يعيش العالم اليوم أوضاعا غير مسبوقة بسبب ما أصابه من وباء ضرب في الصميم قطاعات إلى درجة الشلل ، وحرك قطاعات أخرى إلى درجة العمل باستمرار ودون توقف.
العديد ممن يعمل في صمت لا يحركهم إلا الواجب المهني والوازع الأخلاقي،
في حين ظهر أن هناك إشكالا كبيرا ارتبط بالإشاعة أو بانزلاقات حركت بصددها مقتضيات القانون الجنائي.
وبدا واضحا أن منطقا جديدا صار يتحكم في تدبير الوضعية وفي اتخاذ القرارات التي يمكن الاستناد إليها لتدبير أزمة مفاجئة بأقل الخسائر الممكنة .
تعددت المقاربات المتبعة على المستوى الدولي ولم تتردد الدول في اللجوء إلى قراراتها السيادية بعيدا عن أي منطق آخر .
أما على المستوى الوطني فلم تكن أهوال جائحة كورونا أقل وقعا على العلاقات الاجتماعية بين المواطنين فيما بينهم ، وبين المواطنين والسلطات العمومية ، وتعددت أيضا زوايا النظر إلى هذا العدو المباغت .
وبتتبع دقيق للظرفية التي نعيشها ، يتبين أننا نعيش حالة غير مسبوقة تتطلب حتما تدابير تختلف عن التدبير العادي لتصريف الأمور .
في هذا الاطار اتخذ المغرب عدة تدابير وقرارات اعتبرت جد مهمة طمعا في تجاوز هذه المحنة العالمية ، وكان من أبرز ما اتخذه إغلاق الحدود الذي انطلق مع دول بعينها إلى أن صار إغلاقا تاما يهم كافة الرحلات الدولية من المغرب وإليه[1]، ثم إحداث صندوق خاص بكورونا[2] ، وإصدار مرسوم [3] لتمكين وزير الصحة من مساطر استثنائية لإبرام صفقات واقتناء معدات دون سلوك المساطر المنصوص عليها في مرسوم الصفقات العمومية [4]، وإحداث خلايا لليقضة الاقتصادية وأعلن عن حالة الطوارئ الصحية[5] ،وتناسلت القرارات المتخذة لتدبيرها وبشكل سريع ومتوالي .
وهكذا كان من الضروري أن تحرك عجلة سن القوانين لتدبير هذه الوضعية ، وبالفعل صدر بالجريدة الرسمية مرسوم بقانون يتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية [6] ، ومرسوم بإعلان حالة الطوارئ الصحية بسائر أرجاء التراب الوطني لمواجهة تفشي فيروس كورونا كوفيد 19 [7].
وما من شك أن هذا النص يثير تساؤلات إن من حيث طبيعته وزمن إصداره، وحتى من حيث كثافة القواعد التي يتضمنها.
أولا : تحديد حالة الطوارئ الصحية وسندها القانوني
بالرجوع إلى المرسوم بقانون المتعلق بأحكام حالة الطوارئ الصحية نجده استند إلى ما يلي :
- الفصل 81 من الدستور المغربي ؛
- الفقرة الرابعة من الفصل 24 من الدستور المغربي ؛
- الفصل 21 من الدستور المغربي؛
- اللوائح التنظيمية الصادرة عن منظمة الصحة العالمية .
وبخصوص هذه الأسانيد فإنه من المهم إبداء الملاحظات التالية :
- اعتمدت الحكومة لإصدار المرسوم بقانون على الفصل 81 من الدستور والذي يمكنها من إصدار مراسيم قوانين بشروط محددة وتتمثل فيما يلي :
- زمن إصدار المراسيم بقانون ويتعلق بالفترة الفاصلة بين الدورات؛
- شرط استصدار هذه المراسيم بقانون في إطار اتفاق مع اللجان المعنية في كل من مجلس النواب ومجلس المستشارين ؛
- شرط لاحق ولم يتحقق لحد الآن ويتعلق الأمر بضرورة عرض المرسوم بقانون على الدورة العادية للبرلمان الموالية للإصدار هذا المرسوم بقانون عند انعقادها .
