجد والشؤون الإسلامية بكوت ديفوار حول موضوع: “الرسالة الخالدة للأديان”.
وجرى حفل الافتتاح بالخصوص بحضور الوزير الأمين العام لرئاسة جمهورية الكوت ديفوار عبد الرحمن سيسي، ووزير المصالحة الوطنية الإيفواري كواديو كونان بيرتين، وسفير المغرب في أبيدجان عبد المالك الكتاني والأمين العام لمؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة، محمد رفقي، ورئيس المجلس الأعلى للأئمة والمساجد والشؤون الإسلامية بكوت ديفوار شيخ الأئمة عثمان دياكيتي، بالإضافة إلى العديد من الشخصيات الأخرى.
ويتلخص الهدف من هذه الندوة في استدامة السلام بإفريقيا والكوت ديفوار من خلال الحوار بين الأديان، وضمان استمرارية أثر الرسالة الخالدة للأديان على السلم العالمي.
كما تهدف فتح سبل الإنصات وتبادل الرأي بين أتباع الديانتين الإسلامية والمسيحية في الكوت ديفوار وإفريقيا وإقرار إعلان أبيدجان للسلام بين مختلف الفاعلين الدينيين والاجتماعيين.
وتناقش الندوة خمس محاور هي الأسرة والمدرسة، والمجتمع المدني الإيفواري والإفريقي وأديان وتواصل ووعظ وتكوين الأطر الدينية وتحسيسها، والسلطات العمومية والفاعلون الدينيون في مواجهة ظاهرة التطرف الديني العنيف.
وتشكل هذه الندوة الدولية ملتقى كبيرا يجمع باحثين وخبراء مسلمين ومسيحيين من مختلف البلدان الإفريقية، حيث يحضر أشغالها أزيد من ستمائة مشارك من بينهم قيادات وشخصيات دينية وازنة ورؤساء وأعضاء فروع المؤسسة الأربع والثلاثين.
وينسجم موضوع هذه الندوة العلمية الدولية حول الحوار بين الأديان مع الرؤية الإفريقية السديدة لأمير المؤمنين الملك محمد السادس، رئيس مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة، الذي ما فتئ يشجع جميع مبادرات الحوار والتنمية بإفريقيا.
وعلى هامش أشغال الندوة، ستنظم المؤسسة الأم تأبينا للمرحومين شيخ الأئمة أبو بكر فوفانا وشيخ الأئمة مامادو تراوري، الرئيسان السابقان للمجلس الأعلى للأئمة والمساجد والشؤون الإسلامية (COSIM) ولفرع المؤسسة بكوت ديفوار. هذا فضلا عن تقديم التفاتة تكريمية لفائدة الأئمة الإيفواريين المنضوين تحت المجلس الأعلى للأئمة والمساجد والشؤون الإسلامية (COSIM).
من جهتها تنظم الطريقة التجانية بأبيدجان، وبدعوة من الشيخ مصطفى صونطا الخليفة العام للطريقة بكوت ديفوار، وتحت الرعاية الروحية لسيدي محمد الكبير التجاني الخليفة العام للطريقة التجانية ولعائلة سيدي أحمد التجاني الشريف بالمملكة المغربية، أيام 25 و26 و27 فبراير 2022، النسخة الثانية من الوظيفة، وذلك بحضور الخليفة العام للطريقة في كل من السنغال وغينيا كوناكري والنيجر وبوركينا فاسو ونيجيريا وموريتانيا والسودان وتشاد وغينيا بيساو وغانا وبنين وتوغو ورواندا.
هذا، وقال الأمين العام لمؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة سيدي محمد رفقي إن القارة الافريقية تعيش جوا من الصراع و الصدام مايفرض الحوار و التضامن بين الأفارقة، مشيرا إلى أن العلماء الأفارقة لايمكنهم الصمت تجاه استفحال ظاهرة التطرف و العنف، مايخولهم تحذير المجتمعات الافريقية من هذه الظواهر التي تشوه سمعة الدين.
وأضاف أن المغرب يشكل إحدى السمات المميزة في الهوية الإسلامية- الافريقية، مايضمن للكل فرصة ممارسة حقوقه الدينية في ظل سكينة و استقرار.
وشدد رفقي على ضرورة نشر السلام الاجتماعي داخل المجتمعات الافريقية، حيث توجد جماعات متطرفة في بعض المناطق الافريقية منحت نفسها الحق في تبني قواعد ألصقتها بالإسلام وتعتبر نفسها مخولة للقيام بأعمال تخريبية مضرة، وفق تعبيره.
