تسبب فيروس كورونا المستجد، في أزمة خانقة لمختلف القطاعات المهنية بالمغرب، بعدما قررت الحكومة إعلان حالة الطوارئ وفرض حجر صحي، منذ مارس الماضي، تلاها اتخاذ مجموعة من الإجراءات والتدابير الوقائية، من بينها، إغلاق الحدود البحرية والجوية والبرية للمملكة، إلى جانب منع مزاولة العديد من الأنشطة المهنية غير الأساسية.
ومن بين القطاعات المتضررة بشكل كبير، السياحة، التي تكبدت خسائر فادحة بعدما منع النقل الدولي، ما انعكس سلبا على باقي المهن المرتبطة بهذا القطاع، وعلى رأسها الإرشاد السياحي، الذي فقد مهنيوه مصدر رزقهم منذ ما حوالي ستة أشهر، ليضطر عدد كبير منهم للبحث عن مهن جديدة تكفل لهم إعالة أسرهم الصغيرة والكبيرة.
وعكس مجموعة من الأنشطة المهنية، التي تمكنت من استئناف عملها، بعد تخفيف الحجر الصحي، يبقى المرشد السياحي في نفس الوضعية التي كان عليها بعد إغلاق النقل الدولي، من دون عمل، ليبقى مستقبله رهينا بالوضعية الوبائية، التي لاتزال معالمها غير واضحة، في ظل الارتفاع الكبير لعدد الإصابات اليومية.
وكان المرشدون يتأهبون لدخول الموسم السياحي، الذي يبدأ في مارس من كل سنة، ويمتد لحوالي 120 يوما، غير أن دخول فيروس كورونا المستجد في ذات الشهر الذي يفترض أن ينطلق فيه عمل المرشدين، تسبب في تمديد فترة العطالة التي دامت عند البعض من غشت 2019، لغاية اليوم.
واضطر العديد من المرشدين السياحيين، للبحث عن مهن جديدة لإعالة أسرهم، حيث بات مجموعة منهم “مياومين”، وآخرون “خضارة”، والبعض بحث عن في المحلات التجارية، فيما ظلت فئة أخرى تنتظر تحرك الدولة لتوفير دعم لها، بعد الضرر الجسيم الذي لحق بها، وبالقطاع السياحي عامة.
ويرى المرشدون السياحيون بأن ما يمرون به اليوم، يعد أسوء مرحلة في تاريخ الإرشاد السياحي بالمملكة، لأنه لم يسبق أن أغلقت الحدود لهذه االمدة، مطالبين بضرورة التفاتة الدولة إلى القطاع، بالرغم من الموافقة على صرف دعم مالي شهري لغاية نهاية السنة الحالية، إلا أن انعكاسات الجائحة، يرجح أن تستمر لما بعد 31 دجنبر المقبل، ما يُفترض معه، استمرار الجهات الوصية في مواكبة قطاع الإرشاد السياحي.
ولم يستفد المرشدون السياحيون، الذين يناهز عدده الـ 4000 شخص، من الدعم الذي كانت قد أعلنت عنه وزارة السياحة، في إطار البرنامج التعاقي 2020-2022، لإقلاع القطاع السياحي، والذي قدر بـ 2000 درهما لكل شخص، من 1 يوليوز لغاية 31 دجنبر المقبل، لحد الآن، وذلك بالرغم من كونه أكثر المكونات القطاع السياحي تضررا.
ويعتبر المرشد السياحي، حسب كثير من مهنيي القطاع، النقطة الفاصلة التي قد تؤدي إلى إنعاش القطاع السياحي، لأن إتقان دوره ونجاحه في استقطاب السياح إلى أماكن جميلة بالمغرب، وحسن تعامله معهم، يعني وفق إحصائيات غير رسمية أنه سيكون وراء عودة حوالي 40 في المائة من الأجانب للمملكة.
وفي هذا السياق، قال لطفي ابن إبراهيم، الكاتب العام للجامعة الوطنية للمرشدين السياحيين، في تصريح ليومية “بيان اليوم”، بأن المرشدين السياحيين هم أول من تضرر من فيروس كورونا، إضافة إلى كونهم آخر من يمكن أن يستعيد نشاطه ويتخلص من تبعات الجائحة، لأن مصيره مرهون بالسياحة؛ المرهونة هي الأخرى بفتح الحدود المغلقة منذ مارس.
لطفي ابن إبراهيم، أكد في التصريح السابق، بأن الجامعة الوطنية للمرشدين السياحيين، ربطت الاتصال، منذ بداية الجائحة، بوزارة السياحة، باعتبارها الجهة الوصية على القطاع، بهدف إطلاعها على الوضع المادي المتدهور للمرشدين، مطالبة باستفادة الفئة من دعم مالي مباشر غلى غرار باقي القطاعات المتضررة من فيروس كورونا.
ومنح القرار الأخير الذي اتخذته السلطات المغربية، بشأن السماح بدخول السياح الأجانب إلى المملكة، بشرط أن يكون لديهم حجز فندقي، حيث قال الاتحاد العام لمقاولات المغرب، في بيان له، إن الأجانب الذين لا يخضعون لتدبير التأشيرة دخول المغرب بداية من الأحد الماضي، _ منح _ بصيصا من الأمل للمرشدين السياحيين، الذين يمنون النفس في عودة القطاع للتنفس من جديد.
وبالرغم من أنه من المستبعد أن يعرف القطاع السياحي انتعاشة بعد السماح للأجانب بالدخول في ظل الفترة الاستثنائية الراهنة، ونظرا للقيود الصارمة التي تفرضها سلطات العديد من الدول، بعد الخروج من البلاد وقبل الدخول، ومن بينها ضرورة التوفر على نتائج سلبية لاختبار الكشف عن فيروس كورونا، إلا أن القرار يظل مبشرا بالنسبة لمهنيي القطاع السياحي ومن بينهم المرشدين.
يشار إلى أن الجامعة الوطنية للمرشدين السياحيين، أجرت العديد من الحوارات مع وزارة السياحة ووزارة الشغل وإدارة الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، من أجل إيجاد صيغة توافقية لتوفير حماية اجتماعية لكافة المهنيين بقطاع الإرشاد السياحي، بهدف تحسين وضعيتهم في المستقبل.
تعليقات الزوار ( 0 )