كشفت صحيفة بريطانية مؤخرًا في تحقيق مثير للجدل، عن الدور المتنامي الذي تلعبه كلٌّ من الجزائر وإيران، إلى جانب شبكة من الفاعلين غير الدوليين، في زعزعة استقرار منطقة المغرب الكبير، عبر استغلال ملف الصحراء الغربية المغربية كأداة ضغط جيوسياسي ونقطة ارتكاز في صراعاتهم الإقليمية الأوسع.
وفي قلب هذا المخطط، تبرز الجزائر كلاعب رئيسي يعارض بشكل ممنهج الجهود الأممية والإقليمية لإيجاد حلّ سياسي واقعي لنزاع الصحراء الغربية.
ووفقًا لصحيفة “فيسيغراد 24 – Visegrad 24″ البريطانية، فإن الدعم الجزائري طويل الأمد لجبهة البوليساريو قد ساهم في تجميد النزاع لعقود، ومنع التكامل المغاربي، وأدخل المنطقة في حالة من الجمود السياسي والركود الاقتصادي.
وقد أدى هذا “التعطيل المتعمّد”، كما تصفه الصحيفة، إلى شلل دائم في مؤسسات مثل اتحاد المغرب العربي، وتحويل شمال إفريقيا من منطقة واعدة إلى ساحة مستنزفة بالانقسامات والمصالح المتضاربة.
والأخطر، بحسب التقرير، هو توسع النفوذ الإيراني في شمال إفريقيا. فطهران متّهمة بضخ أسلحة وأفكار متطرفة إلى فصائل مسلحة في المنطقة، في نمط مشابه لما قامت به في اليمن وسوريا ولبنان.
وبات الدعم الإيراني للبوليساريو يثير قلقًا متزايدًا في العواصم الغربية، إذ يبدو أن إيران تسعى إلى تحويل نزاع محلي إلى ساحة مواجهة مع الغرب.
كما حذّر التقرير من أن هذه التحركات لا يجب التعامل معها كمسائل هامشية، بل كجزء من خريطة إيرانية موسعة لزرع الفوضى عبر وكلاء محليين، في سياق استراتيجيتها لمواجهة النفوذ الغربي.
وبينما تتنافس القوى الإقليمية والدولية على النفوذ، تستغل الشبكات الجهادية وعصابات التهريب هشاشة الحدود في المنطقة، لتوسيع عملياتها من منطقة الساحل إلى تخوم البحر الأبيض المتوسط.
واستنادا إلى المصادر ذاتها، فإن التداخل بين الفاعلين غير النظاميين والمصالح الجيوسياسية قد يؤدي إلى انفجار الوضع برمّته، ما يُنذر بـ”برميل بارود” على الخاصرة الجنوبية لأوروبا.
وتشير الصحيفة البريطانية إلى أن بريطانيا وحلفاءها في أوروبا لم يعودوا قادرين على تجاهل هذا التهديد المتنامي، إذ لم يعد الأمر يتعلق فقط باستقرار المغرب العربي، بل بالأمن الجماعي لشمال المتوسط.
وفي المقابل، تُبرز المملكة المغربية كنموذج للاتزان الإقليمي، حيث تُعزز الرباط استثماراتها في الصحراء، وتُروّج لحل سياسي يقوم على الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية، بدعم دولي متنامٍ.
ويكشف هذا التقرير عن واقع مقلق، حيث تتداخل الحسابات الجيوسياسية والولاءات الإيديولوجية في منطقة تمثل مفترق طرق بين إفريقيا وأوروبا والعالم العربي.
وأشار التقرير إلى أنه إذا لم يُكبح النفوذ التخريبي للجزائر وإيران ووكلائهما، فإن النزاع في الصحراء قد يتحول من ملف إقليمي مُجمّد إلى نقطة اشتعال عالمية.
تعليقات الزوار ( 0 )