وقال إن مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة تسعى لعلماء يخدمون الضعفاء و يجسدون فضيلة السلام و يكتسبون الحكمة، و علماء يعرف كيفية الإنصات لآلام المجتمعات و يقدمون الآراء النيرة.
من جهته قال عبد الرحمن سيسي ممثل الرئاسة الايفوارية إن مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة تسعى لنشر الإسلام المعتدل و المتسامح، مؤكدا أنهم في الحكومة الايفوارية يدعونهم لمواجهة التطرف العنيف الموجود في البلاد.
و أكد سيسي على أهمية حوار الأديان لإرساء أسس التعايش، مشيرا إلى وجود وزير للمصالحة و التعايش في البلاد .
وقال رئيس فرع مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة بجمورية كوت ديفوار مصطفى صونطا إن الرسالة الخالدة للأديان هي التي تجمع هذه الشخصيات الافريقية، مضيفا “نبحث إرساء سبل السلام ونعبر عن قلقنا حول الأوضاع في العالم، و الندوة في هذا السياق الذي يهدد فيه التطرف العالم في ظل انتشار الأصولية”، وفق تعبيره.
و أشار صونطا أن الندوة تترجم مساعي العاهل المغربي محمد السادس للحوار بين الأديان، مشبرا أن المغرب سبق أن أطلق في عام 2015 مبادرة “كلنا مؤمنون”.
بينما شكر رئيس المجلس الأعلى للأئمة و المساجد في كوت ديفوار عثمان دياكتي الأمة المسيحية باسم مجلس الأئمة، مؤكدا لهم أن كوت ديفوار تتسامى عن الحواجز الدينية.
و أضاف دياكتي أن أبيدجان هي عاصمة الحوار بين الأديان ، و اختيار كوت ديفوار لاستضافة الندوة ليس من قبيل الصدفة بل هو اختيار للبلدان الافريقية، وفق تعبيره.
و أكد دياكتي أن البلاد تشهد حوارا صامتا في المدارس و الأسواق و الشوارع، ماسمح لهم بالانخراط لسد الفراغ الذي خلفته المشاكل السياسية و العسكرية سابقا، و الصور النمطية و الأفعال الإسلاموفوبية تنخر هذا الحوار ، حسب تعبيره .
وقال إجناس ديبو بيسي؛ رئيس مؤتمر الأساقفة الكاتوليك في كوت ديفوار إن حوار الأديان هو واقع وحقيقة في البلاد، مضيفا أن “تنظيم مؤسسة مسلمة لهذه الندوة يوضح أن الدين رسالة قبل كل شيء”.
و أضاف بيسي أن الندوة جمعت كافة الأطياف على طاولة واحدة ، معتبرا أن التأويل الخاطئ للدين هو ماساهم في نشر التطرف، حسب تعبيره.
من جهته قال سعيد شبار؛ في كلمة له باسم العلماء المغاربة إن الحوار بين الديانات شرط للسلام بين الحضارات، وهو “رسالة الأنبياء جميعا للدعوة للسلم و التعاون و نشر مكارم الأخلاق، واقتضى اختلاف الزمان و المكان وجود رسالة مشتركة بين الرسل، و ثمة أصول كلية مشتركة بين الرسالات ، و منها الوصايا العشر”.
وذكر شبار بزيارة البابا فرانسيس للمغرب مارس 2019 ووصفها بالتاريخية، “ماعزز موقع المغرب في مجال الحوار الديني، وورد في خطاب العاهل المغربي محمد السادس أن الديانات وجدت لانفتاح بعضها على بعض و التعارف فيما بينهما”.
وتهدف الندوة لاستدامة الرسالة الخالدة لسلام الأدیان تجاه المجتمع الإیفواري والإفریقي وتجاه الإنسانیة جمعاء، وتسعى لتبني میثاق للسلام بین الفرقاء المشاركین، يسمى “میثاق ابیدجان”.
و يسعى المشاركون خلال الندوة التي تستمر لثلاثة أيام لتنظيم حوار بین الأدیان لدى الطوائف الدینیة المختلفة، نظرا للمكتسبات التي ستتحقق من خلال اللقاء بين الثقافات المختلفة مايشكل فهما جديدا للعالم.
و ستتناول الندوة خمسة محاور؛ وهي الأسرة والمدرسة ، و المجتمع المدني الإیفواري والإفریقي، و تكوین الأطر الدینیة وتحسیسھا، و محور الأدیان والتواصل والوعظ، ومحور السلطات العمومیة والفاعلين الدينيين في مواجھة ظاھرة الأصولیة والتطرف الدیني العنیف.
تعليقات الزوار ( 0 )