نفت الرباط شراء أو استخدام برنامج “Pegasus” الذي تنتجه مجموعة (NSO) ومقرها إسرائيل، أو التنصت على هواتف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وأعضاء في حكومته، لكن هذه المزاعم تأتي في الوقت الذي أصبحت فيه السياسة الخارجية للمملكة أكثر حزما، وفقا للفايننشال تايمز.
وذكرت الصحيفة البريطانية في تقرير لها يومه (الأحد) أنه حتى قبل الادعاءات بأن المغرب ربما حاول التنصت على هواتف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، فإن المملكة المغربية كانت تمر بوقت عصيب مع القوى الأوروبية.
وسمحت الرباط للمهاجرين بالدخول إلى إسبانيا لأنها كانت منزعجة من مدريد على خلفية استقبال الأخيرة لزعيم جبهة البوليساريو على أراضيها، وقطع المغرب أيضا العلاقات مع السفارة الألمانية حول موقفها من قضية الصحراء.
وأدت مزاعم التجسس التي تم الإعلان عنها الأسبوع الماضي حول استخدام الحكومات لبرمجيات Pegasus الضارة، التي أنشأتها مجموعة NSO الإسرائيلية، إلى تصعيد التوتر بشكل أكبر، حيث ظهرت هذه المزاعم كجزء من تحقيق أجرته منظمة Forbidden Stories غير الربحية و17 شريكًا إعلاميًا.
وقالت صحيفة “لوموند” الفرنسية إن المغرب ربما استهدف هواتف محمولة تخص ماكرون و15 وزيرا فرنسيا في إطار عملية تجسس إلكتروني ربما شملت أيضا استهداف ستة آلاف هاتف يخص مسؤولين وسياسيين جزائريين وآخرين.
وأضاف تقرير الصحيفة البريطانية الواسعة الانتشار، أن فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة للمغرب، تعتبر الرباط حليفا وثيقا في الحرب ضد الجهادية وهي أكبر شريك تجاري للمغرب.
وقال ريكاردو فابياني، الخبير في مجموعة الأزمات الدولية، إن توقيت الكشف عن المعلومات كان “ضارًا بشكل خاص بالمغرب الذي يمر بأزمتين دبلوماسيتين كبيرتين مع كل من إسبانيا وألمانيا، ولا يمكن فتح جبهة ثالثة مع فرنسا”.
وقالت شركة شمال إفريقيا ريسك كونسلتينج ومقرها الولايات المتحدة: “يمكن القول إن مكانة المغرب في أوروبا لم تكن أقل من أي وقت مضى، وأن التجسس المحتمل يتناسب مع نمط عدواني بشكل متزايد في السياسة الخارجية المغربية”.
وجادل فابياني من كرايسز جروب بأن التغيير في موقف واشنطن “جعل المغرب أكثر مرونة” بشأن الصحراء المغربية، وشجعها على محاولة الحصول على اعتراف أوسع بسيطرتها على المنطقة.
وبدأت فرنسا تحقيقا في مزاعم التجسس، بعد أن التقى ماكرون بمسؤولين أمنيين كبار يوم الخميس، وقال الإليزيه: إن “الرئيس يأخذ الموضوع على محمل الجد ويتابع تقدم التحقيق عن كثب”، لكنها شددت على أنه “لم يظهر أي يقين في هذه المرحلة” على صحة المزاعم.
من جانبه، نفى المغرب بشدة قيامه بأي من هذه الإجراءات أو أنه اشترى برمجيات لاختراق الهواتف المحمولة، وهو ما عبر عنه شكيب بنموسى، سفير المغرب في باريس، لـ”لو جورنال دو ديمانش” أن أولئك الذين وجهوا مثل هذه الاتهامات ضد بلاده يجب عليهم الآن تقديم أدلة، مردفا أن “في هذه القصة المغرب ضحية”، وهذه محاولة لزعزعة الاستقرار.
ونقلت وسائل إعلام فرنسية عن أوليفييه باراتيللي، المحامي الفرنسي الذي يمثل المغرب، قوله إن المملكة ستقاضي كلاً من “القصص المحرمة” ومنظمة العفو الدولية بتهمة التشهير في باريس، كما قدمت مجموعة حقوق الإنسان بحثًا تقنيًا للتحقيق الإعلامي، وكانت قد قالت في السابق إن لديها أدلة على أن المغرب استخدم بيغاسوس لاختراق هواتف الصحفيين المحليين ونشطاء حقوق الإنسان.
في المقابل، قالت الرباط إن منظمة العفو لم تظهر أي دليل يربط المغرب بالتجسس على الصحفيين، كما أن فرنسا هي الشريك التجاري والاستثماري الأول للمغرب وداعم ثابت لمصالحه في الصحراء المغربية في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
من جانبه، قال دبلوماسي فرنسي سابق: “لطالما أراد المغرب أن يعرف ما نفكر فيه حقًا بشأن سياسة الصحراء، وليس فقط ما نقوله لهم”. كما أنهم يهتمون حقًا بما يعتقده العديد من اللاعبين الفرنسيين بشأن قضية الصحراء”.
وأكد فابياني، على أنه بينما كانت فرنسا لا تتزعزع في دعمها للموقف المغربي بشأن الصحراء المغربية، فإن باريس “اختلفت أحيانًا مع مواقفها المتشددة بشأن هذه القضية”. وأضاف “أنه لن يكون مفاجئًا إذا كان المغاربة يريدون مراقبة الفرنسيين”.
وأضاف أن حقيقة أن فرنسا كانت أيضًا شريكًا وثيقًا للجزائر، الراعي الرئيسي للبوليساريو ، ساهمت في انعدام الثقة، بينما يؤكد المراقبون أنه حتى لو أحرجت مزاعم التجسس المغرب وأثارت قلق فرنسا، فإن البلدين سيرغبان في احتواء التداعيات من أجل التعاون الأمني.
وأشار الدبلوماسي الفرنسي، إلى أن المخابرات المغربية “يقظة جدا وفعالة جدا”، وساعدوا فرنسا كثيرًا في التحقيق في الهجمات الإرهابية التي تعود إلى هجوم مدريد عام 2005 ، فضلاً عن البقاء على رأس التهديد الإسلامي في أوروبا”.
تعليقات الزوار ( 0 )