شارك المقال
  • تم النسخ

العلاقات الرضائية.. باحث يحذر من خطورة اللعب بالنار في قضايا المجتمع والدولة

فجرت قضية “فتاة تطوان”، نقاشا قديما جديدا، بشأن مسألة إلغاء الفصل 490 من القانون الجنائي الذي يجرم العلاقات الرضائية، بين مؤيد ورافض له، لاسيما بعد أنْ أطلقت حركة “خارجة على القانون” حملة رقمية تدعو إلى إسقاطه، وإلغاء القوانين التي تجرم العلاقات الجنسية خارج إطار الزواج.

وفي سياق السجال الدائر، قَال الأكادّيمي المغربي والباحثُ في قضايا الفكر واللغة، إدريس جنداري، إنّ القانون الجنائي المغربي في تناوله لجرائم العرض (من الفصل 483 إلى 504)، كان يستند إلى مرجعية أنثربو-سوسيو-تاريخية صلبة تتعامل مع الناس من منظور اجتماعي منظم وليس من منظور مشاعي بدائي.

وأضاف، جنداري، أنه باعتبار المغرب جزءا من بنية وتاريخ التشريع الإسلامي، فإنّ المشرع قد استند إلى المرجعية الدينية، من منظور مقاصدي يسعى إلى حماية العرض الذي يعتبر من الكليات الخمس، مؤكدا أن الديانات ساهمت، بشكل حاسم، في تقنين ممارسة العلاقات الجنسية عبر تحريم زنا المحارم، و حصر العلاقات الجنسية في مؤسسة الزواج.

وأوضح المتحدث ذاته، ضمن تصريح أدلى به لجريدة “بناصا”، أنّ حصر العلاقات الجنسية في مؤسسة الزواج هو، ثمرة مسار طويل من تطور الإنسان، وليس تعاليم دينية مثالية. مع واجب التأكيد على الدور الذي لعبته الديانات في هذا المسار من التطور.

وأكد جنداري، وهو يستحضر التحليل الذي قدمه «روي جاكسون» في كتابه «نيتشه والإسلام» حول النقاش الدائر حول الفصل 490 من القانون الجنائي الذي يجرم العلاقات الرضائية، أنّ النزعة المشاعية في العلاقات الجنسية نزعة بدائية سابقة لبروز قانوني تقسيم الأرض الذي أدى إلى الملكية الفردية، وتقنين الجنس الذي أدى إلى تبلور مؤسسة الزواج.

وما أثار الفيلسوف نيتشه في منطق الإسلام، هو نزعته البيولوجية/الغريزية المفرطة، في تأسيس قيمه الأخلاقية، إلى درجة ترتقي بها إلى مستوى الأخلاق العملية، فعلى خلاف المثالية المسيحية التي أسست لأخلاق العبيد، أسس الإسلام لأخلاق السادة انطلاقا من نزعة بيولوجية تتعامل مع الإنسان كنموذج واقعي تتحكم فيه الغرائز الطبيعية.

وقد أثارني، يضيف جنداري، حديث ينقل واقعة شاب تقدم إلى الرسول (ص) يستئذنه بممارسة الزنا، حيث أن تعامل الرسول مع الشاب، جسّد بشكل دقيق منطق الإسلام الذي يؤسس أخلاقه على أساس بيولوجي و يتعامل مع الإنسان كواقع وليس كنموذج مثالي كما تجسد ذلك المسيحية.

وأضاف المتحدث ذاته، أنّ الرسول (ص) كان عبقريا (عبقرية الوحي) حينما استدرج الشاب بأسئلة (سقراطية) وظيفتها توليد القيم الأخلاقية البديلة أكثر من ترقب الأجوبة، وسأل الرسول الشاب قال: (أتحبه لأمك؟)، قال: لا والله، جعلني الله فداءك، قال: (و لا الناس يحبونه لأمهاتهم)، قال: (أفتحبه لابنتك؟)، قال: لا والله يا رسول الله، جعلني الله فداءك.

قال: (ولا الناس يحبونه لبناتهم)، قال: (أفتحبه لأختك)، قال: لا والله، جعلني الله فداءك، قال: (و لا الناس يحبونه لأخواتهم)، قال: (أفتحبه لعمتك؟)، قال: لا والله، جعلني الله فداءك، قال: (ولا الناس يحبونه لعمَّاتهم)، قال: (أفتحبه لخالتك) قال: لا والله، جعلني الله فداءك، قال: (ولا الناس يحبونه لخالاتهم)، قال: فوضع يده عليه، وقال: (اللهم اغفر ذنبه).

وأوضح جنداري، أنه من خلال هذه الواقعة التي ينقلها الحديث، يمكن تسجيل الملاحظة التالية، هي أن الرسول، في هذه الواقعة، وهو يستفسر الشاب، كان يستند إلى هذا المسار الطويل في تطور الإنسان من مرحلة المشاعية إلى مرحلة المجتمعات المنظمة، ولذلك كان ُيولّد نموذجا جديدا من الأخلاق العملية يقطع مع النموذج البدائي.

وحذر المصدر ذاته، من خطورة اللعب بالنار، فيما يتعلق بقضايا المجتمع والدولة، قائلا إن الأمر يتجاوز، بكثير، تغذية النزعات الفردية، الأمر أكثر ارتباطا بالأمن والاستقرار في المجتمع، وهذا الرهان لا يمكن أن يتحقق عبر الشعارات الثورجية الزائفة، ليس على المستوى السياسي فحسب، ولكن على المستوى الاجتماعي كذلك .

شارك المقال
  • تم النسخ
المقال التالي