تتعالى الأصوات من داخل حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، ومن خارجه، مطالبة بوضع حد لمرحلة إدريس لشكر، الذي يقود الحزب منذ سنة 2012، في وقت يعرف فيه هذا التنظيم التاريخي تراجعات انتخابية، واضطرابات داخلية، وانتقادات متزايدة لطريقة تسييره وتدبيره.
ورغم أن حزب “الوردة” ظل لسنوات رقما صعبا في المعادلة السياسية المغربية، فإن استمراره في موقع المعارضة، وعدم قدرته على المنافسة في الانتخابات، فاقم الانتقادات الموجهة لقيادته الحالية، وعلى رأسها لشكر، الذي يبدو أنه يستعد لولاية جديدة قد تمتد إلى ما بعد انتخابات 2026، وربما أبعد من ذلك.
وفي هذا السياق، قال الإعلامي المغربي محمد واموسي، إن لشكر، “الرجل الذي أصبح جزءًا من أثاث المشهد السياسي المغربي، لا يزال يُدير دفة حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية منذ 2012… والآن، ببساطة شديدة، يُهيّئ نفسه لقيادة الحزب نحو انتخابات 2026، وربما إلى ما بعد 2030”.
وأضاف واموسي في تدوينة نشرها على حسابه بـ”فيسبوك”، بنبرة مستنكرة، أن لشكر، ربما سيستمر في قيادة حزب الاتحاد الاشتراكي، إلى “ما بعد الحياة السياسية ذاتها، في حال تمكّن من اكتشاف سر الخلود السياسي”، متسائلاً: “هل يُعقل أن حزبًا بحجم وتاريخ الاتحاد الاشتراكي لم يُنتج، طوال أكثر من عقد، وجهًا جديدًا، صوتًا مختلفًا، أو حتى ظلاً يُشبه “البديل”؟ أم أن الرجل بات المايسترو الوحيد، والعازف الوحيد، والجمهور الوحيد أيضًا؟”.
وتابع واموسي: “لشكر، في نظر البعض، ليس أمينًا عامًا فقط، بل هو “العلامة التجارية”، لا يتغير، لا يتزحزح، ولا يسمح للكرسي بأن يرتاح من وزنه السياسي”، مردفاً: “هل 14 سنة لا تكفي؟ هل تحول الحزب إلى ملكية حزبية؟ أم أن الكفاءات داخله انقرضت ولم يبقَ إلا “الزعيم الأبدي”؟”.
واسترسل الإعلامي، بنوع من “السخرية السوداء”، أن حزب الاتحاد الاشتراكي “دخل مرحلة جديدة من التطور السياسي.. الحزب بزعيم واحد، مدى الحياة، قابل للتجديد تلقائيًا دون الحاجة لعقد مؤتمر أو حتى اجتماع شاي”، مضيفاً: “إذا استمر الأمر بهذا الشكل، فربما سنرى مستقبلاً شعارًا جديدًا على بوابة المقر: الاتحاد الاشتراكي للزعماء الذين لا يتقاعدون، بل يتحنطون!”.
وسبق لمجموعة من القادة السابقين داخل حزب الاتحاد الاشتراكي، من بينهم عبد المقصود راشدي، حسن نجمي، صلاح الدين المانوزي، وشقران أمام، أن طالبوا، في بلاغ لهم، في مارس 2024، بـ”تحمل إدريس لشكر مسؤوليته السياسية والأخلاقية وتقديم استقالته”، وذلك بسبب الاختلالات داخل الحزب، والتي سجلها تقرير المجلس الأعلى للحسابات.
وأكد البلاغ الموقع من قبل القادة السابقين في حزب “الوردة”، أن استمرار الصمت تجاه تقرير المجلس الأعلى للحسابات، الذي أثار جدلا حول صفقات “مكتب الدراسات”، يعكس انحرافًا خطيرًا في تدبير الحزب، ويكرّس منطق الاستفراد بالقرار، وتهميش باقي مؤسسات التنظيم.
وطالب القادة السابقون في حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، بـ”ترتيب الآثار القانونية والسياسية والتنظيمية المناسبة”، واعتبروا أن الصورة التي بات يحملها الحزب لدى الرأي العام “مسّت بقيمه وتاريخه”، وهو ما يستدعي، حسب تعبيرهم، “مرحلة جديدة بروح جماعية”.
الحزب، الذي عرف في سنوات سابقة دينامية داخلية وتعددًا في الرؤى، وكان أقوى الأحزاب السياسية في المغرب، بات اليوم، حسب المنتقدين، “مركزيًا بشكل خانق”، وشهد استقالات جماعية، أبرزها تلك التي هزت صفوفه في السنوات الأخيرة، من فروع شبابية وقيادات وطنية.
تعليقات الزوار ( 0 )