شارك المقال
  • تم النسخ

القوى الناعمة بالمغرب

كثر الحديث في الاونة الاخيرة عن القوى الناعمة، وما شابه ذلك من المفاهيم، التي يتم تقديمها للرأي العام الوطني كمفاهيم لها خصوصية مختلفة عن باقي المفاهيم الأخرى، مثل الدبلوماسية الموازية، والبروبغندا، والتخابر، والتجسس…

من الجيد جدا أن تكون لدينا في المغرب قوى ناعمة، ولكن من حق الرأي العام الوطني الذي يستهلك مثل هذه المفاهيم ، أن يطرح سؤالا مباشرا: لمصلحة من تشتغل تلك القوى الناعمة؟ وما مدى خطورتها على الأمن القومي للبلد؟

هل تشتغل لفائدة الإمارات العربية المتحدة؟ أم لفائدة إسرائيل؟ أم لفائدة إيران؟ أم لفائدة قطر ؟ أم لفائدة فرنسا؟ أم لفائدة أمريكا؟ أم لفائدة كندا؟ أم لفائدة الجزائر؟ أم لفائدة المملكة المغربية؟

لا يطرح أي إشكال إذا كانت القوى الناعمة تشتغل من أجل خدمة مصالح الدولة والمجتمع في المغرب، ولكن عندما تتحول تلك القوى إلى أداة لخدمة أجندات أجنبية، هنا نصبح أمام عملاء محليين يمارسون التخابر والتجسس تحت يافطة القوى الناعمة.

لا يمكنُ تدويخ الرأي العام بعبارة القوى الناعمة، في الوقت الذي يعلم فيه الجميع أن هناك معتقلين في السجون المغربية، اتهموا بالتخابر ضد المغرب، وبخدمة الأجندات الاجنبية، لمجرد انهم مارسو عملهم الصحفي أو طالبوا بمستشفى وجامعة ومدرسة ومعمل.

ينبغي أن نضع النقاط على الحروف ونفتح نقاشا هادئا لكي نحدد المفاهيم بدقة، حتى لا تختلط علينا الامور، وتتحول العمالة، والخيانة، والتجسس، والارتباط بالخارج، كممارسات مشينة، إلى مجرد قوى ناعمة.

لا يمكن لأي جهة تخدم مشاريع غير وطنية، الاختباء وراء مفاهيم مشبوهة، لتبرير ممارسات يمكن أن تمس بأمن الدولة واستقرارها.

من خلال استقراء توجهات الرأي العام، انطلاقا مما ينشر في الصحافة والإعلام، وفي مواقع التواصل الاجتماعي، على خلفية ما يقع من أحداث في فلسطين المحتلة، يبدو أن هناك قوى ناعمة كثيرة في المغرب وكلها للأسف الشديد تخدم أجندات خارجية.

هناك من يتحدث عن انتصار الدم على السيف، وهناك من يمارس الوصاية على الدولة والمجتمع ويرفع شعار كلنا إسرائيليون، وهناك من أصبح ناطقا رسميا باسم المقاومة ومحور الممانعة، وهناك من باع الجمل بما حمل وأصبح يدافع عن توجهات فرنسا عوض الدفاع عن توجهات بلده، وهناك من تحول إلى بوق دعاية لدول خليجية.

أين هي القوى الناعمة التي تخدم مصلحة المغرب؟ وكيف حدث كل هذا الانقسام في توجهات الرأي العام إلى الحد الذي أصبح البعض يصيح “كلنا إسرائيليون” ويرد عليه البعض الآخر ب “كلنا فلسطينيون” ويصيح ثالث لبيك يا حسين، ويهتف رابع كلنا “كيف كيف”؟

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي