يصادف 31 ماي من كل سنة اليوم العالمي للامتناع عن التدخين ويخلد كل سنة لإبراز المخاطر الصحية المرتبطة بتعاطي التبغ والدعوة إلى وضع سياسات فعالة للحد من استهلاكه، وفي الوقت الذي تتضافر فيه الجهود من أطراف متعددة لمكافحة التدخين بالمغرب و مساعدة المدمنين خاصة الشباب على الإقلاع عنه، يظهر جليا أن الأرقام و المعطيات التي تنشرها الدراسات صادمة وقانون مكافحة التدخين لا يطبق كما يجب على أرض الواقع، خاصة الشق المتعلق بمنع التدخين والإشهار والدعاية للتبغ في بعض الأماكن العمومية.
680 سيجارة للفرد الواحد
أكدت دراسة أجرتها وزارة الصحة أن 18 في المئة من المغاربة الذين تتراوح أعمارهم ما بين 15 سنة وما فوق هم معنيون بالتدخين، وبأن 9.5 في المئة من التلاميذ في الوسط المدرسي الذين تتراوح أعمارهم ما بين 13 إلى 15 سنة هم مدمنون على التدخين، في إشارة إلى تفشي الظاهرة في أوساط البالغين والقاصرين على حدّ سواء، أوضحت معطيات رقمية أخرى أن المغاربة يستهلكون سنويا حوالي 15 مليار سيجارة، أي بمعدل 680 سيجارة سنويا للفرد الواحد، وبأن الذكور يدخنون 16 سيجارة يوميا في حين تدخن الإناث 8 سجائر لليوم الواحد.
وضعت هذه الأرقام التي سبق لمنظمة الصحة العالمية أن كشفتها، المغرب في المرتبة 79 دوليا في استهلاك التبغ، قبل أن يتقدم في هذا الصدد ويصبح في الرتبة 53، في حين أوضحت المناظرة الوطنية لمكافحة التدخين التي انعقدت بالمغرب سنة 2013 أنه يحتل المرتبة الأولى في منطقة الحوض المتوسط، والتي كشفت أيضا أن 48 في المئة ممن يدخنون في المغرب تتراوح أعمارهم ما بين 15 و19 عاما، بينما تبلغ نسبة مستهلكي السجائر من الذين تفوق أعمارهم 20 عاما 36 في المئة.
التدخين السلبي
يعتبر التدخين السلبي، مصطلحا يطلق على تعرض شخص غير مدخن لمزيج من الدخان الناتج عن احتراق التبغ في سيجارة المدخن والدخان الخارج مع زفيره ويعرف أيضا بالتدخين الثانوي واللاإرادي والتدخين غير المباشر.
وحسب إحصائيات سبق الإعلان عنها من طرف وزارة الصحة، أن 60 في المائة من المغاربة معرضون للتدخين في الأماكن العمومية، وما يقارب 600 ألف حالة وفاة بسبب التدخين غير المباشر «السلبي»، و71 من الأشخاص يموتون بسرطان الرئة بسبب التدخين، و38 في المئة من مرضى القلب والشرايين يموتون بسبب التدخين، كما أن 42 في المئة من الأمراض التنفسية المزمنة يعتبر التدخين سببا لها.وفي قراءة له لهذه الأرقام، أكد المتحدث نفسه أنها مؤشرات تؤكد على أننا أمام ظاهرة خطيرة يجب تكثيف الجهود للتغلب عليها.
قانون 15.91
قبل 29 سنة اعتمد المغرب قانوناً لمكافحة التدخين، وكان آنذاك أول بلد في المنطقة يضع نصاً تشريعياً من هذا النوع، لكن هذا السبق لم يكتمل، فلحد الساعة لا يُطبق هذا القانون كما يجب ولا أثر له في الواقع بحيث يُطرَح السؤال حول أسباب عدم تفعيل هذا القانون، حيث ظل دون تطبيق منذ نشره في الجريدة الرسمية في غشت من سنة 1995.
ويَحمل هذا القانون رقم 15.91الذي يضم 14 مادة فقط تتحدث عن منع التدخين والإشهار والدعاية للتبغ في بعض الأماكن العمومية ذات الاستعمال الجماعي وكل مرفق عمومي ومؤسسة عامة ومكاتب إدارية، وينص على أن كل من ضبط يدخن في هذه المرافق يعاقب بغرامة من 10 دراهم إلى 50 درهماً.
كما يمنع القانون الدعاية والإشهار لفائدة التبغ في الإذاعة والتلفزة والصحافة الصادرة في المغرب والملصقات أو الملاعب، ويحظر على الشركات الموزعة للتبغ أن تقوم بأنشطة دعائية أو توزيع هدايا مكونة من التبغ، سواء كان ذلك مجاناً أو بأثمنة منخفضة، مشيرا إلى أن كل إخلال يعرض مرتكبه لغرامة تتراوح بين 1000 و3000 درهم.
وينص هذا القانون على أن تقوم الإدارة، بتعاون مع المنظمات غير الحكومية، بتنظيم حملات وقائية وإعلامية تحسس المواطنين بمضار التدخين، غير أن جميع مواد هذا القانون لم تحدد ما المقصود بالإدارة، حيث بقي الأمر فضفاضاً ولا يحمل المسؤولية لأي جهة بالاسم.
إشكالات في التطبيق
معظم تدابير القانون لم تر تلك التدابير النور في الواقع، مما جعل تطبيقه محدوداً جداً، وبالتالي لا يحترم من قبل المدخنين، ويرجح الكثيرون أن شركات التبغ تلعب دوراً كبيراً في تأجيل تطبيق هذا القانون، كما أن الحكومات المتعاقبة لم تجعل الموضوع في صلب اهتماماتها، رغم التحذيرات الصادرة عن منظمة الصحة العالمية، كما أن أرقام وزارة الصحة المغربية نفسها تُفيد بأن التدخين يتسبب بـ8 في المائة من الوفيات العامة في البلاد.
ويظهر أكبر تجلٍّ لعدم احترام القانون يتمثل في المقاهي، خصوصاً أن القانون سالف الذكر لم يضعها ضمن الأماكن العمومية، رغم أن العديدين يعتبرونها الفضاء الذي يمارس فيه التدخين أكثر، حيث يفرض فيها المدخن سيطرته، ويجعل من حوله يستنشق دخان سجائره قسراً.
تعليقات الزوار ( 0 )