وبخصوص الإجراءات المتخذة لإصدار هذا المرسوم فإن الأمر لا يطرح مشكلا ، فليست المرة الأولى التي تلجأ فيها الحكومة إلى إصدار مراسيم بقانون خلال الفترة الفاصلة بين دورات البرلمان .
- اعتمدت الحكومة الفصل 21 والذي ينص على أنه :” لكل فرد الحق في سلامة شخصه وأقربائه، وحماية ممتلكاته.
تضمن السلطات العمومية سلامة السكان، وسلامة التراب الوطني، في إطار احترام الحريات والحقوق الأساسية المكفولة للجميع.”
وبقراءة هذا الفصل نجد أنه تضمن مقتضيات أساسية تتوزع بين حقوق وواجبات :
المقتضى الأول : ويتعلق بحق الأفراد في سلامتهم الشخصية وسلامة أقربائهم ، وكذا حقهم في حماية ممتلكاتهم ؛
المقتضى الثاني : ويتعلق بواجب السلطات العمومية ضمان سلامة السكان وسلامة التراب الوطني ، وبخصوص هذا المقتضى نشير إلى أن مفهوم السلطة العمومية في هذا الفصل له مدلول واسع ويتطابق مع المدلول المنصوص عليه في الفصل السادس من الدستور والذي جاء فيه : ” القانون هو أسمى تعبير عن إرادة الأمة.
والجميع، أشخاصا ذاتيين أو اعتباريين، بما فيهم السلطات العمومية، متساوون أمامه، وملزمون بالامتثال له.
تعمل السلطات العمومية على توفير الظروف التي تمكن من تعميم الطابع الفعلي لحرية المواطنات والمواطنين، والمساواة بينهم، ومن مشاركتهم في الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية.
تعتبر دستورية القواعد القانونية، وتراتبيتها، ووجوب نشرها، مبادئ ملزمة.
ليس للقانون أثر رجعي.”
المقتضى الثالث : ويتعلق بشرط يجب أن يكون ملازما لما تقوم به السلطات العمومية لأجل ضمان سلامة السكان وسلامة التراب الوطني ، هذا الشرط يتمثل في إطار احترام الحريات والحقوق الأساسية المكفولة للجميع.”
وبالرجوع إلى الدستور المغربي فيما يخص عبارة الحريات والحقوق الأساسية نجد أنه أحاطها بضمانات كبيرة حيث خصص لها الباب الثاني منه من الفصل التاسع عشر إلى الفصل الأربعين .
كما أشار إلى هذه العبارة في مواقع مختلفة ومنها الفصل 59 المتعلق بإعلان حالة الاستثناء حيث جاء في الفقرة ما قبل الأخيرة منه أنه : ” تبقى الحريات والحقوق الأساسية المنصوص عليها في هذا الدستور مضمونة.”
ومما يزيد من مكانة الحريات والحقوق الأساسية مقتضيات الفصل 175 من الدستور الذي ينص على أنه :” لا يمكن أن تتناول المراجعة الأحكام المتعلقة بالدين الإسلامي، وبالنظام الملكي للدولة، وبالاختيار الديمقراطي للأمة، وبالمكتسبات في مجال الحريات والحقوق الأساسية المنصوص عليها في هذا الدستور.”
وهي مكانة قوية باعتبار أن الحريات والحقوق الاساسية اعتبرت من الثوابت الجامعة للأمة وهي ثوابت محددة حصرا وفق ما أقره المجلس الدستوري بمناسبة قراريه المتعلقين بالقانون التنظيمي للعرائض والقانون التنظيمي للملتمسات في مجال التشريع [8].
أيضا ما نص عليه الفصل 27 من الدستور حيث اعتبر أن الوقاية من المس بالحريات والحقوق الأساسية هو أحد الاستثناءات التي يمكن معها الحد من الحق في الحصول على المعلومة [9].
ملاحظة مهمة وهي أن حالة الطوارئ الصحية لا تصل إلى درجة حالة الاستثناء المؤطرة دستوريا بموجب الفصل 59 من الدستور [10] ، ومع ذلك فقد تم التأكيد على أن تبقى الحريات والحقوق الأساسية المنصوص عليها في هذا الدستور مضمونة.
وإن كنا نلاحظ بأن دواعي حالة الاستثناء ترتبط بما إذا كانت حوزة التراب الوطني مهددة، أو وقع من الأحداث ما يعرقل السير العادي للمؤسسات الدستورية ، بينما دواعي حالة الطوارئ الصحية هي دواعي صحية ، وهي ليست أقل خطرا وضررا على الدولة ومؤسساتها .
وهو ما يؤدي بنا إلى قراءة المقتضيات المتعلقة بمقتضيات حالة الطوارئ الصحية ومسطرتها والتدابير المتخذة في ظلها وفق هذا المنظور.
ثانيا : مسطرة إعلان حالة الطوارئ الصحية
يتم الإعلان عن حالة الطوارئ الصحية بموجب مرسوم مع ضرورة احترام وتوفر شروط مسطرية وأخرى موضوعية :
1 – الشروط الموضوعية
وقد نصت عليها المادة الأولى من المرسوم بقانون المتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ وتتمثل فيما يلي :
- انتشار أمراض معدية أو وبائية بجزء من التراب الوطني أو في كل أرجاء التراب الوطني ؛
- تهديد هذه الأمراض لحياة الأشخاص وسلامتهم ؛
- أن تكون حالة الطوارئ ضرورية للتمكن من الحد من انتشار الأمراض المعدية والأوبئة وتفادي الأخطار التي يمكن أن تتنج عنها .
2 – الشروط المسطرية
وهي محددة بموجب المادة الثانية من المرسوم بقانون المتعلق بسن أحكام حالة الطوارئ الصحية ويتعلق الأمر بالإجراءات التالية :
- التقدم باقتراح مشترك للسلطتين الحكوميتين المكلفتين بالصحة والداخلية ؛
- أن يحدد المرسوم المعلن لحالة الطوارئ الصحية النطاق الترابي لتطبيقها ومدة سريان مفعولها ؛
- أن يحدد هذا المرسوم الإجراءات الواجب اتخاذها ؛
مع الإشارة إلى أنه يمكن تمديد مدة سريان حالة الطوارئ الصحية وفق نفس الإجراءات .
وبالفعل فقد صدر مرسوم لإعلان حالة الطوارئ الصحية ، متضمنا للشروط الموضوعية وكذا الشروط المسطرية .
لقد أشار هذا المرسوم أنه بالنظر إلى مواجهة تفشي فيروس كورونا كوفيد 19 تعتبر ضرورة ملحة توجب إعلان حالة الطوارئ الصحية ، وهو ما يعني تحقق الشروط الموضوعية.
أما الشروط المسطرية فقد تضمنها مرسوم إعلان حالة الطوارئ الصحية كما يلي :
- التقدم باقتراح من ووزير الداخلية ووزير الصحة ؛
- تحديد مدة سريان حالة الطوارئ إلى غاية 20 أبريل 2020 في الساعة السادسة مساء ؛
- تضمن هذا المرسوم للتدابير التي أوجبتها حالة الطوارئ ونميز في هذا الصدد بين عدة أنواع من التدابير :
- تدابير فورية التنفيذ
ويتعلق الأمر بالتدابير التالية :
- عدم مغادرة الأشخاص لمحل سكناهم مع اتخاذ الاحتياطات الوقائية اللازمة ، طبقا لتوجيهات السلطة الصحية ؛
ب – منع أي تنقل لكل شخص خارج محل سكناه، إلا في حالة الضرورة القصوى التالية :
– التنقل من محل السكنى إلى مقرات العمل، ولا سيما في المرافق العمومية الحيوية والمقاولات الخاصة والمهن الحرة في القطاعات والمؤسسات الأساسية المحددة بقرارات للسلطات الحكومية المعنية، مع مراعاة الضوابط التي تحددها السلطات الإدارية المعنية من أجل ذلك ؛
- التنقل من أجل اقتناء المنتجات والسلع الضرورية للمعيشة، بما في ذلك اقتناء الأدوية من الصيدليات ؛
- التنقل من أجل الذهاب إلى العيادات والمصحات والمستشفيات ومختبرات التحليلات الطبية ومراكز الفحص بالأشعة وغيرها من المؤسسات الصحية، لأغراض التشخيص والاستشفاء والعلاج؛
– التنقل لأسباب عائلية ملحة من أجل مساعدة الأشخاص الموجودين في وضعية صعبة، أو في حاجة إلى الإغاثة.
ج – منع أي تجمع أو تجمهر أو اجتماع لمجموعة من الأشخاص مهما كانت الأسباب الداعية إلى ذلك، ويستثنى من هذا المنع الاجتماعات التي تنعقد لأغراض مهنية، مع مراعاة التدابير الوقائية المقررة من قبل السلطات الصحية؛
د – إغلاق المحلات التجارية وغيرها من المؤسسات التي تستقبل العموم خلال فترة حالة الطوارئ الصحية المعلنة، ولا يمكن فتح هذه المحلات والمؤسسات من قبل أصحابها إلا لأغراضهم الشخصية فقط.
كما أنه يتعين على رؤساء الإدارات بمرافق الدولة والجماعات الترابية والمؤسسات العمومية والمقاولات العمومية وكل مقاولة أو مؤسسة خاصة، تمكين الموظفين والأعوان والمأجورين التابعين لهم من رخص استثنائية للعمل تحمل أسماءهم، قصد الإدلاء بها عند الاقتضاء لدى السلطات العمومية المكلفة بالمراقبة[11].
- تدابير لحماية النظام العام الصحي
وقد نصت عليها المادة الثالثة من مرسوم إعلان حالة الطوارئ حيث خولت لولاة الجهات وعمال العمالات والأقاليم، بموجب الصلاحيات المخولة لهم طبقا للنصوص التشريعية والتنظيمية، اتخاذ جميع التدابير التنفيذية التي يستلزمها حفظ النظام العام الصحي في ظل حالة الطوارئ المعلنة، سواء كانت هذه التدابير ذات طابع توقعي أو وقائي أو حمائي، أو كانت ترمي إلى فرض أمر بحجر صحي اختياري أو إجباري، أو فرض قيود مؤقتة على إقامة الأشخاص بمساكنهم، أو الحد من تنقلاتهم، أو منع تجمعهم، أو إغلاق المحلات المفتوحة للعموم، أو إقرار أي تدبير آخر من تدابير الشرطة الإدارية.
كما يخول لهم وللسلطات الصحية المعنية حق اتخاذ أي قرار أو إصدار أي أمر تستلزمه حالة الطوارئ الصحية المعلنة، كل في حدود اختصاصاته.
ومما يثير الانتباه أنه لم تتم الإشارة إلى الأجهزة اللامركزية سواء في السند القانوني المعتمد لإصدار مرسوم الطوارئ الصحية ، أو في تدابير يمكن اتخذاها من طرف السلطات اللامركزية ، بينما تم الاستناد إلى الظهير المنظم لاختصاصات العامل[12] وتخويله مهمة حفظ النظام العام الصحي إلى جانب السلطات الصحية .
وخاصة الجماعات التي يندرج في إطار اختصاصاتها الذاتية اختصاصات تتعلق بحفظ الصحة ونقل المرضى والجرحى ،نقل الأموات والدفن وإحداث وصيانة المقابر ، بالإضافة إلى المقتضيات المتعلقة بالشرطة الادارية لرئيس المجلس الجماعي المضمنة بالمادة 100 من القانون التنظيمي للجماعات[13].
ثالثا : الآثار القانونية والمادية لإعلان حالة الطوارئ الصحية
تضمن مرسوم إعلان حالة الطوارئ الصحية مقتضيات قانونية مهمة ، منها ما يتعلق بالعقوبات القانونية والآجال ، ومنها ما يتعلق بأنواع التدابير الحكومية التي يمكن اتخاذها.
1 – التدابير الحكومية إبان حالة الطوارئ الصحية
بالنظر إلى نوعية التدابير التي يمكن اتخاذها من طرف الحكومة لتدبير حالة الطوارئ الصحية نميز بين نوعين :
- تدابير لحماية حياة الأشخاص وضمان سلامتهم
وهي تلك التدابير التي يمكن اتخاذها بالاستناد إلى مقتضيات المادة الثالثة من مرسوم إعلان حالة الطوارئ ، حيث نقف من خلال قراءتها على ثلاث مقتضيات قانونية أساسية :
- المقتضى الأول : والمتعلق بأنه يمكن للحكومة اتخاذ جميع التدابير من أجل التدخل الفوري والعاجل للحيلولة دون تفاقم الحالة الوبائية للمرض ، وتعبئة جميع الوسائل لحماية حياة الأشخاص وسلامتهم ، على الرغم من جميع الأحكام التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل ؛
- المقتضى الثاني : ويتعلق بالوسائل التي يمكن أن تتخذ بها هذه التدابير ، حيث تم التنصيص على أن الحكومة بإمكانها اتخاذ إما بموجب مراسيم أو مقررات تنظيمية وإدارية أو بواسطة مناشير وبلاغات ، وكذا تعبئة جميع الوسائل المتاحة لأجل نفس الأهداف ؛
- المقتضى الثالث : ويتعلق بكون هذه التدابير الحكومية يجب ألا تحول دون ضمان استمرارية المرافق العمومية الحيوية ، وتقديم الخدمات التي تقدمها للمرتفقين.
ومن المهم أن نشير أن تفعيل هذه المقتضيات مرتبط بمسألتين ، فالمسألة الأولى ترتبط بالسلطة التقديرية للحكومة ، ووفق سلطتها وتقديرها للأوضاع الصحية تبادر وحسب ما تقتضيه الظرفية للحيلولة دون المساس بحياة الاشخاص وسلامتهم ، أما المسألة الثانية فهي حرص الحكومة في نفس الوقت على أن تظل المرافق العمومية الحيوية مستمرة في أداء خدماتها للمرتفقين.
- تدابير لمواجهة آثار إعلان حالة الطوارئ الصحية
من طبيعة الحال فإعلان حالة الطوارئ الصحية يرتب لا محالة آثارا سلبية على كل المستويات : اقتصاديا ،ماليا، اجتماعيا ، بيئيا ، وتبعا لذلك يتبين من المادة الخامسة من المرسوم بقانون المتعلق بسن أحكام حالة الطوارئ الصحية على أنه يجوز للحكومة أن تتخذ أي إجراء ذي طابع اقتصادي أو مالي أو اجتماعي أو بيئي وفق ثلاثة شروط :
- الشرط الأول : أن تكتسي هذه التدابير صبغة الاستعجال ؛
- الشرط الثاني : أن يكون للتدابير المتخذه تأثيرا مباشرا لمواجهة الآثار السلبية الناتجة عن حالة الطوارئ الصحية ؛
- الشرط الثالث : وهو الطابع الاستثنائي لاتخاذ هذه التدابير .
وإذا كان يتضح أن مختلف أجهزة الدولة تتولى مسؤولية جسيمة في تصريف حالة الطوارئ الصحية ، فإن مسؤولية تدبير هذه الظرفية تقع أيضا على عاتق المواطنين تحت طائلة العقوبات عند الاقتضاء .
