Share
  • Link copied

المغرب في قلب العاصفة الطاقية الأوروبية: صادرات غير مسبوقة من الديزل إلى إسبانيا تُنعش الاقتصاد وتُقلق بروكسيل

في تطور مثير في العلاقات الطاقية بين المغرب وإسبانيا، كشفت وسائل إعلام إسبانية، من ضمنها موقع Business Insider España، عن تحقيق صحفي يشير إلى وجود شكوك متزايدة بشأن منشأ كميات كبيرة من الوقود، وخصوصًا الديزل، الذي صدره المغرب إلى إسبانيا خلال الأشهر الأخيرة.

وأوضحت المصادر ذاتها، أنه وفي ظرف شهرين فقط، ما بين مارس وأبريل 2025، استوردت إسبانيا 123 ألف طن من الديزل المغربي، وهو ما يمثل رقمًا قياسيًا غير مسبوق، ويطرح علامات استفهام حول مصدر هذا الوقود.

وتشير التحقيقات الإعلامية الإسبانية، المدعومة بآراء محللين دوليين مثل تايلر ديردن من موقع Zero Hedge، إلى احتمال أن يكون جزء من هذا الديزل مصدره روسيا، ويتم تمريره عبر المغرب لإخفاء مصدره الأصلي، في ظل العقوبات الأوروبية المفروضة على موسكو منذ بداية الحرب في أوكرانيا.

ويذهب البعض إلى القول إن المغرب قد يُستخدم كـ”دولة عبور” يتم من خلالها إعادة تصدير الوقود الروسي ببطاقة منشأ مغربية، وهو ما يُمكّن من التحايل على القيود الأوروبية الصارمة، دون أن يكون للمملكة دور مباشر في أي خرق قانوني.

وفي ظل التحول الجيوسياسي الذي تعرفه الساحة الدولية، تبنّى المغرب خلال السنوات الأخيرة استراتيجية طاقية قائمة على التنويع والاندماج الإقليمي، وهو ما جعل الرباط ترفع من وتيرة تعاونها مع مدريد في المجال الطاقي.

وتأتي صادرات الديزل في هذا السياق كتعبير عن قدرات المملكة على تكرير وتصدير المنتجات البترولية، خاصة في ظل التوسّع الذي شهدته مصفاة المحمدية التي عادت جزئيًا للخدمة بفضل استثمارات خاصة.

لكن في المقابل، فإن ربط هذه الصادرات باحتمال تمرير وقود روسي يضع المغرب أمام إشكال دبلوماسي حرج. فبين سعيه لتعزيز موقعه كمركز إقليمي للطاقة، وحاجة شركائه الأوروبيين لبدائل عن الغاز والنفط الروسي، يجد المغرب نفسه وسط معادلة معقّدة تتطلب شفافية عالية وحذرًا دبلوماسيًا.

وبعيدًا عن الجدل، فإن العلاقات الطاقية بين المغرب وإسبانيا بلغت في 2025 ذروتها، ليس فقط في مجال المشتقات النفطية، بل أيضًا في الغاز الطبيعي. فقد أصبحت إسبانيا، رسميًا، المصدر الأول للغاز الطبيعي نحو المغرب، متجاوزة فرنسا، بفضل الاستعمال المعكوس لأنبوب الغاز المغاربي-الأوروبي، الذي يمر عبر المملكة.

وقد استورد المغرب في فبراير فقط أزيد من 700 غيغاواط/ساعة من الغاز الإسباني، ما يمثل 16.5% من مجمل صادرات الغاز الطبيعي الإسباني، معتمدًا أساسًا على محطة طحدّارت الحرارية شمال مدينة أصيلة، وهي واحدة من أبرز محطات توليد الكهرباء بالمملكة.

الحكومة الإسبانية، حسب نفس المصادر، فتحت تحقيقات منذ سنة 2023 للكشف عن مصدر بعض شحنات الوقود المستورد، لكنها لم تتوصل إلى أدلة دامغة تؤكد أن الديزل الذي يصل من المغرب هو روسي الأصل. غير أن غياب الإثبات لا يمنع من استمرار الشكوك، خصوصًا وسط ضغوط سياسية داخلية على الحكومة الإسبانية لعدم التساهل مع أي خرق محتمل للعقوبات الأوروبية.

في المقابل، لم يصدر أي تعليق رسمي من الرباط، مما يعكس على الأرجح رغبة السلطات المغربية في عدم الزج بنفسها في مواجهة إعلامية أو سياسية حول ملفات تتعلق بحساسيات دولية لا تصبّ في مصلحة المملكة.

ومن منظور مغربي، فإن ما يحصل اليوم هو أحد تحديات موقعه الجغرافي والإستراتيجي، حيث يجد نفسه بين شريك استراتيجي أوروبي (إسبانيا) يبحث عن موارد طاقية جديدة، وشركاء دوليين كروسيا، يُحتمل أن ينخرطوا في شبكات معقدة لتسويق مواردهم رغم العقوبات.

Share
  • Link copied
المقال التالي