يترقب رئيس الحكومة الإسبانية، بيدرو سانشيز، زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، (الاثنين) المقبل، إلى أوروبا ليشارك في قمة الدول السبع، وكذا قمة حلف الناتو، بأحر من الجمر، وذلك بعد الجمود غير المسبوق في العلاقات بين البلدين في غياب الاتصالات بين رئيس الحكومة الإسباني ونظيره الأمريكي.
وسيلتقي سانشيز في موعد طال انتظاره، حسب تقارير إعلامية إسبانية، مع الرئيس الأمريكي جو بايدن، في أول اتصال بين الطرفين، منذ أن تولى الرئيس الأمريكي الجديد منصبه في 20 يناير، حيث لم تكن هناك محادثة بين الجانبين.
وقالت صحيفة La Vanguardia، إنّ هذا اللقاء “المنتظر” يتزامن مع البيانات الأولى لإدارة بايدن حول الوضع في الصحراء لتحديد المسافات مع السياسات التي ينفذها دونالد ترامب، حيث أكد المتحدث باسم الخارجية الأمريكية، نيد برايس، أنّ “هناك بعض الاختلافات المهمة والعميقة جدًا” بين الإدارة السابقة و”ما فعلناه” في المنطقة.
وأكد برايس في إفادة بمقر الدبلوماسية الأمريكية بواشنطن، أنه فيما يتعلق بنزاع الصّحراء، فإنّ القضية نناقشها مباشرة مع محاورينا في المغرب وإسبانيا والمنطقة، مُضيفا، أن إدارة بايدن تتشاور بشكل خاص مع كافة أطراف قضية الصحراء المغربية حول “أفضل السبل لوقف العنف وتحقيق تسوية دائمة”.
معالجة قضية الصّحراء المغربية
وأضافت الصحيفة الإسبانية، أنّ الموضوعات التي ستتم مناقشتها في الاجتماع الأول مع إدارة بايدن لم يتم تفصيلها بعد، ويبقى تحديد ما إذا كانت مسألة الصحراء المغربية ستعالج، وهي مسألة حساسة بشكل خاص، وذلك في ضوء العلاقة الجيدة التي تحافظ عليها الولايات المتحدة مع المغرب.
وكان قرار ترامب في دجنبر، عندما اعترف بسيادة المغرب على الصحراء، حسب المصدر ذاته، حافزًا للرباط للضغط على دول أخرى ومحاولة إبعادها عن الموقف التقليدي الذي تتبناه إسبانيا والاتحاد الأوروبي بأكمله لدعم المفاوضات بقيادة الأمم المتحدة.
ويرى المصدر ذاته، أنّ الاجتماع الأول مع بايدن هو مصدر ارتياح لسانشيز، الذي يواجه انتقادات من المعارضة التي تتساءل لأسابيع عن “جفاء” العلاقة مع الولايات المتحدة، وبشكل أعم، عدم أهمية إسبانيا على المستوى الدولي بسبب هذا الافتقار في التواصل.
وعند وصوله إلى البيت الأبيض، طلبت الإدارة الديمقراطية الجديدة مراجعة حالة العلاقات مع دول معينة بهدف التغييرات المحتملة في الإستراتيجية، نظير الصين أو كوريا الشمالية، وردا على سؤال صحافي عن إمكانية مراجعة إدارة بايدن للاعتراف بالصّحراء المغربية”، اقتصر برايس بالقول إنه “ليس لديه ما يعلنه في الوقت الحالي”.
إدارة بايدن تنأى بنفسها عن سياسات ترامب
ولدى وصوله إلى البيت الأبيض في يناير الماضي، وجد بايدن نفسه في مجلس إدارة دولي مختلف تمامًا عن المجلس الذي تركه قبل أربع سنوات كنائب للرئيس، لا سيما في الشرق الأوسط، وتلا فشل اقتراح السلام الذي قدمه ترامب في المرحلة الأخيرة من ولايته، والذي يميل بوضوح نحو المصالح الإسرائيلية، توقيع سلسلة من الاتفاقات بين عدة دول عربية مع إسرائيل، متحدة في تنافسها مع إيران.
وقالت الصحيفة، إنه وعلى حين غرة، أضاف البيت الأبيض، في دجنبر، شريكاً آخر لما يسمى بـ”اتفاقات إبراهيم” يتمثل في المغرب، وكان الثمن الذي دفعته واشنطن، بحسبها، هو التوقيع على إعلان يعترف بالسيادة المغربية على الصحراء. وقال ترامب إن “اقتراح الحكم الذاتي المغربي جاد وواقعي، وهو الأساس الوحيد لحل عادل ودائم”.