2 – العقوبات والآجال الخاصة بحالة الطوارئ الصحية
نظرا لأن إعلان حالة الطوارئ الصحية ، أمر غير معهود ويضع التزامات وواجبات على المواطنين ومختلف الاشخاص والهيئات، وأنه من الوارد وقوع مخالفات بخصوصها ، ونظرا للحالة الدقيقة ومدى تأثير مثل تلك التصرفات على الأمن الصحي وحياة الأشخاص وسلامتهم فقد اعتبرت من قبيل الجرائم ، وهكذا نصت المادة الرابعة من المرسوم المتعلق بسن أحكام الطوارئ الصحية على مقتضيات عقابية حيث نصت على أنه :” يجب على كل شخص يوجد في منطقة من المناطق التي أعلنت فيها حالة الطوارئ الصحية ، التقيد بالأوامر والقرارات الصادرة عن السلطات العمومية المشار إليها في المادة الثالثة أعلاه.
يعاقب على مخالفة أحكام الفقرة السابقة بالحبس من شهر إلى ثلاثة أشهر وبغرامة تتراوح بين 300و 1300 درھم أو بإحدى هاتين العقوبتين، وذلك دون الإخلال بالعقوبة الجنائية الأشد.
يعاقب بنفس العقوبة كل من عرقل تنفيذ قرارات السلطات العمومية المتخذة تطبيقا لهذا المرسوم بقانون، عن طريق العنف أو التهديد أو التدليس أو الإكراه، وكل من قام بتحريض الغير على مخالفة القرارات المذكورة في هذه الفقرة، بواسطة الخطب أو الصياح أو التهديدات المفوه بها في الأماكن أو الاجتماعات العمومية ، أو بواسطة المكتوبات أو المطبوعات أو الصور أو الأشرطة المبيعة أو الموزعة أو المعروضة للبيع أو المعروضة في الأماكن أو الاجتماعات العمومية، أو بواسطة الملصقات المعروضة على أنظار العموم أو بواسطة مختلف وسائل الإعلام السمعية البصرية أو الالكترونية، وأي وسيلة أخرى تستعمل لهذا الغرض دعامة إلكترونية.”
وبالمقابل وحفاظا على الحقوق إبان حالة الطوارئ الصحية فقد تم مراعاة الآجال حيث نصت المادة السادسة من المرسوم المتعلق بسن أحكام الطوارئ الصحية على أنه : ” يوقف سريان مفعول جميع الآجال المنصوص عليها في النصوص التشريعية والتنظيمية الجاري بها العمل خلال فترة حالة الطوارئ الصحية المعلن عنها، ويستأنف احتسابها ابتداء من اليوم الموالي ليوم رفع حالة الطوارئ المذكورة.
تستثنى من أحكام الفقرة الأولى أعلاه آجال الطعن بالاستئناف الخاصة بقضايا الأشخاص المتابعين في حالة اعتقال، وكذا مد الوضع تحت الحراسة النظرية والاعتقال الاحتياطي.”
لقد وضعت حالة الطوارئ الصحية الانسان والدولة موضع الاختبار، وبدت أهمية التركيز على قيم التضامن والمصير المشترك ، ليس فحسب على المستوى الوطني ، ولكن أيضا على المستوى العالمي .
ومما لاشك فيه أن علاقات جديدة سيعرفها العالم إن بين الأفراد أو بين الدول،
وبدا واضحا أن موازين القوى ترسم من جديد وكأن الاجتماعي[14] يقوم ليسترد حقا سلب منه ردحا من الزمن .
عبد الواحد القريشي
Abdelouahad.elqoraychi@usmba.ac.ma
[1] ابتدأ إغلاق الحدود تدريجيا مع بعض الدول بصفتها دولا اكثر اصابة بوباء كورونا ، إلى ان تم تهعليق جميع الرحلات الدولية بتاريخ 15 مارس 2020 .
