Share
  • Link copied

“الهندية” المغربية على حافة الاندثار: فاكهة الفقراء تتحول إلى رفاهية الأغنياء!

اختفت فاكهة “الهندية” تدريجيًا من الشوارع والأسواق الشعبية، بعد أن كانت لسنوات طويلة من أبرز رموز الصيف المغربي. فقد تراجعت وفرتها بشكل لافت، وارتفع ثمنها لمستويات غير مسبوقة، لتتحوّل من فاكهة الفقير إلى منتوج خاص بالأغنياء، في تحول صادم يعكس عمق التغيرات التي مست سلسلة إنتاج الصبّار وتوزيعه في السنوات الأخيرة.

هذا التغيّر في الحضور اليومي لـ”الكرموس الهندي” ليس مجرّد صدفة موسمية، بل نتيجة مسار من التحولات البيئية والاقتصادية، تداخلت فيه عوامل متعدّدة، من تفشي آفات زراعية إلى اختلالات في منظومة التوزيع، ما أدى إلى تراجع العرض وارتفاع الأسعار بشكل غير مسبوق. وبينما يقف المواطن البسيط عاجزاً أمام فقدان فاكهته الصيفية المفضلة، ترتفع أصوات تطالب بتدخل مؤسساتي لإنقاذ هذا المنتوج التراثي من الاندثار.

وفي هذا السياق، قال علي شتور، رئيس الجمعية المغربية للدفاع عن حقوق المستهلك، في تصريح لجريدة “بناصا”، إن فاكهة “الكرموس الهندي”، أو ما يعرف شعبيًا بـ”الهندية”، التي كانت لعقود طويلة ملاذًا صيفيًا للفئات الهشة وذوي الدخل المحدود، قد فقدت مكانتها كفاكهة شعبية في متناول الجميع، بعدما تجاوز ثمن الحبة الواحدة منها عشرة دراهم في بعض المناطق، وتحولت إلى سلعة نادرة وموجهة للتصدير.

وأوضح شتور في تصريحه للموقع، أن هذا التحول الصادم يرتبط بمجموعة من الأسباب المتداخلة، في مقدمتها تفشي الآفة القرمزية التي اجتاحت مساحات شاسعة من الصبّار، وأتلفت آلاف الهكتارات، خاصة في مناطق دكالة وسوس والجنوب، وذلك في ظل غياب استراتيجية وقائية فعالة من طرف الجهات المختصة، مما أدى إلى كارثة بيئية حقيقية، تفاقمت بفعل الجفاف والتغيرات المناخية.

وأعرب شتور عن قلق جمعيته من اختفاء هذا المنتوج البسيط من متناول الفقراء، مشددًا على ضرورة تدخل وزارة الفلاحة والجهات المعنية بشكل عاجل، عبر تسريع برامج مكافحة الحشرة القرمزية، وتوسيع زراعة نبتة الصبار المقاومة، إلى جانب دعم الفلاحين الصغار المتضررين، وإيجاد بدائل زراعية قادرة على تعويض الخسائر المسجلة. كما دعا إلى إصلاح منظومة التوزيع بشكل يحد من الاحتكار والزيادات غير المبررة، مع إطلاق حملات توعوية لفائدة الفلاحين حول أساليب الوقاية والعناية بالنبتة، وتشجيع التعاونيات المحلية على تحويل المنتوج بما يمنحه قيمة مضافة ويساهم في خلق فرص شغل جديدة.

وختم شتور تصريحه بالتأكيد على أن فاكهة “الهندية” لا تُمثل فقط غذاءً موسميًا بسيطًا، بل تُجسد تراثًا بيئيًا واجتماعيًا أصيلاً يجب الحفاظ عليه وإدماجه في الدورة الاقتصادية بشكل عادل، حتى تستعيد مكانتها الرمزية، وتعود إلى موائد الفئات التي كانت تعتمد عليها يومًا كمصدر طبيعي ومغذٍّ، قبل أن تغدو حكرًا على الطبقة الميسورة.

Share
  • Link copied
المقال التالي