Share
  • Link copied

الناتو يفقد بوصلته جنوباً: تجاهل المغرب يُضعف دفاعات الحلف أمام التوسع الروسي في المتوسط والساحل (تقرير)

في تقرير صادر عن Atlantic Council بعنوان “الناتو لديه نقطة عمياء في المتوسط – وهذا يُهدد أمنه”، حذر الباحثان غابرييلي ناتاليتسيا وأليسا بافيا من أن حلف شمال الأطلسي يرتكب خطأً استراتيجياً بالغ الخطورة بتجاهله المتواصل لدول جنوب المتوسط، وفي مقدمتها المملكة المغربية، في خضم التصاعد الجيوسياسي الروسي في شمال إفريقيا والساحل.

لم يُدعَ المغرب، العضو الفاعل في “الحوار المتوسطي” مع الناتو، إلى القمة الأخيرة التي عُقدت في لاهاي، رغم دوره الأمني المتقدم في المنطقة وموقعه الاستراتيجي الذي جعله شريكاً أساسياً في مكافحة الإرهاب وضمان أمن الضفتين المتوسطية والأطلسية.

في المقابل، تم استدعاء دول آسيوية كبريطانيا واليابان وكوريا الجنوبية، في تجاهل لافت لحلفاء الحلف جنوباً، في الوقت الذي تتسع فيه رقعة النفوذ الروسي في أفريقيا، مما يجعل من استبعاد الرباط “سقطة استراتيجية” بحسب التقرير.

وعلى مدار سنوات، أثبت المغرب التزامه بأمن المنطقة، سواء عبر تعاونه العسكري والاستخباراتي مع حلفاء الناتو، أو عبر أدواره الفاعلة في استقرار الساحل ومحاربة شبكات التهريب والتطرف.

ويمتلك المغرب موقعاً فريداً يربط أوروبا بأفريقيا، ويتحكم في منفذ بحري استراتيجي بين المحيط الأطلسي والبحر المتوسط، بالإضافة إلى بنى تحتية متطورة كـ”ميناء طنجة المتوسط”، الذي أصبح مركزاً لوجيستياً أساسياً للتجارة العالمية.

ورغم ذلك، يغيب المغرب عن أبرز دوائر صنع القرار داخل الناتو، وهو ما يعتبره التقرير اختلالاً في الرؤية الأمنية الشاملة للحلف، خصوصاً مع تزايد التهديدات غير التقليدية مثل الهجرة غير الشرعية، والتهريب، والتغلغل الروسي في دول الجوار.

وأوضح التقرير أن النفوذ الروسي المتزايد في ليبيا والساحل يشكل تهديداً مباشراً لمصالح الناتو، ولكنه أيضاً يمثل تهديداً غير مباشر للمغرب، الذي يقع على خط تماس مع هذه الأزمات.

فروسيا تسعى لتطويق الضفة الجنوبية لأوروبا عبر حلفاء غير تقليديين، وتستخدم أدوات مثل المرتزقة، التحريض على الفوضى، والتحكم في تدفقات الهجرة والمواد الأولية.

وهنا، يرى محللو Atlantic Council أن دور المغرب في كبح هذا النفوذ ضروري، ويجب ألا يُنظر إليه كطرف هامشي، بل كـ”شريك إقليمي محوري”، يملك من الاستقرار السياسي، والقدرات الأمنية، والروابط مع القوى الغربية، ما يؤهله للعب دور محوري في التصدي للمخططات الروسية في الجنوب.

وفي ختام التقرير، دعا الباحثان الناتو إلى إعادة تموضع استراتيجي عبر تعزيز التعاون الأمني مع المغرب، ومنح الرباط دوراً أكبر في تحديد أولويات الأمن الإقليمي وإعادة تفعيل الحوار المتوسطي بجدية، ثم إسناد دور أكبر لمركز NSD-S HUB في نابولي ليصبح همزة وصل حقيقية مع الفاعلين الإقليميين مثل المغرب.

وفي ظل خريطة أمنية متحولة وخصم روسي يمدّ جذوره جنوباً، يصبح تجاهل المغرب رفاهية لم يعد الناتو يملكها. فحليف مثل الرباط، الذي يمتلك رؤية استباقية، وشراكات متعددة، وقدرات أمنية متنامية، يجب أن يكون في قلب الحسابات الاستراتيجية لأمن الحلف الأطلسي، لا على هامشها.

Share
  • Link copied
المقال التالي