شارك المقال
  • تم النسخ

“الغش” في مباريات التعليم.. من يتحمل مسؤولية تحريف جوهر مهنة تربية الأجيال؟

بالرغم من كل الانتقادات التي يوجهها الأساتذة المتعاقدون اليوم، لنظام التوظيف بالعقدة، الذي فرضته وزارة التربية الوطنية والتكوين المعني والتعليم العالي والبحث العلمي، سنة 2016، إلا أن المباريات التي يتم الإعلان عنها، تعرف ترشح عشرات الآلاف لها، كما يوظف المترشحون كل الأساليب المشروعة وغير المشروعة من أجل الحصول على منصب بها.

وعرف عدد المترشحين والمترشحات لمباريات الأساتذة أطر الأكاديميات (المتعاقدون)، ارتفاعاً كبيراً في السنوات الأخيرة، حيث انتقل من 154 ألف سنة 2018، إلى 186 ألف سنة 2019، ثم وصل لـ 287 ألف خلال سنة 2020، الجارية، الرقم الأخير، أرجعه البعض إلى فقدان العديد من المستخدمين للشغل خلال فترة تفشي كورونا، الأمر الذي دفعهم إلى توجيه البوصلة نحو “التعاقد”.

وتشهد مباريات التوظيف، تفاقم ظاهرة الغش، التي باتت أمراً طبيعيا، حيث يعمد أغلب المترشحين والمترشحات، إلى إنشاء مجموعات على تطبيقات التراسل الفوري مثل “واتساب” و”تيليغرام”، إضافة إلى مواقع التواصل الاجتماعي، وعلى رأسها “فيسبوك”، كما يختارون آخرون، الاتفاق مع أحد قدماء الأساتذة، من أجل أن يرسل له الأجوبة.

ووقفت “بناصا”، على عشرات مجموعات “الواتساب”، التي أنشأها المترشحون على مستوى الأكاديميات والمديريات، من أجل تلقي الأجوبة من أساتذة من أفواج سابقة، وهو الأمور التي يبررها المقبلون على هذه الوسائل غير المشروعة، بأن “الجميع يغشون، وإن لم نفعل ذلك، لن نمرّ، ونحن مجبرون ومضطرون، كل شيء في الدولة مبني على الغش”، على حد قول أحد المعنيين بالموضوع.

شخص آخر، اختار الأساليب غير المشروعة، أوضح لـ”بناصا”، بأن “الدولة هي من تتحمل المسؤولية، لأننا نشأنا نغش، ونرى الغش منذ صغرنا، وهو ما لا يسمح بتكافؤ الفرص”، مردفاً: “أنت تجتاز الامتحان وترى الجميع يغشون؟ ماذا تفعل؟ أنا شخصيا سبق لي أن رستب في مباراتين لأني كنت أرفض الغش، ولكن هذه المرة سألجأ إليه، علني أمر”.

وفي السياق نفسه، أرجع مترشح ثالث، يعتزم الغش، في حديثه للجريدة، بأن “وزارة التربية الوطنية تتحمل كامل المسؤولية فيما يقع، وفي تفاقم ظاهرة الغش، لأنها لا تتعامل بصرامة معها، وهو الأمر الذي يجبر الأشخاص الذين يفرضون الغش، على المشاركة فيه، مكرهين، نظرا لأن الجميع يستعماله، سيما أولئك الذين سبق لهم الفشل في النجاح في المباراة بدون غش”.

وفي الجانب المقابل، يستنكر العديد من الأساتذة، هذه الممارسات، معتبرين أنها تشوّه المهنة، وتحرف المعاني السامية لدور مربي الأجيال، مشددين على أن “الغشاش لا يمكن أن يقدم أي إضافة للتربية، كما أنه لا يتسبب سوى في مزيد من المشاكل داخل المنظومة”.

وتعليقاً على هذا الموضوع، أوضح عبد الله قشمار، أستاذ وفاعل تربوي، بأن “انتشار ظاهرة الغش وسط المجتمع راجع بالأساس لسيادة شعار: خلي ولاد الشعب يعيشو ويخدمو، هذا الشعار الذي أحلَّ الرشوة والفساد بين كل أفراد الأمة”، متابعاً: “إن استفحال هاته الظاهرة مردها انحلال القيم والمبادئ، وكل ذلك ساهم فيه الجميع بدون استثناء”.

وأضاف قشمار، في تصريحه لجريدة “بناصا”، بأنه “لابد للجهات المسؤولة والأسر المغربية أن تعي بأن ما بني على باطل سيظل باطلا، وأن السماح مع أية ممارسة فاسدة سنتحمل عواقبها في المستقبل”، منبهاً إلى أن “خير دليل على ذلك الآن هو التراجع التربوي والأخلاقي لأبنائنا”.

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي