يشهد المغرب في مطلع عام 2025 طفرة سياحية لافتة، بعدما استقبل أكثر من 5.7 ملايين زائر دولي خلال الأشهر الأربعة الأولى من السنة، في زيادة بلغت 23% مقارنة بالفترة نفسها من عام 2024، وفق بيانات وزارة السياحة المغربية.
ويعيد هذا الإنجاز المملكة إلى واجهة المقاصد السياحية العالمية بعد سنوات من التحفظات والتحديات الأمنية.
طفرة سياحية في موسم يُعد تقليديًا “باردًا”
وزيرة السياحة، فاطمة الزهراء عمور، وصفت هذه الأرقام بـ”الاستثنائية”، مشيرة إلى أن الفترة الممتدة من يناير إلى أبريل عادةً ما تكون أقل استقطابًا للزوار. وأضافت أن “هذا النمو السريع يعكس ثمار الجهود المكثفة للترويج للوجهة المغربية، وتعزيز استدامة وتحصين القطاع”.
وتبرز مدن مراكش وأكادير وطنجة كوجهات مفضلة لدى السياح البريطانيين، الذين بدؤوا بالتوجه إلى المغرب كبديل عن وجهات تقليدية مثل اليونان وإسبانيا، والتي باتت تشهد موجات مناهضة للسياحة الجماعية.
بريطانيا تصدر تحذيرًا: توتر إقليمي يهدد الاستقرار
ورغم الأرقام الإيجابية، حذّرت وزارة الخارجية البريطانية (FCDO) مواطنيها من “مخاطر محتملة” قد تنجم عن تصاعد التوتر في منطقة الشرق الأوسط، لاسيما بين إيران وإسرائيل.
ورغم أن التحذير لا يمنع السفر إلى المغرب، إلا أنه يدعو الزائرين البريطانيين إلى اليقظة، ومتابعة وسائل الإعلام، والامتثال لتعليمات السلطات المحلية.
كما تضمنت تحذيرات FCDO تنبيهات بشأن بعض التهديدات الأمنية داخلية مثل سرقة بطاقات الائتمان، الدلائل السياحيين المزيفين، وعمليات احتيال في الزواج. ونبهت كذلك إلى احتمالية اندلاع مظاهرات مفاجئة، خاصة في المدن الكبرى.
مفارقة النجاح والتحديات
المفارقة الكبرى أن النجاح السياحي المغربي يتزامن مع إشارات قلق أمنية دولية، ما يضع البلاد أمام تحدي مزدوج: الحفاظ على الزخم السياحي مع ضمان بيئة آمنة ومستقرة. وتعكس هذه المعطيات ضرورة التوازن بين التطوير الاقتصادي وتعزيز البنية الأمنية والقانونية.
فرصة للتألق… ومسؤولية مضاعفة
والمغرب اليوم أمام فرصة غير مسبوقة لإعادة ترسيخ مكانته كأحد أهم وجهات السفر العالمية. إلا أن الحفاظ على هذا الزخم يتطلب أكثر من فنادق ومنتجعات؛ إنه يتطلب بيئة آمنة، وخدمات عالية الجودة، وشفافية في التواصل مع السياح، خصوصًا مع تزايد الاعتماد على الأسواق الأوروبية.
وفي وقت ترتفع فيه مؤشرات النمو، يجب ألا يُغفل المغرب إشارات التنبيه، بل يجعل منها محركًا لتعزيز ثقة الزوار، وبناء تجربة سياحية آمنة ومستدامة، تليق بصورة بلد جميل ومتنوع ينتظر من يكتشفه من جديد.
تعليقات الزوار ( 0 )