[2] بناء على تعليمات جلالة الملك أحدث صندوق خاص لتدبير ومواجهة وباء فيروس كورونا بموجب المرسوم 2.22.269 الصادر في 21 من رجب 1441 الموافق 16 مارس 2020 بإحداث حساب مرصود لأمور خصوصية ، الصادر بالجريدة الرسمية عدد 6865 مكرر بتاريخ 17 مارس 2020.
[3] مرسوم رقم 270.20.2 صادر في 21 من رجب 1441الموافق 16 مارس 2020 يتعلق بمساطر تنفيذ النفقات المنجزة من لدن وزارة الصحة.
[4] مرسوم رقم 2.12.349 صادر في 8 جمادى الأولى 1434 الموافق 20 مارس 2013 المتعلق بالصفقات العمومية ، الصادر في الجريدة الرسمية عدد 6140 الصادرة بتاريخ 23 جمادى الأولى 1434 ( 4 أبريل 2013).
[5] بموجب بلاغ لوزارة الداخلية صادر بتاريخ 19 مارس 2020 أعلن عن حالة الطوارئ الصحية التي ستبتدئ من يوم الجمعة 20 مارس 2020 ابتداء من الساعة السادسة مساء ، الموقع الالكتروني : http://covid19.interieur.gov.ma/actualites.aspx تاريخ الزيارة : 29 مارس 2020 الساعة الثالثة مساء.
[6] مرسوم بقانون 2.20.292 صادر في 28 من رجب 1441 الموافق 23 مارس 2020 ، المتعلق بسن أحكام خاصة بحالة الطوارئ الصحية وإجراءات الإعلان عنها ، الصادر بالجريدة الرسمية عدد 6867 بتاريخ 24 مارس 2020.
[7] مرسوم 2.20.293 صادر في 29 من رجب 1441 الموافق 24 مارس 2020 ، المتعلق بإعلان حالة الطوارئ الصحية بسائر أرجاء التراب الوطني لمواجهة تفشي فيروس كورونا كوفيد 19 ، الصادر بالجريدة الرسمية عدد 6867 بتاريخ 24 مارس 2020.
[8] قرار المجلس الدستوري رقم: 16/1010 م. د بتاريخ 12 يوليوز 2016 ، وقرار قرار المجلس الدستوري رقم: 16/1009 م. د
في الملف عدد: 16/1480 بتاريخ : 7 من شوال 1437(12 يوليو 2016).
[9] المادة السابعة من القانون رقم 31.13 المتعلق بالحق في الحصول على المعلومات الصادر بتنفيذه الظهير الريف رقم 1.18.15 بتاريخ 5 جمادى الاخرة 1439 الموافق 22 فبراير 2018 ،الجريدة الرسمية 6655 بتاريخ 12 مارس 2018 .
[10] وبطبيعة الحال لا تصل حالة الحصار المؤطرة دستوريا بموجب الفصلين 49 و74 من الدستور ولا إلى درجة الحرب المؤطرة دستوريا بموجب الفصلين 49 و 99 من الدستور .
[11] المادة الرابعة من مرسوم إعلان حالة الطوارئ الصحية .
[12] الظهير الشريف بمثابة قانون رقم( (1.75.168الصادر في 25من صفر 1397 الموافق 15 فبراير 1977 المتعلق باختصاصات العامل،
كما وقع تغييره وتتميمه.
[13] القانون التنظيمي رقم 113.14 الصادر بتنفيذه الظهير الشريف رقم 1.15.84 الصادر في 20 رمضان 1436 الموافق 07 يوليوز 2015 ، الجريدة الرسمية عدد 6380 بتاريخ 23 يوليوز 2015.
[14] القريشي عبد الواحد ، ” أزمة المرافق العامة بالمغرب ” ، مجلة إضاءات في الدراسات القانونية ، الموقع الالكتروني : www.idaat.net تاريخ الزيارة : 29 مارس 2020 .
*أستاذ باحث كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية ومدير إضاءات في الدراسات القانونية
تعليقات الزوار ( 0 )