وفي الـ19 ماي، ومع تصاعد العنف بين الإسرائيليين والفلسطينيين الذي وصل إلى أسوأ حالاته منذ سنوات، اتصل وزير الخارجية الجديد، أنطوني بلينكين، بنظيره ناصر بوريطة في الرباط نظرًا للدور الرئيسي للمغرب في المنطقة، بينما أكد برايس في ذلك الوقت في بيان له أنهم “تحدثوا عن قلقهم المشترك بشأن العنف في إسرائيل والضفة الغربية وقطاع غزة”.
تحدث بايدن مع ميركل وماكرون ورئيس الوزراء الأيرلندي مارتن
وفي كل مرة يتولى فيها رئيس أمريكي منصبه، تبدأ جميع البلدان ساعة لتحديد متى سيكون لديهم أول اتصال، ومنذ توليه منصب الرئيس، تحدث بايدن مع أنجيلا ميركل وإيمانويل ماكرون ورئيس الوزراء الأيرلندي ميشال مارتن، وخلال الفترة التي قضاها كرئيس منتخب، تحدث مع رئيس الوزراء الإيطالي آنذاك، جوزيبي كونتي.
هشام معتضد، الأستاذ الباحث في العلاقات الدولية، أورد أن تصريحات نيد برايس بخصوص قضية الصحراء يجب تحليلها داخل إطار منهجية الديمقراطيين في التواصل السياسي فيما يخص السياسة الخارجية الامريكية.
وأضاف معتضد في حديث مع “بناصا” أن إشارته إلى الاختلافات المهمة والعميقة بين إدارته وإدارة الرئيس الأسبق دونالد ترامب في المنطقة تخص المقاربة الشمولية في تدبير الملفات، وليس التراجع عن القرارات ذات التوجهات السيادية والإستراتيجية.
وأوضح، أن الإدارات الامريكية، رغم امتلاكها هامش كبير من التصرف على مستوى السياسة الخارجية، إلا أنها تخضع لظوابط سيادية وتوجهات استراتيجية محكمة بخرائط طريق على المدى البعيد وذالك إرتباطا بأمنها القومي، لذالك فبعض من القرارات الاستراتيجية ذات التوجه السيادي تلزم الادارة الامريكية بإختلاف تلاوينها و إديولوجيتها الفكرية.
قرار الاعتراف السيادي الأمريكي بمغربية الصحراء لن يتغيير
وسجل المصدر ذاته، أن المتتبع للسياسة الخارجية الامريكية وطريقة تدبيرها منذ وصول فريق بايدن للبيت الأبيض يلاحظ مدى تغيير المقاربة في والمنهجية في تنزيل مقتضيات العديد من الالتزامات الأمريكية ولكن المسؤولية إتجاه المواقف الامريكية الاستراتيجية يتم احترامها بكل مسؤولية سياسية ودبلوماسية.
ويرى معتضد، أن الولايات المتحدة لم تخفض من دعمها للمغرب منذ وصول فريق بايدن لإدارة البيت الأبيض و لكن لها أولويتها كما الشأن لكل فريق يتولى تسيير شؤون البيت البيضوي. في العديد من المناسبات، وعلى غرار كل الإدارات، الناطقين الرسميين بإسم البيت الابيض أو وزير الخارجية الأمريكي صرحوا على أنه ليس هناك جديد أو تغيير فيما يخص إعترافه الولايات المتحدة الامريكية بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية.
وخلص الأستاذ الباحث في العلاقات الدولية، إلى أن الديمقراطيين سيعملون على تغيير المقاربة السياسية في التعاطي مع هذا الملف لتمرير وجهة نظرهم ولأهداف سياسية تدخل في إطار مكتسبات الديمقراطيين في المنطقة.
وأكد معتضد، أن قرار الاعتراف السيادي الأمريكي بمغربية الصحراء لن يتغيير ولن تستطيع الإدارة الأمريكية التراجع عنه لأنه مرتبط بخريطة سيادية أمريكية تدخل ضمن الأمن القومي الأمريكي المشترك مع حلفائها في المنطقة ولا يعتبر مجرد قرار سياسي ظرفي بتوجه إيديولوجي.
تعليقات الزوار ( 0 )