في خطوة استراتيجية تعكس رغبة البلدين في تعزيز الشراكة الاقتصادية والانفتاح على آفاق تعاون جديدة، وقع المغرب وأوكرانيا اتفاقية غير مسبوقة في مجال النقل الطرقي الدولي، وذلك على هامش منتدى النقل العالمي المنعقد في إسطنبول يوم 28 يونيو 2025.
وهذا الاتفاق الذي وُصف بأنه “تاريخي”، وُقع من طرف نائب وزير تنمية المجتمعات والأقاليم الأوكراني، سيرهي ديركاتش، ووزير النقل واللوجستيك المغربي، عبد الصمد قيوح، بحضور وفود رسمية ومسؤولين دوليين.
ويهدف هذا الاتفاق إلى إرساء إطار قانوني وتنظيمي متكامل لتنفيذ عمليات النقل الطرقي للبضائع والمسافرين بين البلدين، إضافة إلى تنظيم عمليات العبور “الترانزيت” وتبادل التراخيص بين الجانبين.
كما ينص على عقد لجنة مشتركة لمتابعة تفعيل بنوده، وضمان تنفيذ الإجراءات التقنية والإدارية المرتبطة به. ويُعد الاتفاق أول شراكة من نوعها تربط أوكرانيا بدولة إفريقية في مجال النقل الطرقي، كما أنه أول اتفاق نقل جديد توقعه كييف مع دولة أجنبية منذ عشر سنوات، ما يمنحه رمزية سياسية واقتصادية خاصة.
وفي تصريح له، أكد سيرهي ديركاتش أن الاتفاق “خطوة مهمة نحو توسيع الربط الدولي لأوكرانيا وتعزيز قدراتها اللوجستية بعد سنوات من العزلة”، مضيفًا أن المغرب كان الشريك الأنسب لما يتمتع به من موقع استراتيجي وبنية تحتية متقدمة.
ويأتي هذا التفاهم في سياق دولي دقيق، تحاول فيه كييف تنويع شراكاتها وتعزيز صادراتها بعد الانسحاب الجزئي لفرنسا والغرب من محيطها الاستراتيجي، بينما يعمل المغرب على تعزيز مكانته كمركز عبور تجاري بين إفريقيا وأوروبا وأوراسيا.
وتجدر الإشارة إلى أن البرلمان الأوروبي كان قد صادق في 18 يونيو على تمديد اتفاق النقل بين الاتحاد الأوروبي وأوكرانيا حتى نهاية 2025، ما يفتح أمام المغرب فرصة إضافية للعب دور الوسيط اللوجستي في تصدير المنتجات الأوكرانية نحو الأسواق الإفريقية.
ووفق محللين، فإن هذه الاتفاقية يمكن أن تسهم في نقل الحبوب والمعادن والمنتجات الصناعية الأوكرانية عبر الموانئ المغربية، خاصة ميناء طنجة المتوسط وميناء الداخلة الأطلسي قيد الإنجاز.
من جانب آخر، يُنتظر أن تواجه عملية التفعيل تحديات تقنية، خصوصًا على مستوى فتح الخطوط البرية المنتظمة، وتنسيق المعايير القانونية والفنية بين الجانبين، إلا أن الطرفين أكدا استعدادهما لتجاوز هذه العقبات عبر اللجنة المشتركة.
ويمثل هذا الاتفاق خطوة جديدة في السياسة المغربية لتنويع الشركاء التجاريين خارج المحاور التقليدية، في إطار رؤية دبلوماسية طموحة لبناء تحالفات جنوب-جنوب ناجعة ومرنة، تجعل من المغرب فاعلًا متفاعلًا مع التحولات الدولية، لا مجرد مستقبل لها.
تعليقات الزوار ( 0 )