منذ أشهر وفي كل خرجة إعلامية تلي المجلس الحكومي، لا يتوقف الناطق الرسمي باسم الطمأنينة، عفوا باسم الحكومة مصطفى بيتاس عن طمأنة المغاربة بقرب عودة الأسعار إلى سابق عهدها أو على الأقل استقرارها، لكن شيئا من وعوده وتطميناته لم يتحقق إلى حدود كتابة هذه السطور، بل بالعكس بعد كل ندوة صحفية لبيتاس يخرج المغاربة إلى الأسواق والمحلات التجارية ليصطدموا بمواصلة الأسعار لارتفاعها؛ مواد غذائية ملتهبة، مواد البناء مشتعلة، أما الأثاث المنزلي فأصبح خارج اهتمامات المغاربة، ومع ذلك فإن بيتاس يكون له دائما رأي آخر، حيث يواصل التطمين في الأسبوع الذي يلي استمرار لهيب الأسعار ولاشيء غير الطمأنة حتى حق أن يوصف بالناطق الرسمي باسم الطمأنينة، التي للأسف لا يتحقق منها شيء.
تقول القاعدة إن الإنسان يُعرف بكذبه بعد حديثه إلى ومع الناس في حين لا يمكن الحكم على كلامه بالصدق أو الكذب قبل ذلك، كما لا يجوز الحكم عليه من حديث واحد، بل يحتاج الأمر إلى سلسلة أحاديث لمعرفة زيف أقواله من صحتها، أما مصطفى بيتاس فيمكن اعتباره -سامحنا الله- الإنسان الوحيد في العالم الذي يُكتشف كذبه حتى قبل أن ينطق ببنت شفة، رغم محاولاته الحثيثة إضفاء نوع من الجدية والصرامة على خرجاته وملامحه التي لا تبشر صراحة بأي طمأنينة ولا أي أمل.
بالرغم مما تقدم من نقد لاذع لخرجات بيتاس ومن خلاله لحكومة رئيسه أخنوش الفاشلة، إلا أن الحقيقة أنه ليس كل شيء في تصريحات بيتاس سيئ؛ ملامحه غير المطمئنة وغير البشوشة وتطميناته التي من المؤكد أنه هو نفسه لا يصدقها والتي أكدت الأيام والاشهر زيفها، بل هناك في خرجاته أمر غاية في الأهمية والجمال ومن المحتمل أن يدخل به التاريخ من أبوابه الواسعة، إذ ليس مستبعدا أن تلهم خرجاته تلك الحكومات المقبلة، ليس في المغرب فحسب، بل أيضا في الدول الأخرى لتخصيص واستحداث منصب وزاري باسم الناطق الرسمي باسم الطمأنينة، تكون مهمته الطمأنة والتطمين وزرع الاطمئنان ومشتقاته في نفوس المواطنين..
في الختام لا يسعنا إلا أن نقول لبيتاس؛ “يمكن أن تطمئن كل الناس بعض الوقت، وبعض الناس كل الوقت، لكنك لن تستطيع طمأنة كل الناس كل الوقت” و “يا بيتاس لن نؤمن لك حتى نرى انخفاض الأسعار جهرة وعودة البطاطيس إلى ثلاثة دراهم للكيلو والبصل لدرهمين…”، غير ذلك احتفظ بتطميناتك غير المطمئنة لنفسك.
تعليقات الزوار ( 0 )